طبيب الأمراض النفسية، عيادته على شكل رفوف تمتد من اليمين الى اليسار، كما هي من أسفل الارض الى أعلاها.
السكرتيرة المختصة تجيد التحدث بعدة لغات الانكليزية، والعربية، والكلدانية، والإسبانية، ما يجعلها اكثر خبرة من غيرها في ادارة الامور.
اما ملفات المرضى فهي على شاكلة صفحات ورقية تتضمن ملاحظات الطبيب المختص بناء على الاعراض الخاصة بالفحوصات السريرية، والمتعلقة بطبيعة السلوك والمؤثرات.
المرضى بعض موضوعاتهم، يتم دراستها واحالتها على قسم الاضطرابات النفسية والعقلية.
المراجعات، النسبة الأكثر منهن، يتعرضن الى الاكتئاب.
إحداهن راحت تحكي تفاصيل قصتها اليومية مع زوجها كما لو انها تم تنويمها مغناطيسيا.
الفايلات تم إفراز بعضها على شاكلة عينات لأغراض دراستها من قبل الطلبة المتخصصين في هذا المجال.
الطبيبة المساعدة تم تكليفها بمعاينة احد المراجعين للبحث في تفاصيل حالته الصحية.
التقرير الطبي تضمن اربع زوايا مهمة كما يبدو. هكذا راح الطبيب المختص يتحدث الى مساعدته،
الزوايا بقيت على شاكلة مستطيل كل زاوية من زواياه، كأنها استيقظت لتعلن ما ورد في التقرير.
اما انا فقد أصبحت مكتظا بالأسئلة بغية الحصول على ملاحظات مهمة.
حاولت ان افهم بعض المصطلحات الطبية بشكل دقيق لكني لم افلح.
تساءلت مع نفسي، هل لي ان اسال السكرتيرة، لكنني تراجعت باعتبار اني لم اقدم نفسي كباحث في هذا الباب، بل كان حضوري كمترجم لأحد المراجعين.
بقيت أنظر الى عين احدهم، لعلي استكشف موضوعات اخرى، رحت انظر الى الاخر، وهكذا كان كل واحد منهم، كأنه في عينيه نافذة تأخذك، تحلق بك بعيدا نحو تفاصيل عوالم مدهشة.
عرفت بعد حين ان هنالك سلوكا يصاحب المريض في عيادة الطب النفسي، هذا السلوك يكاد ان يكون مختلفا تماماً عن السلوك الحقيقي له قبل المراجعة، ذلك قادني لان أتناول نقطتين لا علاقة لهما بالزوايا الأربع التي تعرض لها الطبيب المختص خلال محادثته عن اعراض المريض.
النقطتان، هو ان المجتمع بأمراضه وعلله وجميع تناقضاته يعد عاملا مهما من عوامل الاضطراب السايكولوجي، اما النقطة الثانية فهي ان المريض يجد نفسه مكبلا بقيود نفسية، هذه القيود هي من صناعته، والسبب يعود الى الضعف، وعدم الاستعداد على المواجهة، وهذا بدوره يتسع الى حلقات اخرى.