• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : علم الاجتماع الحداثوي تكنلوجيا التواصل الاجتماعي .
                          • الكاتب : حميد الشاكر .

علم الاجتماع الحداثوي تكنلوجيا التواصل الاجتماعي

 آ : انعكاس تكنلوجيا التواصل الاجتماعي في صناعة الشخصية الفردية للانسان .     
يناقش علماء الاجتماع في عصر مابعد الحداثة التكنلوجية ظاهرة ضمور العلائق الاجتماعية المباشرة واحلال محلها علائق الاجتماع الصناعية المركبة من خلال واسطة تكنلوجيا التواصل الحديثة غير المباشرة بدءا من الهاتف الى المحمول وبعد ذالك شبكات التواصل الاجتماعي على الانترنت في انظمة الاتصال الحديثة ( غرف نظام البالتوك والماسنجر والى تويتر حتى قيس بوك و ...الخ ) 
وما لفت انتباه علماء الاجتماع في ظاهرة علاقات التكنلوجية الاجتماعية الغير مباشرة عدة امور متنوعة منها ماهو ايجابي ك : 
اولا : ان هذه التكنلوجيا فتحت مجال وافاقا واسعة امام شخصية الانسان المهمشة والمغيبة لتكون اكثر قدرة وشجاعة وربما تهورا على التعبير عن نفسها بحرية من جهة مع ضمان امان اكبر لها من المحاسبة القانونية والاجتماعية المباشرة من جانب اخر ، فمعروف بهذا الصدد ( لاسيما في العوالم غير الديمقراطية ) ان كثير من الافراد كانت ولم تزل  تخشى وترهب التعبير عن شخصيتها بالشكل المباشر امام الناس وتحت انظار عيونهم الزالقة ولهذا جاءت هذه التكنلوجيا الحديثة والصناعية بالتواصل الاجتماعي لتفتح مساحات اوسع ( امام بسطاء الناس وعامتهم ورويبضاتهم ) لهذا التعبير وتحت اسماء مستعارة او مزيفة او من خلال فضاءات فيها من الحماية وتغطية هوية الشخصية الانسانية ما يسمح لهذه الشخصية بالجرأة على التعبير اكثر فاكثر لاسيما ان الشخصية المترددة بالتعبير امام الناس بحاجة الى فرص كثيرة لتعلم التعبير عن الشخصية بصورة صحيحة وجريئة وقوية وهذا ما ربما ياخذ وقتا وبحاجة الى تجارب متعددة واعادة هذه التجارب المتوقعة الاخفاق والفشل  مرة واخرى ومثل هذه الفرص لاتتهيئ امام الناس في العلاقات المباشرة الاجتماعية والقانونية لكنها متاحة في تكنلوجيا الاتصال وترفع حرج الكشف عن الشخصية او الهوية الحقيقية للانسان !!. 
اما ماهو سلبي في العلاقات الاجتماعية التكنلوجية الغير مباشرة فقد
تحدث علماء الاجتماع المحدثين عن عدة ظواهر صنعتها تكنلوجيا التواصل الاجتماعي الحديث منها على سبيل المثال :
 
