باطل قصاد حق ... بشائر انتصار الدم على السيف
مذ ولدت عاتكة بنت مره زوج عبد المناف ، التوأمين نظر الرجل الى وضعهما ، مأخوذا بالدهشة ، وابصار الحضور مأخوذة بالرهبة لهذه الولادة العجيبه اذ التصقت جبهيتهما ، واذ احتارت العرب في امر فصلهما ، واذ بحكيم يفصل الجبهتين بحد السيف . جبهة عبد شمس ، وجبهة عمرو وهي مخضبة تشخب بالدماء . وكأن القدر قد أعلن انها خصومة ودماء ستمتد طويلا . عمرو يعتمد ان يزحف نحو الحقيقة ونهارها الساطع .وعبد شمس اخذته التجارة مسلكا يجوب الافاق في رحاب نفس مطبوعة على المنفعة والمناورة والدهاء وكسب الربح . عمرو وهب نفسه للناس فسيدوه دون وصاية ، تعيين جماهيري، لان سلطان الحق ديدنه ، تستشيره الامة فيحكم عدلا ، جبل من الخير ففاض واندلع ينبوع يسري في اوردة الناس ، فكان اية سطورها ، شجاعة وكرما وسماحة وفيضا من اخلاق لا يدانى . عبد شمس التاجر المناور والمغامر والمداهن وما يترب على ذلك من اطماع ونزوعا الى الربح والسلطة ، وبين أخيه الانسان في قومه ، وهاشم ثريدها وكفيل اشباعها وحكيم حل ازماتها . كان الصراع وان لم يرغب به عمرو " هاشم "ونأى عن الاحتدام فيه فكان للناس رأى اخر حين نادى الناس : يا بني عبد المناف الا تهتدون وفيكم "عمرو " ؟ ويرد اخرون : يا عمرو ما طعمت مكة ولا سقين من يدين ابسط من كفيك .
من هنا النائرة بدأت ، والازمة مع امتداد توريثهما لازمة . طرف ذهب مع مذهب الناس في حبهم اياه ، والاخر ذهب مع حنقه وحقده ، وقد قد ملك اغواره ، وكأن لا خلاص الا لتحقيق تلك النبؤة الدماء ، هذا ما تؤسس في اغوار النفس ولا مناص منه وبد . هكذا اسست القاعدة بين من امتلك المكرمات واورثها ديدن أصيل ينبثق من ذات لا تعرف سوى هذا النهج وبين من اورث الحقد ليفقس في سلالة ، تمادت على ذات النهج لعبد شمس بل غالت كثيرا وكأنه الارث الاقدس في ابجديتهم هو الحقد على ال العمومة .
جاء امية فتى نزقا واضح الاعلان ففي الوقت الذي اخفق فيه ابيه في مجاراة عمه ومواهبه ، اراد ان يتشبه بفعاله ولكن ليست اليد من تطعم وتهب ، انما النفس فشتان ان يتنفس امية بذات الرئة لعمرو . انها صورة قدامة الاصل الحي ، تقليد وتطبع وليس طبع مووروث في الاغوار . ما بين الجوهر والمظهر حدود وابعاد ، وحين أن اوانها ، ونزلت نقمة الجوع على سكانها ، كشف الغطاء عن هاشم الثريد ، ومن توارى عن الانظار الى الافق البعيد .
صلبان الاول يميل الى التعفف والسكون الى السلام والدعه ، وهو في قمة الكبرياء والشموخ والشجاعة ، واخر مأخوذا بالصلف ، قزم يريد ان يتطاول على الكبير ، اذن هي " المنافره " الاحتكام بين الضئيل وبين ومن حمله الناس حميل . عمرو يدرك ما ستؤول اليه الامور ، واميه في رهان نفس جمهورها الغرور .
هذه مقدمة ليس المقصود منها سرد تاريخا وانما لتبيان طبيعة الصراع الذي امتدة جذوره في انفس هذه السلالة لصاحب الرسالة السماويه مروارا بعبد المطلب ، وهو يسوق ولده الى النحر ، والغلام " عبد الله "راضيا طائع راضخا ، في ارادة تربط العهد بين العبد والرب ولا نكوث ولا نكوص وان تمزق قلب الاب على صبيه ، ولكن جرت العادة كما ابراهيم ، اذ قبضا الاثنان السكين لينحرا فلذة القلوب .من هنا نؤسس في المرة القادمه بين من افرزتهم الناس كسلطة بارادة شعبية عرفت الخير ورجاله ، واخرى كمنت الاحقاد في سلاله .
رسول من ذات النبع يبشر برسالة ربانيه ، ليكون الصراع بين الخير والشر على مسندي السلطة والعقيده . ان الامر لا يفسر بأن هاشم تبحث عن السلطه ، انما السلطة تبحث عنهم ، ومفاد هذا طبيعة الشخوص ومقامهم بين اقوامهم من جهة ، وبين من امتلكوا المال ليسلبوا السلطة والتحكم بالرقاب ولكنهم لم يستطيعوا ان يسلبوا الارادة من الاغلبية ، وصولا الى رسالة محمد ص واجتياحها الجماهيري وثورته على كل موروث الاستغلال من طبقة ارستقراطيه واغلبية مهمشه ، سادة وعبيد ، بين حجارة ومهندس عظيم لهذا الكون . وكيف استمر الصراع القديم الجديد ، وكيف اتحدت العناصر سياسيا واقتصاديا وعقائديا ،في رسالة ، اكملت باية خاتمه ( يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك فا لن تفعل ما بلغت رسالته ) من هنا تبدأ مرحلة جديده في صراع الارادتين ، البسوها جلباب بفرض من وعاظ امراء المؤمنين والسلاطين ... لنا تكملة ان كان في العمر بقيه