• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أَدَوَاتُ الدَّوْلَة المَدَنِيَّة! [١] .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

أَدَوَاتُ الدَّوْلَة المَدَنِيَّة! [١]

   لكلِّ نوعٍ من أَنواع الدُّوَل فلسفة وأَدواتٍ، أَمّا أَنَّك تدعو الى نوعٍ ما منها وتعمل بفلسفةِ وأَدواتِ نوعٍ آخر، فذلك هو التّضليل والدّجل بعينهِ والذي كان يفعلهُ الطّاغية الذَّليل صدّام حسين عندما كان يرفع شعارات الدِّيمقراطية والتَّعدديَّة ويدعو اليها في خطاباتهِ وإِعلامه الشُّمولي، أَمّا فلسفتهُ وأَدواتهُ فتدلُّ كلَّها على النِّظام الاستبدادي الشّمولي الدّيكتاتوري البوليسي الذي يعتمد نظريّة [بعد ما ننطيها] سيِّئة الصِّيت والتي ورثها مِنْهُ بامتياز [القائد الضَّرورة] بأبشعِ صورِها!.

   هذا التَّناقض بين الفلسفة والأَدوات وبين الشِّعارات والخطابات في سياسات الطَّاغية عبَّرت عنها بشَكلٍ رائع القصَّة الافتراضيَّة التي انتشرت وقتها على كلِّ لسانٍ! والتي تقول؛ إِنَّ الطَّاغية خرجَ من إِجتماع القمَّة العربيَّة واستقلَّ سيّارتهُ وأَمرَ سائقهُ بأَن يؤشِّر على جهة اليسار وينعطف على جهة اليمين!.

   هذه الحالة تشيعُ اليوم في الْعِراقِ الجديد بشَكلٍ مُتهافت! فعندما نُتابع خطابات الزُّعماء التي باتت يوميَّة لمناسبةِ إِقتراب موعد الانتخابات النيابيَّة الجديدة! تجدها تُناقض سلوكيَّاتهم بشَكلٍ كبيرٍ جدّاً!.

   نحنُ الآن أَمامَ فُرصةٍ ذهبيَّةٍ للاستئناسِ والتمتُّع بمثلِ هذه التَّناقُضات التي باتت واضحة للعيانِ وضوح الشَّمس في رابعةِ النَّهار!.    

   فمثلاً، قبل يومَين تابعتُ حواراً لأَحدهِم وهو من [الفاسدين والفاشلينَ والتَّافهين والمُتهافتين] جدّاً، يُجيب على سؤَالٍ عن وعودهِ التي يقدِّمها للنَّاخب، قائلاً؛ أَعدهُ بتعليمٍ راقٍ جدّاً وصحة لا مثيلَ لها وسكنٍ مريحٍ وعمل يدرُّ عليهِ بما يُحقِّق لَهُ عيشاً كريماً وسعادةً ورفاهيةً!.

   ولم ينسَ طبعاً أَن يَعِدَ النّاخب ببناءِ دولةِ المؤَسَّسات!.

   وللأَسف الشَّديد فانَّ هذا وأَمثالهُ همُ الذين يحكمونَ الْعِراق اليوم، فبعد (٣٥) عاماً من النِّظام الشُّمولي الذي دمَّر البلادِ وأَهلك الحرثَ والنَّسل {خَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا} البلاد وخيراتها والعبادِ ودماءَها وأَعراضها وكرامتها ومُستقبلها!.

   وإِنَّ من أَبرز ما يجري الحديث عنهُ الآن وقبل الانتخابات النيابيَّة الجديدة هو موضوعة الدَّولة المدنيَّة، والتي يقصد بها البعض منهم نقيض الدَّولة الدِّينيَّة فيما يقصد بها البعض الآخر نقيض الدَّولة العسكريَّة.

   وقبل أَن نتحدَّث عن فلسفة وأَدوات وشروط الدَّولة المدنيَّة بالمفهومَين، أَودُّ أَولاً أَن أُنبِّهَ الى سببِ هذا الخِطابِ! ولماذا ينتشر الآن تحديداً؟!.

   أَولاً؛ بالنّسبةِ لمن يقصُد بالمفهومِ نقيض الدَّولة الدِّينية، فانَّ السَّبب يعود الى أَمرَين مُهمَّين؛

   الأَوَّل؛ هو وجود الأَحزاب والتيّارات [الدِّينية] على رأس السُّلطة! منذ العام ٢٠٠٣ ولحدِّ الآن.

   الثّاني؛ تبنّي مجلس النُّوَّاب لعددٍ من التَّشريعات ذات الطّابع الدِّيني!.

   وبرأيي فانَّ تبنّي مفهوم الدَّولة المدنيَّة بهذا المعنى يستنِد الى مجرَّد مخاوف ليس أَكثرَ وهي ليست حقيقيّةٍ بالمرَّة، وإِنَّما وهميَّة وبالأَدلَّة التّالية؛

   ١/ لم يدعُ أَحدٌ من كلِّ الأَحزاب الدِّينية في السُّلطة الى إِقامةِ دولةٍ دينيَّةٍ والسَّبب ببساطةٍ لأَنَّهُ ليس في الاسلامِ دولة بهذا المعنى.

   حتّى دولة الرَّسول الكريم (ص) التي أَسَّسها في المدينةِ المنوَّرة لم تكن دينيّةٍ وإِنَّما كانت مدنيَّة!.

   كما أَنَّ دولة أَمير المؤمنين علي بن أَبِي طالبٍ (ع) كانت دولةً مدنيَّةً.

   ولهذا السَّبب لم تتبنَّ المرجعيَّة الدِّينية في النَّجف الأَشرف مثلاً وشخص المرجع الأَعلى مفهوم الدَّولة الدِّينيَّة بأَيِّ شَكلٍ من الأشكالِ، وتلكَ خطاباتُها واستفتاءاتُها وبياناتُها واضحةً بهذا الخُصوص.

   *يتبع

   ١٣ آذار ٢٠١٧

                       لِلتّواصُل؛

‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=90746
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 03 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 3