• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : قِيَمُ آلْغَدِيرِ [٤] وَآلأَخِيرَة .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

قِيَمُ آلْغَدِيرِ [٤] وَآلأَخِيرَة

 ٣/ لو أَنّنا تحمّلنا مسؤوليّة التّبليغ على أَحسن ما يُرام وبأَساليبَ وطرُقِ نشرٍ وإِقناعٍ حديثةٍ لما انتشرت رسائلِ التّضليل والخِداع في مجتمعِنا، وعلى صعيدَينِ تحديداً؛
   الصّعيد الاوّل؛ هو التّضليل باسم الدّين عندما اختطفَت زُمرة من فقهاء التّكفير وتجّار الحروب والدّم من الارهابيّين حقَّ الفُتيا لتشويه حقيقة الاسلام حتّى ظنّ النّاس انّهُ دينٌ إِرهابيٌّ يحرّض على القتل والتّدمير.
   فعندما غاب عليّ بن أبي طالب (ع) ونهجهُ وسيرتهُ وقيَمهُ ومبادئَهُ، ظهرَ النّهج الارهابي الذي أَسّسَ لهُ الأمويّون، والذي يعتمد التّضليل كأساسٍ لغسلِ أَدمغة الدّوابّ لتتحوّل الى أَداةٍ للقتلِ بيدِ فقهاء التّكفير، كما وصف ذلك أَميرُ المؤمنين (ع) بقولهِ {أَلاَ وَإِنَّ مُعَاوِيَةَ قَادَ لُمَةً مِنَ الْغُوَاةِ وَعَمَّسَ عَلَيْهِمُ الْخَبَرَ، حَتَّى جَعَلُوا نُحُورَهُمْ أَغْرَاضَ الْمَنِيَّةِ}.
   مُقابل النّهج الامويّ، إِذن، يجب التّبليغ لنهجِ الغدير، والا فسيظلّ الاسلامُ مختطَفاً الى حينٍ.
   وَنَحْنُ على أبوابِ محرّم الحرامِ علينا ان نوظّف هذا الموسم العظيم للتبليغ لنهجِ الغدير، فكلّنا نعرف جيداً، لولا الغدير لما كانت عاشوراء! ولولا نهج الغدير لما كان نهجُ كربلاء!.
   الصّعيد الثاني؛ هو التّضليل السّياسي الذي يسعى مَن يقف خلفهُ الى تسقيطِ كلّ النّماذج السياسيّة، مُستغّلاً النّموذج السيّء والتّافه الذي قدّمهُ لنا من ظلّ يُتاجرُ بالغديرِ زمن المعارضة، وكأنّهُ نهاية المطاف!.
   إِنّنا اليوم نواجهُ تبليغاً مُضادّاً يشترك فيه اللّصوص والفاسدون والفاشِلون للفتِ أنظار الرّأي العام بعيداً عن الحقائق!.
   انّ عقل الانسان لا يُمْكِنُ ان يعيشَ الفراغ أَبداً، فهو يبحثُ عن الرّسائل دائماً ليملأ بها فضولهُ! فاذا لم يتلقَّ الرّسائل الإيجابيّة والسّليمة بشكلٍ مستمرٍّ فسيخضع بل سيستسلم للرّسائل السلبيّة المُغرِضة رغماً عَنْهُ! فليسَ كلُّ النّاس تنشط عندهم عمليّة الفلترة وَالـتَّمْييز دائماً!.
   للأَسفِ الشّديد فانّنا اليوم نعيش في أجواء فاسدةٍ مملوءةٍ بالرّسائل السلبيّة المدمِّرة، والأَسوء من ذلك هو أَنّنا أصبحنا جزءً من الماكينةِ التي تستنسخ وتنشر وتوزِّع هذه الرّسائل، بمعنى آخر فانّنا الآن جزءٌ من المنظومة التي تَخلُق هذه الأجواء الفاسِدة من حيث لا نشعُر!.
   فعندما نُساهم في إستنساخِ ونشر الاكاذيب والفبركات والدّعايات والإشاعات بل وحتى الأشياء الصّحيحة ولكن في غيرِ وقتِها أو محلّها او لغير المتلقّي المقصود! او انّها لا تُساعد على الانجاز الصّحيح والسّليم او على تشكُّل العقل السّليم على الأقل، فانّنا بذلك نكون جزءً من هذه الأدوات التي تُسمِّم الأجواء وتُشيع الفوضى المعرفيّة او الإعلاميّة او الثقافيّة والفكريّة.
