• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : المنطقة ...الصراعات والتحديات .
                          • الكاتب : عبد الخالق الفلاح .

المنطقة ...الصراعات والتحديات

 تسارع وتتعدد التحديات التي تواجه المنطقة فهي متعددة من حيث مصادرها ومختلفة  في مجالاتها , ومتنوعة في انساقها. وتسخير مصادر قوتها واستثمار علاقاتها السياسية والاقتصادية والطائفية في تحقيق ذلك.

الظاهر ان البعض من القوى في العالم لايردون الهدوء في المنطقة لانها ليست في مصلحتهم المحافظة على امنها وان يأخذو عواقبُ سياسة العسكرة الجديدة باحجام مُعتبرة بنظر الاعتبار ، ومع أنّ تِلك السياسات تؤدّي لزعزعة الاستقرار المباشرةً ، في المنطقة ولا تجني منها شيئ ، فهي أرست القواعد لعصرٍ تلا من العنف وانعدام الأمن بشكل غير مباشر في خلق الحركات والتجمعات الارهابية . اما اليوم بعد ان اصبح انهيار هذه العصابات بشكل واضح والمدن تتساقط من يدها لتعود الى احضان حكوماتها الشرعية  فأن الدعم لهذه العصابات المسلحة اصبح علنيا عن طريق قوات دول داعمة ومشاركة في تاسيسها  فقد كتبت صحيفة حريت التركية يوم السبت 18 / 2 / 2017 نقلا عن مصدرين أمنيين إن اجتماعا عقد الجمعة الماضية في قاعدة إنجيرليك الجوية التركية - وهي مركز أساسي للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد "المتشددين " بين قائد الجيش التركي خلوصي آكار ونظيره الأمريكي جوزيف دانفورد تناولا فيه خارطتي طريق لعمليات في مدينة الرقة السورية .وأضافت الصحيفة في تقريرها أن أنقرة تفضل خطة عمل تدخل بمقتضاها قوات تركية وأمريكية خاصة مدعومة من كوماندوس ومقاتلين من المعارضة السورية تساندهم تركيا الأراضي السورية عبر مدينة تل أبيض الحدودية التي تخضع في الوقت الراهن لسيطرة وحدات حماية الشعب الكردية.

وفقا لتلك الخطة ستقطع تلك القوات عمليا الأراضي التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب قبل التوجه نحو مدينة الرقة التي تقع على مسافة نحو 100 كيلومتر إلى الجنوب منها.

 هذه العسكرة أصبحت ظاهرة إقليميّة في البداية ثم عالمية التحرك ، وقد زادت من جرأة مستبدّي الاقليم وخاصة بعض الدول الطائفية والغنية فيها الّذين أصبحوا أكثر حزمًا وتهديدًا لبعضهم البعض ، إذ كانت التوتّرات المتصاعدة فيها  نتيجة سياساتٍ إقليميّة ومحليّة مُعقّدة. ولكن، سعى حكّامُها المُهدّدون لتحقيق الأمن حسب اعتقادهم عن طريق شراء أسلحةٍ وصلت لمليارات الدولارات على حساب مستقبل اجيالهم القادمة بدل ايجاد المخرجات الصحيحية ومنها تقريب وجهات النظر والابتعاد عن الصراعات والتشنجات الغير المجدية ، وهذا ما  يسَرَّ الحكومة الأمريكيّة وقطاع الأسلحة الغربية  لتوفيرها والتي خططت لها مسبقاً .

