• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : بين عزلة المثقفين وثقافة الانسحاب الذاكرة الجمعية ومشروعات بناء المستقبل .
                          • الكاتب : د . ماجد اسد .

بين عزلة المثقفين وثقافة الانسحاب الذاكرة الجمعية ومشروعات بناء المستقبل

 مع تراجع عدد القراء و الشغف بما يكتب وينشر رغم ندرته قياسيا بما يحصل خارج منظومة العالم الثالث ، ومع ان مايكتب وينشر غالبا لا يتجاوز حدود الوسط الذي يظهر فيه ، فَأن الحديث عن مكونات الثقافة الجمعية لم يلق وقفات نقدية تحفر في اللاوعي الجمعي وفي مكوناته وما آلت اليه التقاليد الثقافية من تمسك بالحصانات الراسخة من ناحية او بالقطيعة معها نحو مجتمعات النخبة من ناحية ثانية ، 
في الحالتين كان الرأي العام خارج أزمات العصر وتحولاته ومتغيراته اما الان الوعي بما يحصل يستند الى الحقائق والخبرة والتقاليد وأما للمحاكاة التي أكدت المسافة بين الوافد الجذاب او المفروض بحتميات الهيمنة وبين ما ينتج من تجارب في حدودها الضيقة وانعدام فعاليتها في نهاية المطاف .
للشعوب بلا استثناء ذاكرة جمعية لها جذورها الضاربة بالقدم ولكل شعب ضمن هذه الذاكرة الجمعية خصائصه في الحفاظ على علاماتها وشعاراتها وقدرتها على النمو بل والتطور في مواجهة المستحدثات الكبرى الخاصة بالنظريات الى الكون / الطبيعة / والى الأنظمة البشرية وترابطها جدليا بينها في مسيرة الحضارة البشرية .
فالتقدم لن ينقلب الى ارتداد ويتنصل من المسؤولية نحو فضاءات العصر بل يتخذ سلاسل من الاستجابات لبلورة الطرق البديلة التي تسمح للحاضر ان لايكون استنساخا لازمنته المندثرة والتي دخلت الى المتحف وتصنع منه إرادة متوازنة بين التطبيقات العملية للحياة ذاتها وأشكالها الثقافية العامة الوليدة ، فالتجديد وان كان مفهوما كلاسيكيا يخص ما ينتج في الاسواق من علامات مبتكرة ضمن المنافسة لكنه عمليا لن ينفصل عن نزعة الانسان في تجديد حياته وأشكالها .
والآن .. للنظر الى القرن الماضي ونتفحص الأشكال المستحدثة في القارات غير الأوروبية ومنها اسيا واقاليم الوطن العربي في شتى المجالات الحيوية كالزراعية والصناعية والتربوية والعمران بصورة عامة .. الخ وبين الدور المحدود للمؤسسات الثقافية وللنخب الثقافية ! 
فهل كانت ثمة وقفات تحفر في الأسباب التي أدت الى ما هو عليه هذه القارات دون اغفال ان هناك وثبات ومقترحات خلاقة في مجالات استثمار الخامات والموارد والطاقات البشرية وفي معالجة الإشكاليات الفلسفية التي تحولت الى ضرب من الممنوعات ازاء آليات عمل الذاكرة الجمعية في شتى المجالات ! 
قطعا هذه الإشارة لن تهمل معيار المقارنة بين بلدان جددت رؤيتها الى الكون عبر الفيزياء والكيمياء وبرمجيات الموروثات وجددت رؤيتها الى الانسان وموقعه في الطبيعة والأنواع الاخرى وفي المجتمعات المتحاورة او المتناحرة لم تكن الحرية عاملا وحيدا في هذا التطور ، فمحاكم التفتيش بقسوتها في البطش لم تقدر ان تمنع أوروبا للخروج من ظلام القرون الوسطى بل كانت هناك نزعة ثقافية فرضت وجودها في صناعة المصائر لا في دفنها ورميها فوق المزابل ! 
في الشعوب التي مكثت لا تعرف ماذا تعمل وكيف تفكر عاشت حقبا ازدهرت فيها شتى التيارات والأفكار في الغالب كان حضورها يلقي المعارضة والتدمير فلم تزدهر الا الذاكرة الجمعية مرة اخرى بالاتكاء على بناء حياتها القائمة على الاستيراد لا للمعرفة والسلع الضرورية والكماليات بل الى تقليد منح شخصيتها مقاومة الخروج من عصر الاستهلاك ومن محاولات وضع البدائل للحفاظ في الاقل على ازمنة كانت لديها مبادراتها الخلاقة ! 
لا احد يستطيع ان يشخص لماذا عند المقارنة مع البلدان المتقدمة تراجع عدد القرّاء وتراجع النشر وتراجعت البرامج العلمية تحولت الذاكرة الجمعية في الغالب الى مستثمر اعظم لا للذاكرة فحسب بل للمصائر وفي مقدمتها مشروعات بناء الانسان !
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=82400
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 08 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28