• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : قراءة في كتاب .
                    • الموضوع : قراءة في مختارات من الشعر الانجليزي .
                          • الكاتب : مراد العبد الله .

قراءة في مختارات من الشعر الانجليزي

صدر مؤخراً عن دار الأمل للطباعة والنشر والتوزيع في العاصمة السورية دمشق كتاباً للباحثة الأكاديمية الدكتورة هناء البياتي، التدريسية في قسم الترجمة بكلية الآداب/جامعة البصرة، فقد حمل الكتاب عنوان (مختارات من الشعري الإنجليزي في مختلف العصور التاريخية)، وقد ضم المؤَلف مجموعة من القصائد الشعرية التي كُتبت في عصور مختلفة مثَّلت المراحل الشعرية للأدب الإنجليزي إبتداء من القرنين السادس والسابع عشر مروراً بشعر القرنين الثامن والتاسع عشر وصولاً الى الشعر الحديث في القرن العشرين، إذ بدأت الكاتبة مؤلفها بمجموعة من الموضوعات التي شكَّلت مدخلاً هاماً لترجمة القصائد، إذ تكلمت في بداية الأمر عن دور الترجمة في عملية نقل هذا الإرث الكبير الذي يكاد مختفياً في امهات كتب الأدب الإنجليزي والذي اقتصر ذكره وتناوله على المواد العلمية التي تدرس ضمن المراحل الأكاديمية ضمن تخصص الأدب الإنجليزي هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى كان التطرق لموضوع الترجمة كعلم راج في العراق أمر يحتاج الى وقفة متأنية، فكان العراق من الدول التي أهتمت بحركة الترجمة وقد اُسِّسَ داران للترجمة الأول دار المأمون للترجمة ودار الثقافة، فأغنتا المكتبة العربية والعراقية بالعديد من المؤلفات المترجمة، وقد تحدثت الكاتبة عن دور الترجمة كونها أصبحت وسيلة للتبادل الثقافي بين الشعوب فمن خلالها يمكننا أن نتعرف على ثقافة شعب ما بوصفها قناة لنقل الأفكار بين بني البشر بمختلف لغاتهم، ثم تناول الكتاب دور الأدب المقارن وعلاقته بالترجمة من حيث ظهور مؤلفات عدة تكرس جل اهتمامها بترجمة الشعر من العربية الى الفارسية وبالعكس ومن ثم تمكين الباحثين من دراسة خصائص كل نوع من أنواع الشعر والمقارنة بين خصائصها، فكان ذكر جهود علماء العرب القدامى واضحاً أمثال ابن رشد وهو يترجم كتاب (الشعر) لارسطو مستشهداً بالشعر العربي محاولاً تطبيق قواعد الشعر اليوناني على الشعر العربي، ثم وجدنا كتاب (كليلة ودمنة) و(الف ليلة وليلة) وكتب أخرى وصولاً الى جهود المحدثين في هذا المجال، غير متناسية أهم الدوافع التي دعت عملية ترجمة الأدب بأشكاله كافة إلى رغبة المترجمين في نقل تراث الأمم وإطلاع أبناء جلدتهم على ثقافة الآخرين ونقل أدب أبناء جلدتهم الى العالم الآخر، ونتيجة لهذه الترجمات ظهرت حركات تأثرت بشكل مباشر في ثقافات العالم؛ منها ما أسسه الشاعر البصري بدر شاكر السياب والشاعرة نازك الملائكة وإحداثهم ثورة في الشعر الحديث التي كانت وقتها ثورة ضد الشعر العمودي التقليدي.
ومن جهة اخرى انتقلت الكاتبة إلى موضوع يحمل من الحساسية الشيء الكثير ألا وهو (خيانة النص) نتيجة الترجمة، خصوصاً ترجمة الشعر الذي يُعد من أصعب أنواع الترجمات التي لا يجد المترجم طريقة مثلى يجمع فيها كل خصائص النص الأصلية، فما أن يصيب في جانب إلا انه يخفق في جانب آخر، وذكرت الكاتبة ان للترجمة نوعان من الخيانة وهما:
الاول: الخيانة الإيجابية: وهي ان يقوم المترجم بالتضحية ببعض خصائص النص الأصلي من أجل الوصول إلى ترجمة مرضية للنص اللغوي.
