• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أم جميل... تفضح نائب عراقي...! .
                          • الكاتب : وليد كريم الناصري .

أم جميل... تفضح نائب عراقي...!

لم تخلو حياة "أم جميل" من البؤوس والإضطهاد البعثي الصدامي، كانت تبيع بيض دجاجة داجنة في بيتها الطيني، إخشوشنت يديها من قدر ما تصنعه من سعف النخيل من حصائر وأوعية التمور، لتبيعها وتعطي ثمنها لولديها "جميل" و "جليل" فلطالما كان مدير المدرسة، يطالبهم ببعض الأموال لتمويل حزب البعث، تحت عنوان "بدل إشتراك" وكأن يصور لهم المدير، بأن إفلاس ميزانية الدولة العراقية، وبيت مال حزب البعث، متوقف على ما تبيعه "أم جميل" من البيض والحصران.
ضاقت الدنيا "بأم جميل"، بعدما وخزت أصبعها بمغزل الخياطة "المخيط"، ولبساطتها لم تكلف نفسها تعقيم الجرح، مما أدى الى التهابه بشدة، حاول الأطباء إقناعها بأن يقطع إصبعها، لتلافي المرض في كفها، تهربت من الأطباء، حتى دخول بعض فرق الإسعاف الفوري، لضحايا الحرب في العراق، وكان هنالك مركز صحي أميركي قريب، ذهبت اليه "أم جميل" تعاطف المترجم معها، وأقنع الأميركان بأن يأخذوها وولديها لأميركا، وتُعالج هناك، شفيت من مرضها في أميركا! ومن ثم إنتقلت لتعيش في إستراليا.
تغير كل شيء في حياتها، أصبحت تبكي ليل نهار على دجاجتها، ومخزونها من سعف النخيل، والبيت الطيني، ولكن ولديها أجبراها على البقاء، بعدما وجدوا فرصة عمل في أستراليا، "أم جميل" تخرج بعباءتها وملابسها العراقية التقليدية، تتفاجىء بما تلبسه النساء الأستراليات، الى أن اقنعها ولديها ان تتماشى مع ما تراه، كانت تذهب للتسوق بغياب ولديها، ولكنها تواجه مشكلة اللغة مع الآخرين.
"أم جميل" في استراليا، وبعد إن حصلت على فك جديد لفمها، عشقت أكل المكسرات والحلويات، التي طالما حرمت منها في العراق.
خرجت ذات صباح، بعد إن أقنعت نفسها على لبس ملابس رياضية للركض! في إحدى نوادي أستراليا، فوقع بصرها على كشك صغير لبيع الحلويات التي تعشقها، جاءت لتشتري، وبعد إن حاورت صاحب الكشك، إكتشفت أنه عراقي، وكان يتمتم بكلامه، خجول جداً، صارت كل يوم تأتي لتشتري منه، فعمد الى سرقة نقودها، وبدأ يتلاعب بسعر البضاعة، وبعدما اكتشفت تلاعبه معها، كانت تقول لها "فوك بوك البعث والدهر باكني أبو لسان المكسر" وتعني "بعدما سرقني حزب البعث والزمن، سرقني من يتمتم بكلامه"
كانت تعاتب البائع بلهجة عراقية "إنت عراقي وأنا بمثابة أمك، إذا انه تبوكني! شحال ذوله الحمران..؟" وكانت تقصد "الإستراليين" وكان صاحب الكشك يتمتم بكلامه متحايلاً بالعذر، ومستهزأ ببساطتها، فيثير غضبها فتقول له " الله لا يسلطك على عبد مسلم، تبوك دمك ولحمك؟ شحال الحمران" .
أدركت بعدها "أم جميل" بأن هذا الرجل، كان يستغل العديد من البسطاء بتلك الطريقة، التي تعبر عن مدى حقارته وتفاهته، في عدم مساعدته لأبناء جلدته، وسرقتهم في بلاد الغربة.
سقط البعث الصدامي، ولا تزال "أم جميل" تعشق وتشتاق لوطنها، أجبرت ولديها بالرجوع فرجعوا للعراق، وإستقر لهم العيش في بغداد، كانت "أم جميل" تُحدث أقاربها ومن يزورها بعض ما تعلمته من اللغة الأسترالية، وتقص لهم ما عاشته في سنوات الغربة.
ولما لم تعد تجارة ولديها كافية للعيش، خاصة بعدما تزوجا وانجبى ذريتهما، بحث "جميل" عن وظيفة في الدولة العراقية، فأرشده أحد معارفه، بأن يذهب لأحد النواب العراقيين لمساعدته، بالحصول على وظيفة، إصطحب جميل والدته، وذهبا لمقر النائب العراقي.
دخلا مقر النائب وجلسا ينتظران دورهما، لم يقدم لهم سوى قنينة ماء صغيرة، مما جعل "أم جميل" تنفعل، بعدما إرتفعت بجسدها نسبة الضغط، أخذت تتكلم مع ولدها بأمتعاض، كلام إنتقدت به الحكومة وذلك البرلماني، الذي يحتاج اللقاء به هذا القدر من الوقت،سمع صراخها بعض العاملين بمكتب النائب، وبدأت الضجة تملأ المكان، اضطر العاملين ان يدخلوها للنائب، دخلت الى مكتبه وكان جالس يشرب القهوة، وشغل فكرها الخدم التي تملأ أركان قاعة المكتب الفارهة.
تفاجأت "أم جميل" بأن النائب الجالس، هو الرجل صاحب كشك الحلويات والبقالة في إستراليا، صرخت من حيث لا تشعر وبإستهزاء،( منو هذا؟ أبو لسان المكسور الحرامي! وصارلي نهار متانيتك، وتطلع أنته) قام ياسر صخيل من مكانه فزعاً، ليسكت " أم جميل" ولكن دون فائدة، إنفعلت أكثر، وخرجت من فورها وهي تصرخ في ممر القاعة( أبن صخيل بالغربة وباكني فلوس الحلويات، تأمنونه علخزينة شعب....أرجع لستراليا أحسلي.. عراق بيد الحرامي أبو لسان المكسور ماأريده)... رواه "أم جميل"......



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=86603
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 11 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28