• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الأربعين الحسيني ثروةٌ جاهزةٌ للاستثمار .
                          • الكاتب : كريم الانصاري .

الأربعين الحسيني ثروةٌ جاهزةٌ للاستثمار

 

 أربعة عشر قرناً مضت وأربعينية الحسين بن علي تزداد ثراءً عاماً بعد عام .. فمن سنيّ الخوف والرعب والتخفّي في الديجور والسير على حافّات المياه  قصداً لحرم الإمام ، إلى ملايين البشر الزاحفة ليل نهار باندفاعٍ ذاتيٍّ وعشقٍ صوب ايقونة الغرام  ، قاطعةً عشرات بل مئات الكيلومترات مشياً على الأقدام ، روماً لقبره البسّاق في كربلاء المرام ..
 "ملائكية العراقيين الأربعينية " حقيقةٌ وضّاءةٌ فاقت الأساطير وملاحم الوصف الجميل حتى ألِقت  في المخيال البشري النبيل  ..
 لافرق بين عربي وأعجمي ؛ حيث مقصد  الكلّ واحدٌ هو الحسين سبط النبي ..  
لشدّة الزحام قد يؤدّي البعض  آداب التحية والزيارة ثم يكرّ راجعاً لدياره دون الوصول للقبر الشريف اعتقاداً منه بتحقّق المراد المُنيف  .
 
ياللعجب ، ترنو الملايين بلهفةٍ لاتوصَف إلى قبر رجلٍ قد قُتل قبل أربعة عشر قرناً ، تقصده بلامنفعة دنيوية ولاعوائد مادّية ولامطامح سياسية  ..
فما هذا الدافع الذي يشدّ المسلمين فيزدادون حرارةً وحضوراً عاماً بعد عام لإحياء أربعينية  رجلٍ قتله خليفة المسلمين !! هل من تفسير لهذا اللغز وهذا الهيام في قلوب المحبّين ؟ 
لِمَ لا تبادر مراكز البحوث والدراسات الاستراتيجية لتقييم أربعينية الحسين طبق الأُسس العلمية والمناهج المعرفية ؟ أم أنّها تخشى النتائج التي تقود إلى تغيير أساسي في نوع التصوّر الحاكم على عقل وشعور الآخر المغلوب على أمره بفعل التضليل الثقافي والتعتيم الإعلامي الملمّع بطلاء حرّية القلم والبيان ،  الحرّية التي تعمل هنا وتُعطَّل هناك بفعل المصالح الراجحة على أصل البنيان ..  
إنّ  البحوث المختصّة إن جرت على النسق السليم فإنّها قد تولّد الهزّات العقائدية والأخلاقية المقلقة ، وقد تحاكم القيم السائدة والمبادىء المعتمدة في المجتمعات المضلَّلة ، ممّا يؤدّي إلى صدمة هائلة تعيد جدولة الأفكار التائهة  ..
 ولعل التعتيم الإعلامي المدروس إزاء أربعينية الحسين خير شاهدٍ على صحّة المدّعى ، فلاشكّ  أنّهم إن واكبوا الحدث المذكور بحرفةٍ  ومهنية أُسوةً بسائر الأحداث الأقلّ شأناً واستقطاباً وحضوراً ، فلن يجدوا تفسيراً وتبريراً سوى الاعتراف بعظمة هذا الحدث المنقطع النظير ،  ممّا سيترك أخطر الأثر على كيفية تفكير الفرد الغربي والشرقي على السواء ، فيسعى فاحصاً مستفهماً عن أسباب مليونية الأربعين الحسيني النابض بالمعايير الإنسانية والفضائل الأخلاقية العالية .. ولاغرو أنّ الإنسان ميّالٌ بطبعه للخروج من التكرار المملّ ، وهل مثل أربعينية الحسين أكثر حركةً وتغييراً وخلاصاً من الروتين الحاكم على الوجود الإنساني ؟
 
نحن أيضاً نتحمّل قسطاً وافراً من اللوم والتقصير ؛ حيث لم نعمل بعزمٍ وحزم على إيجاد الفضاءات العلمية اللائقة وأدوات الاستقطاب المناسبة للتعريف  بأربعينية الحسين تعريفاً شافياً وافياً ، بل تجدنا ندور غالباً في فلك العواطف والأحاسيس المقطعية دون التنقيب المعرفي والضخّ القيَمي الأخلاقي النابض بالحركة التواصلية ..
 إنّ فرصة أربعينية الحسين كبريتٌ أحمر ولاأنقى ،  بل كيمياء الحياة وإكسير الخلاص ولا أصفى ؛ حيث نفحات الخير ونسائم الإيمان ورشفات الفلاح التي لاتجفّ ولاتُبلى  .
  
المؤسّسة الدينية والمراكز العلمية والمعاهد الثقافية والمعاقل المختصّة برموزها ونخبها ومحاورها ، عليها المعوّل وعليها يقع العبء الأكبر والمسؤولية الأخطر في هداية الأحاسيس والمشاعر الجيّاشة  نحو السمت الأسلم الأدوم ، من خلال بوصلة القيم والمبادىء والخلق الإنساني الأعظم ، تلك التي بذل الحسين دونها المهجة ولاأعظم .
 
لسنا أبداً في وارد البحث بالمنافع والمضارّ الاقتصادية والسياسية الناتجة إثر الأربعينية الحسينية ، حتى دار البعض  في فلك الحسابات الرقمية محلّلاً ومنتقداً ومقترحاً..إنّما ندعو إلى استثمار المشاعر الإنسانية الفيّاضة في أربعين الحسين عبر تشييد المشاريع الأخلاقية والمؤسّسات الإنسانية الرفيعة، والعمل على تثبيتها وتنميتها ونشرها وديمومة عطاءاتها المفيدة  ، ولا يُنجَز ذلك إلّا بالمناهج الصحيحة والآليات الرشيقة والحُلل القشيبة .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=86332
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 11 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29