الثاني: الخيانة السلبية: وهي تمسك المترجم بحرفية النص مبتعداً عن التفن في الترجمة.
وعلى الرغم من هذه الصعوبة إلا ان المكتبة الشعرية زخرت بالكثير من الاعمال المترجمة التي حملت في جعبتها جميع الفنون الأدبية المترجمة والتي فاقت النصوص الأصلية مثل رباعيات الخيام وغيرها، ثم تطرح الكاتبة سؤالين مفادهما: هل بامكان الشعر ان يحافظ على روحية النص الأصلي؟ والآخر: هل يمكن ان تخلق ترجمة الشعر قصيدة شعر أخرى؟ فكانت الإجابة: نعم يمكن ذلك شرط ان يكون المترجم شاعراً ويكون ضليعاً باللغتين ليكون أكثر إحساساً بالنص وكيفية التعامل مع النصي بشكل إحترافي.
         وفي الجانب الاخر من الكتاب بدأت الكاتبة بإختيار مجموعة من الشعراء الإنجليز موزعين بين حقب زمنية مختلفة عبر العصور الخمسة إبتداءا من القرن السادس عشر وإنتهاء بالقرن العشرين، وقد تميز بإختيار مجموعة من القصائد إعتماداً على تدريسها للطلبة عبر المراحل الدراسية في الجامعة، فضلاً عن ذلك إعتماد ذكر السيرة الذاتية الكاملة فضلاً عن ذكر حياة الكاتب التي تمنح القارئ الإطلاع على نبذة مختصرة عن توجهات الشاعر الإنجليزي والتي تساعد في فهم المعنى العام للقصيدة، إذ يتم ذكر القصيدة باللغة الإنجليزية يتلوها النص المترجم بترجمة الكاتبة والتي استعانت في ترجماتها على الحس الشعري الذي تمتلكه؛ كونها أديبة وشاعرة في الوقت نفسه، بدأ الكتاب بقصيدة (Still falls the rain) للشاعر (Edith Sitwell 1946-1887) ثم اختارت مجموعة من قصائد الشاعر نفسه لتمنح القارئ الشعور بانه ما يزال يدور في الزمن الذي قيلت فيه القصيدة، ثم انتقلت الكاتبة للشاعر (William Morris 1896-1834)وبدأت أيضا بسرد مبسط لحياة الشاعر وإهتماماته الأدبية وذكر أعماله الأدبية وأهم توجهاته والقصائد التي كتبها وابتدات بترجمة قصيدة (Rapunzel) وأستمرت باختيار الشعراء إعتماداً على الحقب الزمنية المتتابعة، وقد جمعت شعراء آخرين أمثال (Henry Howard 1517-1447) والشاعر  (Sir Thomas Wyatt 1503-1542) (Edmund Spenser1552-1599) والشاعر (Sidney Philip1554-1568) والشاعر (John Donne1572-1631) والشاعر(John Milton1608-1674 ) واخيراً كان الشاعر (Walter Raleigh1552-1618) فكان لهذه النزهة الممتعة في شعر هذه القرون التي امتازت بالكثير من روائع الشعر، صورت لمواقف عدة منها في حالات الحروب والعودة للطبيعة والغزل وغيرها، ووصفها بأشكاله كافة لنبحر عبر هذه الأبيات الشعرية التي ترجمت بشكل سلس وحافظت على روحية النص الأصلي، فضلاً عن الإيقاع الموسيقي لشكل القصيدة، وهذه التجربة تمكن القارئ العربي للإطلاع على هذه الكنوز الشعرية للوقوف على أهم ما ميز هذه الفترات من بلاغة الاستعارات والتشبيهات وغيرها، علاوة على ذلك تُمثل هذه الحقبة مراحل هامة في دراسة الأدب الإنجليزي لما تحويه هذه الفترات من شعراء جادوا في النسج، وأحسنوا السبك، فكان الجزل واضحاً في قصائدهم، وليس هذا فقط بل سيكون هذا الكتاب مرجعاً يعود اليه طلبة قسم الترجمة في التعرف على آليات ترجمة الشعر الإنجليزي الى اللغة العربية وصناعة القصيدة المترجمة لأن ترجمة الشعر تُعد من المهمات الأكثر صعوبة في ميدان الترجمة. 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=91099
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 03 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29