• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : العقيلة بين الصبر والرضا والجزع(٢) .
                          • الكاتب : مرتضى شرف الدين .

العقيلة بين الصبر والرضا والجزع(٢)

 إن مشهد مصائب العقيلة له ثلاث زوايا لكل زاوية منها لحاظها الخاص وجهتها المستقلة ورد فعلها المناسب الذي هو غاية الكمال فيها:
١-فتارةً ننظر إلى مصائبها كمصائب شخصية نزلت بساحتها المقدسة من فقد لإخوتها وأبنائها بصورة مروعة وأمام ناظرَيها ، إلى ما جرى عليها من أذىً جسدي ونفسي في يوم الفاجعة وأيام السبي، فإنّ هذه المصائب من جهة أنها نزلت بساحتها بتقدير إلهي يترتب عليه تمام الابتلاء والامتحان ونيل الدرجة المفترضة عند الله تعالى بقيامها بمهام الإمامة الظاهرية بالوكالة حمايةً لشخص المعصوم.
فهي بإزاء كل هذا كانت الراضية الشاكرة الحامدة لله على بلائه وعطائه.
وهو ما عبّرت عنه سلام الله عليها في موقفها الشهير عند مصرع سيد الشهداء عليه السلام حين رفعته إلى صدرها ورفعت طرفها إلى السماء وقالت: اللهم تقبّل منا هذا القربان.
فقدمت أعز أهل بيتها إلى الله محتسبة إياه عنده عز وجل.
وعبّرت عنه روحي فداها ثانية في جوابها على  ابن زياد حين سألها : كيف رأيت صنع الله بأخيك ؟
فهو قد وجّه سؤاله إلى الفعل الإلهي في الفاجعة. فجاء الجواب الزينبي صريحاً بالرضا المطلق بفعل الله: ما رأيت إلا جميلا هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاجّ وتُخاصَم فانظر يومئذٍ لمن الفلج ثكلتك أمك يا ابن مرجانة.
فهم قوم لهم آجال سيبلغونها لا محالة فاختارها الله لهم شهادة لرفع درجاتهم ، وهو مع ذلك سيمنحهم فرصة تصفية الحساب مع قاتليهم . فأي عطاء أروع من هذا العطاء! وأي صنع أجمل من هذا الصنع.
وعبرت عنه ثالثة في خطبتها في مجلس يزيد حينما قالت : الحمد لله الذي ختم لأولنا بالسعادة والمغفرة ولآخرنا بالشهادة والرحمة.
فهذا الختام هو من النعم الإلهية عليهم ولذا فقد تطلب منهم الشكر والحمد.
فالمصيبة ببعدها الشخصي كانت مقرونة عندها بالرضا والتسليم ، ومن هنا نرى أنها لم ينقل لنا التاريخ عنها تفجعاً على أولادها في واقعة الطف حينما سقطوا شهداء بين يدي خالهم الأقدس، بل نقل لنا أنه عندما جاء بهم سيد الشهداء إلى المخيم وقد جللتهم الدماء بمطارف العز الحمراء فإن العقيلة لم تستقبل سيد الشهداء عليه السلام حرصاً على شعوره الشريف أن لا تحرجه مواجهته لها بأولادها وقد غدوا ضحايا بين يديه، وهو أبو الإحساس والحياء.
مع العلم أن فقد الولد بالنسبة للمرأة في إطار المصيبة الشخصي هو أعظم مصائبها وأجلّ رزاياها، فلو كان للعقيلة في إطار المصاب الشخصي موقف غير الرضا لكان أولى أن يظهر في أولادها بالشكل الأجلى ، لا أن يكون موقفها من مصابهم هو الموقف الأخفى.
يتبع 
عبدهم مرتضى السيد حيدر شرف الدين



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=85787
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 11 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28