• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : إذا سقط الأصل سقط الفرع .
                          • الكاتب : د . صادق السامرائي .

إذا سقط الأصل سقط الفرع

"إذا سقط الأصل سقط الفرع"!! هذه قاعدة فقهية معروفة ومعمول بها , فاللعبادات أصول وفروع , ولابد من تمام الأصل لكي يكون الفرع صحيحا. وهي إقتراب أوسع من حصرها في سلوك تعبّدي أو طقوس دينية وآليات عبادات وحسب , وإنما تشير إلى مفهوم كوني راسخ وقانون قاطع لا يقبل الخطأ , فلكل حالة أصل , وإذا إنتفى الأصل إنتفت الحالة وفقدت معناها وجوهرها. فالشجرة لها جذور وساق وأغصان أو فروع , والأصل فيها الساق بجذره , الذي إذا إنقطع ماتت الفروع وتحطّبت , بينما إذا قطعت فرعا أو عدة فروع فأن الشجرة باقية ولديها القدرة على التفرع الأكثر. والأمم الأخلاق ما بقيت , أي أنها الأصل في قوة وقدرة الأمم وعزتها وكرامتها وتقدمها , وإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا , لأن من الأخلاق تنبت الفروع القادرة على الحياة الوارفة الظليلة الهانئة , وما أن يسقط الأصل تسقط الفروع. والعدل أصل في الدول والمجتمعات , وإذا سقط العدل عمّ الفساد والظلم , وشاع القهر والجور بين العباد , وكل بلاد بلا عدل تعيش في ذل وهوان وخسران. والأوطان أصول وكل ما فيها فروع , فإذا سقطت الأوطان ذهب ما فيها , ولهذا نجد بعض الأوطان التي سقطت , ذهبت الحياة فيها وتخربت ديارها وتشرد أبناؤها , وأصابها الهوان , وعبثت فيها القوى المفترسة القادمة إليها من حيث تدري ولا تدري. وفي الدول المتقدمة يكون الدستور أصلا وتتفرع منه قوانين وآليات تفاعلية ما بين أبناء الوطن , وهذا الأصل قد يصل في بعضها إلى ثابت محرم المساس به أو زعزعة أركانه , وإنما يتم إضافة ما يعززه ويثبته ويزيد من هيبته وقيمته ودوره في الحياة , لأنها تعرف قيمة الأصل , وضروراته القصوى لأي فرع في المجتمع. والدين أصل ومدارسه ومذاهبه وطوائفه فروع , فإذا توهم الفرع بأنه الأصل فأنه يُسقط الأصل ويتسبب بسقوط ذاته وجميع الفروع الأخرى , وهذا ما يحصل في بعض المجتمعات التي أسقطت اصل الدين وحسبت الفروع هي الدين , مما أدى إلى تلاحيها وإصطراعها الدامي , وتبعيتها وخنوعها للآخرين الذين يستهدفون أصل الدين. ولهذا فأن من الوعي الحضاري الإنتباه إلى الأصل في كل شيئ للحفاظ على تمامه وكماله , وتنمية فروعه التي يغتني بها ويتقوّى ويتطور , وأن يكون العمل جادا على ترسيخ قيمة الأصل وعدم الإستهانة به أو الإعتداء عليه. وهذا الدستور السلوكي الذي يردده فقهاؤنا لا يتحقق في واقعنا اليومي , وكأنه للفقه وحسب , وكأن الفقه زوايا ضيقة , وليس أفقا مطلقا متفاعلا مع الحياة البشرية وفقا لأحكام الزمان والمكان , والتي يتم نفيها من وعي الأجيال لحشرهم في جحيمات سقر.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=86997
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 12 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19