• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ثقافة الصدق كمقولة لبناء الانسان والمجتمع .
                          • الكاتب : عقيل العبود .

ثقافة الصدق كمقولة لبناء الانسان والمجتمع

 ورد في محكم آياته سبحانه وتعالى بعد بِسْم الله الرحمن الرحيم:
" ومن اظلم ممن افترى على الله كذبا أولئك يعرضون على ربهم ويقول الاشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم الا لعنة الله على الظالمين" ١٧-١٨ سورة هود. 
 
والكذب في هذه الآية معناه إحلال قانون الظالم بدل  قانون العادل، والجائر بدل المنصف، فتكذيب الانبياء مثلا،  يلازمه تصديق الفراعنة، كما ورد في قصة نبي الله موسى والفرعون لإثبات ان معجزة موسى، هي اكبر من طاغوتية الفرعون في قصة سحر السحرة وعصا موسى بحسب ارادة الخالق. 
 
هذا من جانب، ومن جانب اخر هو ان إفشاء لغة الكذب، هو إفساد للعقل والضمير. 
 
فالأب عندما يكذب، سيعلم بتشديد اللام ابنائه على ممارسة ذات العادة، وكذلك الابن، والصديق وآلام، والأخت ، والزوجة، والمعلم، والتلميذ، والعامل والموظف، والرئيس، والمرؤوس، اي جميع الإفراد الذين بهم تتأسس المجتمعات، ما يثبت ان الصدق هو الاساس الذي به تتقوم الحقائق.
 
وبعكسه تجد ان الكذب لغة من خلالها يتم نخر مفردات النسيج الاجتماعي والانساني ما يقود الى الانفصال والعداء والأنانية وكل نتائج الخراب والتفكك.
 
والشاهد وارد في القران حيث أبدل الله اهل القرية التي تعمل الخبائث، وكذا فعل مع أقوام، وأقوام. 
 
إذن الصدق معناه تطبيق نظرية العدل الالهي، بغية ان تنتصر على لغة الطغاة والظالمين، وفي ذلك مراحل وشروط. 
 
ففي دعاء كميل تجد ان مراحل الصدق ومواطن وجوده في النفس البشرية تبتدىء من النظر بالوجه والإقرار بالالسن، والاعتراف بالقلوب، واحتواء العلم والاعتراف بالقدرة الالهية من خلال الضمائر، والسعي الى أوطان التعبد من خلال الجوارح.   
كما جاء: 
 
"..وبعد صدق اعترافي ودعائي خاضعا لربوبيتك، هيهات انت اكرم ان تضيع من ربيته او تبعد من ادنيته اوتشرد من اويته او تسلم الى البلاء من كفيته ورحمته، وليت شعري يا سيدي وإلهي ومولاي اتسلط النار على وجوه خرت لعظمتك ساجدة، وعلى السن نطقت بتوحيدك صادقة...وعلى قلوب اعترفت بالهيتك محققة، وعلى ضمائر حوت من العلم بك حتى صارت خاشعة، وعلى جوارح سعت الى أوطان تعبدك طائعة، وأشارت باستغفارك مذعنة"...وقد ورد ايضا "ويناديك بلسان اهل توحيدك" ، وأهل التوحيد وردت بصيغة الجمع، وهي تشير الى الموحدين، الذين وحدوا الله، اي جعلوه واحدا ولم يشركوا به أبدا. 
 
لقد تم  اختيار الانبياء لينشروا وحدانيته سبحانه، كما ورد مع نبي الله ابراهيم (ع) ومحمد (ص) وموسى وعيسى عليهما السلام.  
 
هنا ونحن نعود الى بداية الخلق نجد ان آدم كان صادقا مع ربه، ملتصقا بوحدانية الطاعة الالهية. ولكن ما ان أوقعه الشيطان في حبال غدره، حتى تزعزعت لغة الوحدانية،
 
 
والمجتمعات لكي تلتزم بالصدق، لا بد من آلية لهذا النوع من الالتزام، ومن شروط هذه الآلية هي مطابقة الوصايا التي كلف الله بها الانبياء لتكون منهجا تتحقق السعادة البشرية من خلاله على الارض. وهذه الوصايا على أساسها يتخذ الصدق طريقا للحق. 
 
اما عندما يقع تكذيب الانبياء في الارض، فهذا معناه إخلال بشروط العدل الالهي، باعتبار ان العدل الالهي لا يقع الا من خلال آلية التصديق برسائل ودعوات الانبياء.
 
فالحق حق والباطل باطل، ولا يمكن استبدال الانبياء بالطواغيت، وأصحاب العدل بأصحاب الباطل. 
 
هنا تجد ان الصدق هو المفتاح الذي به تعزز الثقة بين الاخرين.
 
والسلوك الاجتماعي يرتبط بالسلوك الديني فالصلاة لا يمكن ان تكون لغرض مراعاة المجتمع لانها تقوم على اساس التصديق والإيمان بوحدانية الخالق، وكذلك الصيام والزكاة والخمس هذه الفروع بجميع مفرداتها تم الاتفاق عليها لكي تتكامل شروط البناء النفسي والإنساني من خلال فهم معادلة الدين، بغية استخدام هذه المعادلة؛ ممارستها كمقولة اجتماعية وأخلاقية. 
 

الصدق هنا يحتاج الى الوقوف مع أهم ما تمت المصادقة عليه من قبل العالم، والإمام، والنبي، وهكذا يمكن تطبيق هذه الحيثيات والمقدمات، لكي ننقذ نفوسنا وتصرفاتنا من الوقوع في حبال وشراك الظالمين.  




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=87536
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 12 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16