• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الشهيد الذي أبكى المرجعية وأقرح جفون العلماء...! .
                          • الكاتب : وليد كريم الناصري .

الشهيد الذي أبكى المرجعية وأقرح جفون العلماء...!

بزغ الفجر من بين فيافي الظلام، يزيح عتمة الليل بأصابعه الحمراء خجلاً، فيتقاطر نسيم الصباح على لفائف عمائم المجاهدين ندى، يُداعب شفاههم المتمتمة بالذكر وقاراً وسكنية، فيستل جسده من بين أطراف فراشه، الذي ما طال أن رقد عليه الليل مرتقباً، يشاطر أصوات الوحوش وحشرات الأرض حذراً، ثم يستعد لغفلة ستأخذه بعيداً مع أثير السماء، وهو قائما يبث لله دعاءه وقرأنه، وكله أمل وثقة، بهذه اللحظة سيحرسه الله دون جهد أو عناء، يقدمه المخلوق لنفسه.

بعد إن عمل لله ما يرضيه، وطلب منه ما يريد، راح يمشي متعكزاً على ثقته بربه ونفسه، نحو حفرة صغيرة تحيطها الأتربة والصخور، بعيداً عن القاعات الفارهة والمكاتب والغرف المكيفة، يتربص بعدو الإنسانية السبل، وكله أمل وعزم، أن يكون كبش الفداء، الذي تعيش من بعده أمهات وشيوخ وأبناء وطنه، بعيداً عن شرور وشذوذ عصابات الأجرام والقتل والسبي، يجلس في تلك الحفرة لساعات وأيام، والتراب والعواصف والجوع والعطش ينهش جسده الضعيف، من شدة الوقوف لعبادة الله.

لطالما يتوسع النظر بعينيه المرهقتين، فيضع أوسع الأرض بين حدقات ناضريه، خوفاً من الغفلة هذه المرة، ليكون عازل وحداً لعدم عبور أطلاقة عدو من خلفه، كان يقول: إن عزمي وثباتي من عزم وثبات الصحابي"سعيد إبن عبد الله الحنفي" في كربلاء، وقف يصد سهام أمية بصدره وإطراف جسمه، لكي لا يصل للحسين سهم وهو يصلي، وها أنا وقفت أصد رصاصات داعش، وأحرص على أن لا يصل جسد العراق إطلاقة، قد تُبكي أحد الأمهات دماً".

ساعات وأيام وشهور أنقضت، تغيرت بها ملامح ذلك الرجل، وبات يتربه الجهاد وهو مبتسماً، وترهقه المعارك وهو متماسكاً، وتدميه الشظايا وهو محتسباً، يسألونه عن إصراره وتمسكه بالجهاد، فيجيب "يكفيني بالجهاد لله أن يرفع المرجع الأعلى يده لله في كل ساعة، ويدعوا للمجاهدين بالنصر، ولعل نصري بالشهادة! بعد أن أزيح الخطر عن العراقيين" عشقه للشهادة كطموحه للنصر، وكان لا فرق أن يذيب أحدهما بالأخر، مع شياع قوله للسامعين، ووصول نبأ إستشهاده، إنزوى "المرجع الأعلى" يبكيه! حتى علا صوت بكاءه بين الحاضرين.

فقيهاً ورعاً شجاعاً، جمع من الخصال ما ميزه بين الفضلاء، يرى سعادته أن يعيش حياة البسطاء، وكثيراً ما يجالس المعاقين وأصحاب العاهات الجسمانية، ليشعرهم بإنسانيتهم ووجودهم في المجتمع، يحيطه الأطفال الفقراء كلما رأوه بالقرب منهم، فيخرج ما يحمل من أموال يقسمها بينهم، ويضطر أن يكمل مَسيره لداره ماشياً، ما أكل طعاماً حتى طرق الباب على البويتات من حوله، ليرى ما يأكلون ويشربون، فيزهد بطعامه إن وجد معوز فيهم.

ولد في محافظة البصرة لعام 1979م، ودخل الى الحوزة الدينية بعمر (17) سنة! شديد الذكاء، على صغر عمره حقق بعض الكتب منها (الزهرات الزوية في الروضة البهية) للشيخ "علي العاملي" إستثار ملبياً لدعوة الجهاد الكفائي، وراح يحزم أمتعته للجهاد( مصلاه, وقرأنه, وكتاب للأدعية, وسلاحه)، يرون به أصحابه الملاذ الذي يبعث بقلوبهم الطمأنينة والسكينة، فلطالما كان يتقدمهم صارخاً، يتخلل صوته أصوات البنادق وأزيزها، قاد معارك تحرير (الكرغول, والبوحصوة, والبو طارش, والجمهورية, والمطيرات, وشارع المخازن)

صبيحة اليوم الثاني من ربيع الأول لعام 1436 هجرية – الخميس 25/12/2014 التحق بركب الشهداء، وهم يصعدون حفاة الى السماء حيث دلائل الله، تاركاً وراءه شهيداً أسمه "مشتاق الزيدي" وإرثاً علمي وجهادي يقول فيه" لا إشكال ولا شبهة، أن هذا المشروع الإلهي، الذي بدأ بيد المرجعية ولسانها، هي النيابة الحقيقة للمعصوم في عصر الغيبة، ونحن نقول تبعاً لأمتنا، بأنا على مسيرة الحق سائرون، وسوف لن تنام لنا عين، حتى نطهر أرض العراق، وندافع عن جميع المقدسات)




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=85563
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 11 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19