• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : عشاء في كرداسة .
                          • الكاتب : هادي جلو مرعي .

عشاء في كرداسة

نصحني صديق يحب قراءة ماأنسجه من كلمات، أن أقوم بوضع كتيب عن رحلاتي الى دول زرتها في السنين التي مرت، وأن أصف تلك الرحلات، وماجرى لي فيها ونوع الحوادث التي تعرضت لها والمصاعب التي واجهتني ونصحني أن أعترف فيها إن كانت عاشرت النساء، أم إني إكتفيت بالنظر في وجوههن على قاعدة، النظر في وجه المرأة عبادة.
من روما القديمة الى شوارع مونتريال والسفر عبر البر الى كيبك وأوتاوا، ثم السفر بالطائرة الى نيويورك ومنها بالقطار الى ميرلاند وبالقطار أيضا الى بوسطن ورحلات عبر البحر والبر، وجمال البحر في فلوريدا وهو يلتقي باليابسة الى أضواء سان فرانسيسكو وصحراء أريزونا، والحج الى الكعبة، وزيارة المدينة المنورة، وباريس ومافيها من نور وحور، ومصر العتيدة التليدة وأهراماتها وصحاريها وبحورها ونيلها ونسائهاووووو.
ضحكت قلت له، سأحكي لك قصة وهي ليست بقصة ولكني سأرويها كحكاية، في يوم ما إتصل بي صديقي المفكر والكاتب المصري محمود جابر وقال،إنه سيأتي الى الفندق ليأخذني في أجواء القاهرة، وخرجنا بسيارته التي تشبه السيارة التي وصفها سعيد صالح لوالده حسن مصطفى في مسرحية العيال كبرت عندما سأله عن العربية؟ فقال، العربية كويسة، كل حتة لوحدها كويسة.. يعني إن السيارة تحولت الى قطع متناثرة بفعل حادث، وأراد سعيد صالح أن يجمل قبح مافعله بسيارة والده بهذا الوصف.
كانت الطرق حول القاهرة مزدحمة، وكنا قريبين من شارع الهرم لكننا دلفنا الى منطقة شعبية فيها بعض العزب والمزارع والأحياء الفقيرة والطرق الملتوية والترابية، بعد قليل وجدنا إننا في كرداسة، وقال محمود، مارأيكم أن نتعشى في هذا الذي لاأدري ماأسميه، فقد كان عبارة عن سقيفة من جريد النخل مقامة على أعمدة الأشجار، وفيها أفرشة وأرضها متربة، كان هناك بعض الأشخاص، بينما العربيات وسيارت الشحن تمر وتحدث دويا في المكان لكننا كنا منتبهين وسعداء، كان المكان مطعما في الهواء الطلق، يقوم صاحبه بييع كبدة الجمل المقلية يخلط معها بعض المطيبات، ويقدمها مع الخبز المصري والجرجير الحار واللذيذ الذي يساعد على فتح الشهية. بصراحة أكلت بشهية، نظرت الى الجمل، الرابض قربنا، تذكرت الناقة التي نقلت الرسول محمد في رحلة النور من مكة الى يثرب، وكيف وقف النبي ومعه الناس وقال لهم، دعوها إنها مأمورة..
تذكرت كيف سجنت في بغداد سنة 2001 وكنت أخدم في الجيش، وكان معي في وحدتي العسكرية جندي إسمه أحمد يحب الغناء، وكان صوته مزعجا، بتنا لليلة واحدة في السجن، وكان يغني، وكنت أحكي له، وأنسج الشعر، وفي اليوم التالي إستدعانا الضابط، وسأل عن الغناء والشعر، وضحك وعفى عنا. عندما عدت الى المنزل وجدت إن طعام الغداء مكون من لحم الجمل.. سألت، ماهذا؟ قالوا، إن قريبا لنا ذبح بعيرا وبعث لنا بحصة من اللحم. هههه ضحكت وتذكرت قصة قوم سموا بإسم ( بنوأنف الناقة) والقصة، إن رجلا في الجاهلية ذبح بعيرا وإستدعى أهله وزوجاته فأخذوا حصصهم من اللحم. لكن إحدى نسائه بعثت بصغير لها، وسأل والده عن حصة الزوجة، ولم يكن قد تبقى سوى الرأس فصار الصغير يجر الرأس بوضع أصابعه بمنخري البعير



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=85773
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 11 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29