• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : المجالس الحسينية واثرها على السلوك الانساني .
                          • الكاتب : حسن الهاشمي .

المجالس الحسينية واثرها على السلوك الانساني

 المجالس مدارس، ولاسيما تلك التي تقام تخليدا لذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام، كيف لا وهي تقوم بتذكير الناس بالأحكام الشرعية من العبادات والمعاملات وتبيين سير الرسول الأكرم والأئمة المعصومين وما تحمله من مناقبيات وفضائل وبما تكرسه من مفاهيم موضحة ومفسرة ومبينة لآيات الذكر الحكيم، وبما يتعلم الإنسان المسلم منها قيم الحرية والكرامة والثورة ضد الظلم والقهر والاستهتار بالقيم والمقدسات التي طالما يلجأ إليها الطغاة والظلمة، ولعل من أبرز الدواعي لمحاربة تلك المجالس من قبل الطغاة هي الرسالة النهضوية المستكنة فيها ضد كل أنواع الفساد، ولربما أضحت تلك المجالس غصة في حلق الظلمة منذ استشهاد الإمام حتى قيام الساعة، حيث أن المجالس الرسالية تبقى أبد الدهر العائق الرئيسي لطموحات الأنظمة الطاغوتية وكلما علا صوتها كلما لقينا منهم من ضغوط ومحاربة وتهميش.
إذاً فإقامة المجالس الحسينية ليست أمرا شكليا خاليا من الفعل والقول المؤثر والقويم، بل هي أداة لإحياء علامات الخير ومناشئه المتمثلة بأئمة أهل البيت عليهم السلام وأفكارهم المتوهجة بسبل الحق والسلام والخير والموجهة للبشرية جمعاء.
علينا أن نتعرف أولاً على الأهداف السامية التي تنطوي عليها إقامة مثل هذه المجالس الحسينية، لكي نسعى إلى تحقيقها وننال بها رضا الله تعالى، ولابد أولاً أن نذكّر ببعض الأحاديث الواردة عن المعصومين(عليهم السلام) وحثهم الشديد على إحياء هذه المجالس، وبيان فضلها، حيث قال أمير المؤمنين عليه السلام:  شيعتنا المتباذلون في ولايتنا، المتحابون في مودتنا، المتزاورون في إحياء أمرنا.( وسائل الشيعة: ج15 ص190 ب4 ح20245).
وقال الإمام الصادق(عليه السلام) لداود بن سرحان:( يا داود، أبلغ موالي عني السلام، وأني أقول: رحم الله عبدا اجتمع مع آخر فتذاكر أمرنا، فإن ثالثهما ملك يستغفر لهما، وما اجتمع اثنان على ذكرنا إلا باهى الله تعالى بهما الملائكة، فإذا اجتمعتم فاشتغلوا بالذكر، فإن في اجتماعكم ومذاكرتكم إحياءنا، خير الناس من بعدنا من ذاكر بأمرنا ودعا إلى ذكرنا. ( الأمالي – الصدوق ص224 ).
ولعل مختلف طبقات المجتمع في حاجة إلى التنوير وإضاءة السبل القويمة أمام بصائرهم وأبصارهم من خلال إقامة المجالس الحسينية في تأشير مكامن الضعف والخلل لدى الإنسان الفرد والجماعة وتقديم النصائح (قولا وعملا) لمعالجتها وتجاوز العثرات التي قد تعتري مسيرة الإنسان في حياته الشائكة، ولذلك تم التأكيد على أهمية دور المجالس الحسينية كونه السبيل الأسرع والأدق لتنوير العقول والبصائر والعيون معا للسير في الطرق التي تريح الإنسان نفسه وترضي الله تعالى عنه، ولعلنا نتفق على أن المجالس الحسينية وطبيعة ما يُطرح فيها من أفكار ومواعظ وتوجيهات تأتي ملائمة لجميع المستويات، فهي تلائم البسيط في وعيه وفكره وتلائم المطلع والمتعمق في الأفكار.
انطلاقا لما ذكر لماذا تتغير حياتنا مع إطلالة محرم الحرام من كل عام؟ ولماذا نقيم هذه المجالس والمواكب الحسينية؟ ولماذا نصر على هذا البكاء والعزاء واللطم وغير ذلك من الشعائر؟ يا ترى هل هي ممارسة اعتدناها حتى صارت جزءا من أعرافنا وتقاليدنا ؟ أم إنها فعل إيماني نتعبّد به قربة إلى الله تعالى.. لماذا هذا التأكيد المتواصل والحث الشديد والترغيب الكبير من قبل أئمة أهل البيت(عليهم السلام) على إقامة مآتم الحسين(عليه السلام) ومجالس الذكر لأهل البيت(عليه السلام)؟ حتى تحولت هذه المجالس إلى شعائر خالدة لشيعة أهل البيت (عليهم السلام) لا تنفك عنهم طيلة شهور وأيام السنة، وفي الليل والنهار، حتى إن أتباع أهل البيت (عليهم السلام) تحملّوا من اجل إقامتها، شتى صنوف الاضطهاد والمطاردة والقتل والتشريد، وبذلوا من اجلها الأموال الطائلة وما يزالون.
وهل إنها من أجل الإشعار بفظاعة المأساة وإثارة العواطف وإسالة الدموع؟ أم لأجل الحصول على الثواب العظيم الذي كتبه الله تعالى لمن يُحيي هذه المجالس ويحضرها، وكذلك لأجل ترسيخ مبادئ الإسلام وروحه وجوهره في النفوس، وتعليمهم أحكام الإسلام بجميع مناهجه، ومن اجل أن تبقى مبادئ الثورة الحسينية ومواقفها حيّة في المجتمع؟!.
ولأجل تبني الفكر والثقافة الحسينية الوقادة المستلة عادة من المنابر الحرة فإننا نتوخى من جعل المنابر مدارس فكر وثقافة وتجديد لما يطمح إليه المسلم والمسلمة من التعامل الأخلاقي الأمثل مع بني جنسه الموافق والمخالف، وكيفية تحويل المنابر إلى مجسات للتغيير عبر الالتزام بمجموعة من الضوابط التي تشذب السلوك الانساني من كل ما هو دخيل، وتترك آثارا نموذجية على الخطيب والمستمع على حد سواء تصب جميعها في خلق المجتمع المتماسك والمتواصي بالحق والصبر وصولا إلى حالة التكامل والتكافل الاجتماعي، كما هو مبثوث في طيات سيرة الأنبياء والأولياء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=83380
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 09 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18