   للأَسف الشّديد فلقد غابَ الاعلام الوطني الذي يمتلك المصداقيّة الكافية ليركنَ اليه المتلقّي بثقةٍ ويُقاطع المصادر الفاسدة، فإعلامُنا مملوكٌ تحوّل الى أَبواقٍ للأحزاب الحاكمة والقائد الضّرورة، وهو لا يُبلِّغ الرّسالة الوطنيّة، الّا بمقدارِ ما تخدم [المالك] فهي عادةً ما تتقاطع مع أجنداتهِ ومصالحهِ وتجارتهِ! أياً كان نوعهُ وهويتهُ! ولذلك انتشرت الاكاذيب في كلّ الرّسائل تقريباً ما ساعدَ على خَلقِ هذا الجوّ المسموم!.
   في ذكرى الغدير الأغر يجب ان نتعلّم؛
   الف؛ ماذا نُبلّغ؟ باء؛ لماذا نُبلّغ؟ جيم؛ لمن نُبلّغ؟ وكَيف؟.
   فَلَو انشغلنا بتبليغِ رسالتنا لما أَلهتنا الصِّراعات والخِلافات وشرِّ غسيلِ بَعضِنا البعض الآخر! ولما انشغلنا بتسقيطِ وإضعافِ بَعضِنا البعض الآخر وبهذهِ النِّسبةِ المُخجلةِ والمُرعبةِ!.
   فَلَو ينتبهُ كلّ واحدٍ منّا الى ما ينشرهُ يومياً او ينشغل بالردِّ عليهِ، فسيكتشف انّهُ مشغولٌ بالثّانويّات والتّوافه بنسبة (٩٠٪‏) رُبما، فيما تأخذ مِنْهُ عمليّة تبليغ الرّسالة نسبة (١٠٪‏) فقط، وهذهِ مُعادلةٌ تُعبّر عن فشلِنا في التّبليغ ولذلك فشلنا في الاصلاح والتّغيير والتقدّم والتّنمية! ولو استمرّت المعادلة على نَفْسِ الوتيرةِ فستُدمِّرنا في نِهاية المطاف!. 
   ٤/ تُشيرُ الآية الخاصّة بالغديرِ {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} الى انّ تبليغ الرّسالة السّليمة المطلوبةِ يواجهُ تحدّياتٍ كبيرةٍ ورُبما عظيمةٍ، ولعلّ من أَخطرِها هي تلك التحدّيات التي يواجهُها المبلّغ من المتضرّرين من الرّسالة! وهذا ما نراهُ ونلمسهُ اليوم من المتضرّرين من تبليغ رسالةِ التّغيير والاصلاح، حالما يتصدّى احدٌ للكشفِ عن ملفّات الفساد او يدعو آخر لتقديمِ [عجلٍ سمينٍ] واحدٍ على الأقلّ للقضاءِ ليقف خلفَ القُضبان ِ! إعتماداً على دعوة الخطاب المرجعي للضّربِ بيدٍ من حديدٍ على رؤوس كبار الفاسدين والفاشلين!.
   انّ كلّ المتضرّرين من هذه الرّسالة وهم كلّ الفاسدين والفاشلين، نراهم كيف أَنّهم يختلفون في كلّ شَيْءٍ الا في التصدّي ومواجهة رسالةِ الاصلاح والتّغيير فانَّهُم يتَّفقون فيها ويجتمعونَ عليها، فبمجرّد ان يفضح أَحدٌ الفساد والفشل يهبّون جميعهُم بمُختلف هويّاتهِم وأَزيائهم وعناوينهِم وأسمائهم لمواجهتهِ وإسقاطهِ من خلال الشّائعات والدّعايات المُغرضة ونشر الاكاذيب وغير ذلك، واذا تمكّنوا مِنْهُ فبالاغتيالِ بكاتمِ الصَّوت!.
   ولقد شخَّصت الآية الكريمة {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا} مسؤولية المُبلّغ صاحب الرّسالة الحقيقيّة! والتي تتلخّص بالتحلّي بالشّجاعة والثّبات وعدم الانهيار، فالمتضرّرون من تبليغ رسالة الحق تافهونَ جداً وضُعفاء، ينهزمونَ بسُرعةٍ اذا ثبُت المبلّغ أمامهُم ولم ينثنِ أَو ينهار أَمام ترغيباتهِم أَو ترهيباتِهِم على حدٍّ سَواء!.
   *إِنْتَهى
   ٢١ أيلول ٢٠١٦
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=83896
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 09 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20