قاعدة لم يصل الى معطياتها أغلبهم، ومعادلة لم تتزن بعد، المجتمع على إختلاف طبقاته ومستوياته، من الصعب أن يسير بإتجاه واحد وفق للعوامل الطبيعية، العقل على إختلاف مقادير تفكيره داخل جرم الإنسان، له نوازعه, وعواطفه, وهواجسه المؤثرة به، تارة نجد تلك الإنفعالات، هي من تمسك بزمام العقل وتسيره حيث تريد، فتخلق إنسان مختلاً بقراره ومتسرع بفعله، وتارة أخرى تجد العقل، هو من يقود الإنفعالات، فتنتج إنسان قويما بذاته وتفكيره وما يصدر عنه.
على الفرض أعلاه، نتكلم عن مجتمع لم تدخل أليه ماكنة القومية، أو النزعة الطائفية بعد، ولم تصل إليه أيدي الترهيب والترغيب، لتحدث فيه ما تحدث من تكتلات وإنطوائات، تصل الى درجة إختلاف ألأشقاء داخل الأسرة، وقد يصل الأمر الى تكفير الأخ أخاه والأب ولده! مما أحدث تفكك الأسرة، وبالتالي تقاطعات المجتمع الواحد، فيصبح المجتمع بحد ذاته لقمة سائغة، يقلبها فكي التفرقة والاختلاف، ومن الغريب أن يفسر بعضهم تلك التقاطعات "حرية للرأي"! وحق التمسك به، من دون النظر الى ماذا ستخلق بالنهاية، ومن الرابح من تلك التقاطعات.
على كلا الفرضين، مجتمع تقاطع لعوامل طبيعية، وأخر تقاطع لعوامل وضعية، هل فكر المجتمعان بوجود ثوابت لا يمكن التنازل عنها من الطرفين؟ وهو ما يدخل إطار العقائد المشتركة، والتي منها التناظر بالخلق في البشرية، والتشابه بالحقوق في الإنسانية، والإقرار للخالق في الأديان، والشهادة لله بالعبودية ولمحمد بالنبوة في الأسلام، نزولاً الى العديد من المشتركات بين فرق المذهب الواحد، وتكتلاتها ومرجعياتها الدينية والسياسية.
مع الجزم بوجود تقاطعات وتكتلات بالأغلبية الشيعية في العراق، إلا إننا نشاهد اليوم السيل البشري المتجه نحو كربلاء، لزيارة الإمام الحسين يوم 20 صفر، تناسى كل تلك المسميات المتقاطعة، مئات الكيلومترات من الأراضي، وفي مختلف المدن العراقية، نَصبت الأهالي ومن مختلف الطوائف الإسلامية وغيرها، سرادق تقديم الخدمات للسائرين، وهذا ما يعطي دليل واضح على أن "الحسين"عقيدة، تجتمع عنده مختلف المسميات الإنسانية والدينية والسياسية والمجتمعية.
زُهد الحُسين بنفسه من أجل الإنسانية، وهب له قلوب الانسانيين جميعاً، وأرق أحساس وعواطف الخلائق، شهدائنا اليوم أيضاً وهبوا أنفسهم للوطن والمقدسات، هم إستكمال لثورة الحسين الزكية، ولابد أن يكون الشهداء عقيدة يجتمع عندها الجميع، فمن المخجل والمعيب أن تمزق أو تحرق صورة الشهيد السعيد"صالح البخاتي"! من قبل احد أبناء المذهب، ماذا فعل الشهيد البخاتي حتى يجزى هكذا؟ هو قائد رأى الشعب والوطن، على إختلاف طوائفه وقومياته، بحاجة لدمه الطاهر، فذهب ليلتحق بركب الحسين شهيداً.
صورة الشهيد "البخاتي" حتى وإن حرقها طفل أو شخص مغرر به، ليس الأمر بهذه السهولة، لنقف ونسأل من غرر بهذا الشخص؟ ومن يا ترى تصدر منه هكذا أفعال؟ الإجابات قد تكون واضحة، ولا تستوجب صعوبة التكهن، إنه المرض الخبيث، والسرطان الذي هتك بالمجتمع، قتل أبناء المراجع في النجف! قتل أبناء جلدته من الجيش والشرطة، بتهمة أذناب الاحتلال! حرق المؤسسات الدينية! وقتل من قتل على الهوية! هذه الفئة الضالة التي لابد أن تقتلع، أو أن تفهم القاعدة بالإكراه"إذا ما وقعنا بفخ الاختلاف، فلابد أن نتمسك بحافة التشابه" |