• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : محمد عابد الجابري و اللامعقول الشيعي .
                          • الكاتب : الشيخ ليث عبد الحسين العتابي .

محمد عابد الجابري و اللامعقول الشيعي

  لقد عكس مشروع النقد الجابري ارهاصات المنظومة التي يتبع لها ، فهو لم يتكلم و ينتقد كفرد ، بل هو أزاح إلى الخارج ما تؤمن به منظومته الأم( ) . و من الملفت للنظر أنه كان يدعي التعامل العلمي و العقلي مع أي قضيةٍ كانت( ) ، لكنه عندما يصل إلى الشيعة نجده يتكلم بحس مغاير ، انه يتكلم بحس طائفي خالٍ من كل أنواع المعالجات العقلية و العلمية أو المعرفية ، حتى وصل به الحال أن أطلق على التراث الشيعي تسمية ( اللامعقول ) .
هذا يدل على انه لم يتحرر من عقده ، و لا يقدر أن يجانب المنظومة الداعمة له ، بل كأنما مشروعه هذا لم يؤسس إلا لنقد الثوابت الدينية عموماً ، و نقد المنظومة الشيعية بشكلٍ خاص . و هنا مزلة الأقدام ، حينما يناور الشخص يميناً و شمالاً ، و يدلس ، و يخلط البعيد بالقريب ، كل ذلك ليثبت فكرته الأصلية فقط دون مراعاة لما من المفروض ان تمليه عليه نتائج البحث( ) .
هذا ديدن سار عليه الكثيرون غير محمد عابد الجابري من أمثال طه عبد الرحمن ، و أبو يعرب المرزوقي ، و عبد المجيد الشرفي ، من مجاميع تبنت منهج الحفاظ على المصلحة الفئوية مقابل منهج العقل و المعرفة .
إننا نجد الجابري في كتاب ( البنية و التكوين ) قد انتقد ابن سينا دون أن يعرف عن ابن سينا شيئاً سوى كونه شيعي المذهب ، متنكراً و متجافياً لمسألة الاطلاع على مصادر الحكمة في الشرق و منابعها و التي تحتاج إلى عمر الإنسان للإحاطة بها .
لقد قيّم فلسفة الشرق كلها من خلال مؤلفات ابن سينا ، و الكل يعلم الفرق الشاسع بين التنظير و التطبيق ، و الفرق بين آليات اكتساب المعرفة و آليات إيصالها ، و الفرق بين الرأي العام و الرأي الخاص في مسألة ما ، فكيف بتراثٍ كاملٍ تعرض لعوامل التطور القائمة على النقد و البناء . و كيف لنا أن نحكم على فكرٍ عريقٍ جداً ممتد في الوجود الإنساني ، و مندك مع ظهور الإنسان الأول ليُقيّمَ من خلال قراءة كتاب واحد لشخص واحد فقط؟؟!!
ليس ذلك بالغريب على الجابري ، فهو ـ و على سبيل المثال ـ يحكم على مذهب كامل أتصف بالقدم و العراقة ، غنيٌ بتراثه الفكري و الكلامي و العقلي و الفلسفي من خلال كتيب صغير ـ أشك بأن الجابري قد اطلع عليه كاملاً أو قراءه القراءة الصحيحة ـ ألا و هو ( عقائد الامامية ) للشيخ محمد رضا المظفر ( رحمه الله ) و الذي كتبه للبسطاء من الناس ممن لا يعرفون المذهب الشيعي ، و ذلك لكي يتعرفوا على هذا المذهب بأبسط أسلوب ممكن .
إن ( جدل الخطابة المتستر بمناهج علمية في ظاهرها الخاصية التي تتبادر إلى الذهن ، و نحن نقرأ أبحاث د . الجابري حول الفكر الشيعي و تاريخه السياسي ، هي تلك المحاولة التي لم تقطع مع طرائق الجدل ، و نعني بها طرائق الخطابة القائمة على كثرة الأقيسة الناقصة و المصادرات على المطلوب ، و المغالطات ، حتى و هي تتستر وراء مناهج و مفاهيم ، تبدو ـ في ظاهرها ـ علمية ، و برهانية . على أنه لا يكفي ، في التحليل العلمي ، إيراد المفاهيم العلمية ، هذه التي من اليسير تحويلها إلى أساس لرؤية مفارقة ، حينما لا نحسن استخدامها أو توظيفها )( ) .
............ الهوامش ....................
(1) المنظومة الداعمة له .
(2) إذ يدعي في أصل مشروعه أن ما دفعه لذلك هو : سؤال النهضة للمجتمعات الإسلامية .
(3) من المهم التنويه الا أن مشروعه قد تزامن مع الحرب العراقية الإيرانية في المنطقة .
(4) كفى ثقافة طائفية و مثقفون طائفيون ، إدريس هاني ، ص 10 .
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=84110
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 09 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19