إنّ استعداد الولايات المتّحدة المتزايدة لاستخدام القوّة والعنف لتعزيز تدفّق النفط للأسواق العالمية لم يكن علامةً على القوّة الأمريكيّة فقط بل على حدودها أيضًا، ولا ننسى في هذه العجالة ان نذكرنموذج  للصراع الغربي على المنطقة ومنها المملكة المتحدة حيث قال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون  إن غياب قيادة حقيقية في الشرق الأوسط سمح للناس بتحريف الدين وخوض حروب بالوكالة" وهي التصريحات التي أزعجت رئيسة الوزراء تيريزا ماي لانه كشف عن حقيقة تاريخية لايمكن انكارها خلال القرون الماضية لتقول  متحدثة باسمها "إن تصريحات جونسون لا تعكس السياسة الفعلية لبريطانيا".واكد الوزير  إن أي  أزمة تطرأ في منطقة الخليج هي أزمة للمملكة المتحدة، وإن أمن الخليج هو من أمنها، مضيفا أن بلاده عادت إلى الخليج وستعزز التزاماتها الأمنية فيه.

وأضاف جونسون خلال المنتدى السنوي حول الأمن الإقليمي بالعاصمة البحرينية المنامة أن "بريطانيا كانت جزءا من تاريخكم خلال مئتي سنة مضت وسنكون معكم في القرون المقبلة" مشيرا إلى أن لندن ستنفق المليارات من الجنيهات في إطار التزاماتها العسكرية في الخليج على مدى السنوات العشر المقبلة. 

لازال الغرب يعمل على مشروع الشرق الأوسط الجديد – والذي تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيقه بمساعدة الدول الغربية وإسرائيل من خلال إعادة تشكيل دول الاقليم  مرة أخرى – وهو يشكّل مشروعاّ معرقل  لمشروع تعاون بلدانها بلا أدنى شك –لأنه لا يعقل أن تقوم الدول العربية مثلاً بإنشاء دولة عربية موحّدة لاسباب مختلفة ومنها الانقسام في الارتباط الدولي  والتي من الصعب التخلي عنها لحفظ بقائهم كحكومات تقود دول في الوقت الذي تسير فيه الدول الغربية قدماً في مشروعها، وإذا ما أريد لمشروع الشرق الأوسط الجديد أن يصبح أمراً واقعاً، فإنه سيكون بكل تأكيد على حساب مشروع التقارب. 

كما ان الخطاب السياسيّ الشائع في الغرب كثيرًا ما يصوّر شعوبهم كضحايا غير عالمِين أو كسُذّجٍ مخدوعين مِنْ قِبل مُنتجي النفط وهذا ماخلق نوع من الحقد المبطن على الدول النفطية والتي خيرتها في ان تخلق توترات متتالية وازمات وحتى انظمة عميلة لحد النخاع لها لكي تمسك بلجامها. والتي وصلت إلى مواقعها الحالية دون استحقاق تاريخي  ولا توافقات شعبية اوادوار نهضوية مشهودة.

 اذا ما اضفنا عوامل التهديدات الاخرى التي تواجه هوية وامن دولها وتتوافق وتتداخل مع التهديدات التي ذكرناها ومنها اختلال التركيبة السكانية لصالح الوافدين وما يرتبط بها من اختلال في سوق العمل. وتراجع مكانة اللغة والثقافة بسبب الاعتماد المفرط على الاجانب من البيت حتى المسجد فضلا عن سوق العمل ودواوين الحكومات واهمال قطاع التعليم العالي لهما وفرض اللغة الانجليزية في اغلب الكليات والتخصصات.

 واستمرار تحكم الريع النفطي في اقتصاديات دولها وغيرها من التحديات المهمة دون ايجاد البدائل ، عليها ان تدرك انها تواجه قضايا مصيرية لا تحتمل التأجيل ولا تقبل الانتظار والمراهنة على الزمن وانما تتطلب وقفة عاجلة لدولها في اعادة النظر بحساباتها من خلال توثيق الروابط الدبلوماسية  وتصحيح المسارات ورفع المعوقات والشكوك الغيرالمبررة وتقريب وجهات النظر عن طريق اقامة المؤتمرات والندوات داخلها وخارجها بالتعاون مع مؤسسات أكاديمية ومنظمات فكرية وتاريخية لأدلجة ذلك التوجه والضغط على المؤسسات التعليمية والمراكز والمعاهد البحثية في العديد من دول العالم لدفعها إلى الدعوة في دعم هذه التوجه .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=89714
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 02 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19