• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : رسائل شرقـــــية ( 2 ) .
                          • الكاتب : هادي الربيعي .

رسائل شرقـــــية ( 2 )

               
  لماذا احبكِ ؟؟ اين يكمن ُ السبب ُ الذي يجعلني عاشقا أزليا لكل ِ ذرة رمل ِ فيك ِ ؟ ولماذا لا اتوقف ُ عن حبك وكأنني النهر ُ الهادر ُ الذي لا يعرف التوقف َ وهو ينطلق ُ الى مصبه ِ الأخير في بحركِ الزاخر ؟؟ احيانا ً لا نجد ُ الأجوبة َالكافية َعما نبحث ُ عنه مهما حاولنا ، ولذلك نكتفي بالإصغاء ِ الى نداءات الأعماق ، الى ذلك الصوت الذي يهمس بصمت ٍنسمعه ُ واضحا في أعماقنا ، انك َ لا تستطيع ُ ان تكف َّ عن حبِها ، لأنها أنت َ ، لأنها كينونتك التي لا يمكن ُ ان تكون َ بدونها ، فهي التي منحتك َ معنى وجودك َ ، وهي التي تمنحك َ هوية الإنتماء ِ الى القيم ِ التي ترسخت من خلالها على الأرض .


انكَ بدونها لا يمكن ان تكتمل ، فعلى يديها يكمن ُ سرُ اكتمالكَ ، لقد انقذتك َ من حيرة القشة ِ وهي تعبر ُ المتاهاة الى حيث ُ لا تعرف ، تتقاذفها الرياح الى مصائر َ مجهولة ، أما أنتَ فقد أدركت على يديها معنى وجودك َ ، ومعنى ان تكون كائنا ضوئيا يرتبط مع كائنات الأرض بعلاقة الروح التي لا تعرف حدودا لإنطلاقتها ،



لماذا أحبك ِ ؟؟ ما اصعب َ أن أُجيب على سؤال ٍ قد يبدو للوهلة الأولى سهلا َ ولكنه مع التأمل ِ العميق فيما يحيط ُ بذاتك َ مدى صعوبة الخندق ِ الذي توغلت َ فيه ، فما يحيط ُ بكَ
 من موجودات ، كل ٌ منها يحمل ُمعجزته الإلهية ، يتبدى لك َ كم أنت َ جاهل ٌ في هذا الكون , وكم أنت لا تدرك ُ مديات ِ الأعماق التي تمتدُ أمامك َ دون ان يحيطَ بها شيء


قد لا نرى قطرة َ الندى وهي تسقط ُ برفق ِ فوق ورقة ٍ يانعة ٍ قد لا نرى كيف هبطت برفق ٍ وهي تحرص على ان لا تسبب ألما ً لهذه ِ الورقة ، قد لا نرى كيف َ تزحفُ قطرة ُ الندى لتنزلق َ على ورقة أخرى ، وقد لا نرى الورقة َ وهي تسقط ُ على الأرض لتبقى اياما ً وليال ٍ دون أن يشعر َ بها أحد ، قد لا نراها وهي تتحلل ُ على الأرض ِ لتتحول َ الى سيء ٍ آخر يعيد ُ للأرض ِ رونقها وبهاءها ، ولكن كل ُ هذا يحدث ُ لتكون َ الحياة ُ كما شاء َ لها الله تعالى ، حركة ً دائبة ً متواصلة ً ، وتحولا متواصلا ، فكل ُ شيء في هذا الكون ِ يدور ، وكل ُ شيء على الأرض يدور ، فبرعم ُ الأمس ِ يتحول الى ورقة ٍ وورقة ُ اليوم ِ تتحول الى سماد ٍ إلهي ينطلق ُ في رحلة الجذور في رحلة اللانهاية ِ ليمنح َ الأرض فرحة َ العطاء ِ وبهجة َ التواصل
**

   لماذ لا نرى ما يحدث ُ من معجزات ٍ تحدث ُ كل َ يوم على الآرض ؟؟ لماذا أخذتنا رحلة ُ القيم ِالمادية الى منعطفات ِ مجهولة ٍ حتى بات من الصعب ِ العودة ُ الى الينابيع ؟ لماذا قطعنا جذور َ التواصل مع الينابيع ؟؟  لماذا ابتدعنا عن التأمل ِ في حركة الأشياء ؟ لماذا اخذنا الصخب ُ بعيدا ؟ لماذا لا نفكر ُ بما خسرنا عابرين دائما الى خطايا جديدة ؟ أما آن َ لنا أن نتوقف ؟؟
**

احبك ِ ، مفردة ٌ تزداد ُ توهجا وبريقا كل َ يوم وكأنها تُصقل ُ يوما بعد آخر على نار ِ التجارب ِ الهادئة ،
  احب ُ اشجارَك ِ العالية َ التي تعانق ُ السماء وأحسها اجمل َ اشجار ِ العالم

**
أحب ُ نهرَك ِ الصغير َ وأراه ُ أكبر َ انهار ِ العالم ، بل احس ُ أحيانا انه يروي الوجود َ بما يحمل ُ من قيم ٍ للبشرية جمعاء
 احب ُ رمالَك ِ الساخنة َ التي شهدت اشرف معارك ِ التاريخ ِ وانبلَها مما جعلها درسا ً خالدأ للبطولة ِ والإنسانية والمواقف الشريفة

**

ليس أجمل َ من أن يشعر َ الإنسان ُ انه يعيش ُ بامتلاء ، والآمتلاء يعني ان نعيش كما ينبغي ونحن ُ نتوهج ُ فوق َ ارض الله الساخنة بالأحداث والتجارب والعبر ، وليش اجمل َ من ان نستوعب هذه التجارب والأحداث والعبر ، فذلك يمنحنا قدرة استشراف المستقبل بما نملك ُ من فهم ٍ للحاضر ولا بد لنا ان نصغي للماضي فمن يطلق ُ الرصاص َ على ماضيه ، يطلق ُ المستقبل ُ عليه قذائف مدافعه ، ويمضي بلا جذور ، ومن يمضي بلا جذور يطوف عائما دون أن يستقر على دعامة ، ونحن فخورون بانتمائنا لك ِ ايتها المعشوقة ُ الخالدة ، يا زهرة مدائن ِ الأرض ، يا عروس َ الأرض الخضراء ابدا بما تملكين من أرث ٍ خالد ٍ، وحاضرٍ مشرق ٍ، ومستقبل ٍ يفتحُ ذراعيه لكل القادمين اليك من انحاء الأرض المختلفة
طوبى لأننا نتنفس بك ونحيا فيك
 ** 

ايتها الدروب ُ المضيئة ُ بفوانيس ِ الشهادة الخالدة ، ايتها الدروب ُ التي تفضي الى الأعالي دائما ً
نقسم ُ اننا سوف نظل ُ سائرين على دربك ِ ما دامت الرؤوس فوق الأكتاف
نقسم ُ اننا لن نفرّطَ بحبك ِ أبدا ً ، فهذا الحب ُ هو الدليل ُ الذي يتوغل ُ بنا دائما الى أعماقكْ
طوبى لنا  لأننا نتنفس بك ِ ونحيا فيك




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=841
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 10 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29