أعلنت المفوضية العليا للإنتخابات العراقية، عن إستعدادها لإجراء إنتخابات مجالس المحافظات، في موعدها المحدد في نيسان 2017. هذه الإنتخابات هي الثالثة من نوعها، ولكنها جاءت هذه المرة، مع موجة سخط مجتمعي عامة، ومظاهرات عارمة إجتاحت كل مدن العراق -رغم إنها خفت أو إندثرت في الآونة الأخيرة- كذلك تأتي هذه الإنتخابات، مع ما هو متوقع من تحرير كامل أراضينا، من عصابات داعش الإجرامية على يد قواتنا البطلة. السخط المجتمعي نتيجة السياسات الفاشلة للقائمين على الحكم، ولد حالة من الإحباط لدى الجمهور العراقي، ويهمس بعضهم، وهناك من يتكلم بعلو صوته، إنه لن يشارك في أي إنتخابات قادمة. سيكون المواطن أمام خياران لاثالث لهما: فأما أن يمتنع عن المشاركة في الإنتخابات أو يشترك. هذان الخياران يجب قراءتها بدقة، والبحث عن أيهما الأكثر صوابا، فلو قلنا بالخيار الأول وهو المقاطعة، فلن يحدث إي تغيير، وإن سبيل الإصلاح سيكون قد إنقطع حينها، فحينما يعزف الجمهور عن المشاركة، سيتجه جمهور الإحزاب الذي للمشاركة، وسيأتي بنفس الوجوه ونفس القوائم. الخيار الثاني يبدو إنه منسجما مع ما دعت إليه التظاهرات، من المطالبة بالتغيير، وهو نفس مطلب المرجعية في الإنتخابات السابقة بتغيير الوجوه التي لم تجلب الخير للبلد. خيار المشاركة له إتجاهان: فأما أن يتجه الناس لترشيح قوائم جديدة ومستقلة وكفاءات بعيدة عن الأحزاب -وأعتقد هذا الخيار صعب في المدى القريب- أو الإتجاه الثاني، وهو البحث عن الكفاءات والنخب من المستقلين من بين القوائم، وإن كانت قوائم حزبية. الإتجاه الثاني في الخيار الثاني تماما هو الخيار الذي دعت إليه المرجعية في إنتخابات 2014 التشريعة، حيث قالت "إنتخبوا الكفوء المخلص النزيه ضمن القائمة المرضية". عليه يجب البحث ضمن القوائم، ومعرفة سلوكيات تلك القوائم وتقييم أداءها، وطاعتها للمرجعية في الاستجابة لأومرها، وكذلك من هي القوائم التي إمتازت طروحاتها بالوطنية وعدم التصعيد الإعلامي، والتي لم تمتد يدها للفساد "وإن قلنا كلهم فاسدون جدلا إذن فالنبحث عن أقلهم فسادا". المشاركة في الإنتخابات هي مسؤولية وطنية وأخلاقية، يجب عدم التفريط بها، ففساد الكتل والأحزاب، يجب إن لايجعلنا نيأس ونصاب بالإحباط، ونقاطع العملية الإنتخابية برمتها، كي لا نفسح المجال للفاسدين بالإستمرار بفسادهم، ولنثبت لهم كشعب إننا لهم بالمرصاد.