  اولا : ساهمت هذه التكنلوجيا اكثر فاكثر في العزلة الفردية للانسان بحيث ان الصلات الاجتماعية التقليدية التي كانت بحاجة الى حركة وتواصل مباشر لم تعد بحاجة لبذل عناء السفر او المرور اليومي على الاهل والاصدقاء للسلام عليهم وتعرف احوالهم بل هيئت هذه الوسائل من التواصل الاجتماعي السبل للقاءات العائلية والاجتماعية وانت جالس في غرفة بيتك وبدون اي عناء حركة مما افقد الانسان المعاصر ميزة اللقاءات اليومية مع الاهل والاصدقاء !.
ثانيا : زادت هذه الوسائل التكنلوجية الحديثة من الاتصال الاجتماعي بترهل الحركة الفسلجية للانسان وساهمت في ضمور نشاطه وحركته الجسمية ( الرياضية ) النشيطة باعتبار ان هذه الوسائل التكنلوجية ساهمت بشكل او اخر في الجلوس لفترات طويلة امام شاشات الانترنت والتواصل التكنلوجي من خلالها !.
ثالثا : لعبت وسائل الاتصال التكنلوجية دورا قوية في تغيير كثير من القيم والمفاهيم الاجتماعية التي كانت راسخة ومستقرة في الحياة الاجتماعية ماقبل الحداثوية بل انها زحفت على شخصية الانسان الفردية المعاصرة لتغير من شخصيته الفردية وقيمها الاجتماعية والاسرية و... غير ذالك ، ولعل تداخل او خنق مميز الشخصية الفردية داخل المجتمع بدأ بالتاكل والضمور مع الجماعة ولتصبح فيما بعد لدينا شخصيات اجتماعية كثيرة متشابهة البصمة السيكلوجية ويغيب عنها مميز الطعم او الرائحة او الذوق المختلف !.
رابعا : اتاحت هذه التكنلوجيا الحديثة بصورة عامة وتكنلوجيا التواصل الاجتماعي بصورة خاصة غزارة المعلومة وتوفرها بشكل بسيط وسهل ومشاع وليس بحاجة الى اي جهد فكري او علمي شخصي ( قراءة كتب مثلا ) يبذل في هذا الاطار ، وهذه الخاصية في توفير المعلومة الجاهزة والمعّلبه مع انها مفيدة في جانب من شخصية الانسان الا انها اضرت بعمق بفكر الانسان المتحرك وضربت اجتهاده ونشاطه وفاعليته الذي كانت تميز المجتهد من البليد بالصميم من جهة ، ووفرت للاغبياء والكسالى والمترهلين و ,,, معلومة ليس لهم اي فضل باستحصالها او ادراك مرجعياتها او فهم ووعي جذورها الا كون التكنلوجيا قدمتها لهم وهم جلوس خلف الكمبيوتر لكنهم ( الاغبياء والكسالى و ..) على اي حال يستخدمون هذه المعلومة لمنافسة المجتهدين والاذكياء والنشطين و ... ليزاحموهم من ثم على مناصب الاجتهاد والذكاء والتفوق مايعني انهيار قيمية الاجتهاد وتساوي الشخصية البليدة المتخلفة مع الشخصية الذكية والمجتهدة والكفوءة في المحصلة في الحديث بالمعلومة وطرحها وتدولها والنقاش حولها !.
خامسا : في وسائل الاتصال التكنلوجية الاجتماعية الصناعية الحديثة بدأ الانسان يفقد مميزات التعبير ( الفسلجية ) النفسية والشخصية والاخلاقية للعلاقات الفردية والاجتماعية اللصيقة به شخصيا والمختلفة عن الاخرين من حوله بحيث ان الانسان اصبحت لديه مشاعر يطرحها من خلال وسائل الاتصال التكنلوجية مع الاخرين لكن لاتعبر عنها او محجوبة  او منفصلة منها  قسمات الوجه وحركة العينان وملامح حركات الانسان الخارجية و ...الخ !!. 
اي بمعنى : ان الانسان عندما يريد ان يعبر عن حبه وتعاطفه الشخصي مع كل حادثة وقضية فردية او اجتماعية كانت هذه الامور تاخذ حيزا واسعا بالظهور على قسمات وجهه او ( تورد خدودها للتعبير عن الحب ) او دوران عينية او احمرار وجهه للتعبير عن الغضب او .... وهكذا تساهم كل جارحة من جوارحه الجسدية بالتعبير عن الموقف والتاثر بذالك وربما كانت نظرة العين او ملامح الوجه دليل صدق او كذب تلك المشاعر والانفعالات في اللقاءات الاجتماعية المباشرة ماقبل تكنلوجيا الاتصال الحديثة !. 
اما ونحن نجلس امام شاشة كمبيوتر وبعيدين تماما عن التماس المباشر مع الاخرين ولا نشعر مطلقا بالحديث الا الى شاشة الكمبيوتر لاغير فلسنا بحاجة ابدا لتتفاعل ملامحنا الجسدية مع كل ما نطرح او يطرح لنا لان الاخر ليس بتماس مباشر معنا لنحرك هذه الملامح ولتكون من ثم لنا عونا او برهانا على صدق مشاعرنا او صدق ما نطرحه من افكار وتوجهات او كذبها او غير ذالك !. 
ولهذا بدا واضحا ان ملامح وقسمات المشاعر الانسانية التي تظهر على وجه الانسان  او جسده بدات بالضمور ( فسلجيا لان العضو اذا لم يستخدم وظيفيا يضمر ويموت ) عند الانسان مابعد الحداثة والاضمحلال شيئا فشيئا كلما كانت حياتنا مرتبطة بعالم التواصل الاجتماعي التكنلوجي الحديث الذي هو ليس بحاجة الى تفعيل وتحريك هذه الانسجة !!.
وربما مايعانيه الانسان الاوربي اليوم الاكثر تطورا تكنلوجيا وتواصلا من خلال هذه التكنلوجيا مع الاخرين من ضمور او موت في بعض انسجته الفسلجية ولاسيما ملامح الوجه وقسماتها المعبرة باشكال مختلفة كجفاف العاطفة بصورة حارة وودية وقوية سببها هو هذه التكنلوجيا التي ساهمت بموت خلايا الوجه والجسد من التعبير الحي والمتفاعل مع مواقف الانسان العاطفية والاجتماعية والسياسية و ...الخ !.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=87570
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 12 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19