• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : حول زيارة العبادي لأمريكا .
                          • الكاتب : د . عبد الخالق حسين .

حول زيارة العبادي لأمريكا

يقال عن العراقيين أنهم أعداء أنفسهم، وأعداء أي نجاح يصيب بلدهم، وعلى استعداد لمعاداة أي بلد يقدم لهم الدعم، وأنهم يمنحون الأولوية للخلافات الشخصية على المصالح الوطنية. ولدينا أمثلة كثيرة لا مجال لعدها، وعلى سبيل المثال، فقد أفشل البرلمان قبل سنوات مشروعاً كبيراً لبناء مساكن، قدمه رئيس الوزراء السابق السيد نوري المالكي، صوتوا ضده لأنهم اعتبروا نجاح المشروع بمثابة دعاية انتخابية له، فحرموا الشعب من هذا المكسب نكاية بالمالكي. ولا أدري ما الخطأ في كسب الشعبية عن طريق المنافسة في خدمة الشعب بدلاً من المنافسه في إلحاق الضرر به؟ كذلك في وقتنا الحاضر هناك من يتمنى فشل قواتنا المسلحة في دحر الإرهاب الداعشي في الموصل لأنهم يرون في حالة النصر، دعاية لرئيس الوزراء الحالي الدكتور حيدر العبادي، كما ويتمنون فشل زيارته لواشنطن. ومن الفبركات السخيفة المضحكة التي تم ترويجها قبل أيام، أن المالكي يخطط لانقلاب عسكري وبدعم من الحشد الشعبي ضد العبادي!!
 
شئنا أم أبينا، فالعراق بوضعه البائس والمشتت منذ إسقاط حكم البعث عام 2003، صار لأمريكا دور كبير في استقراره، ولا يمكن للعراق أن يستقر ويستعيد عافيته إلا بمساعدة أمريكا، وبناء علاقات طبيعية جيدة مع دول المنطقة. ولكن الحقيقة المرة  تؤكد أن أغلب الكيانات السياسية العراقية مستعدة للتعاون مع الشيطان ومع أية حكومة إقليمية على حساب المصلحة الوطنية، لإفشال الحكومة المركزية في خدمة الشعب. لذلك فما أن ينوي رئيس الوزراء العراقي، وأياً كان، بزيارة إلى واشنطن لكسب الدعم الأمريكي، حتى وتبدأ المقالات وضجيج الفضائيات بالترويج بفشل الزيارة، وحتى قبل البدء بها. فبعد استلام ترامب للرئاسة الأمريكية تم الترويج أنه (ترامب)، رفض توجيه الدعوة إلى العبادي لزيارة واشنطن ولا يرغب في لقائه!!، الأمر الذي نفته الإدارة الأمريكية الجديدة، وأكدت الدعوة.
 
كذلك يريد هؤلاء من العراق المرهق بعواقب الحروب الصدامية العبثية، وكوارث الحملات الإرهابية البعثية الداعشية، يريدون منه أن يعادي أمريكا والدول الإقليمية وبمختلف الذرائع والحجج. فعندما قام وزير الخارجية السعودي بزيارة إلى العراق من أجل إطفاء المشاكل، بعد ما تأكدت السعودية من فشل سياستها الخاطئة في معاداة العراق والدول الأخرى، وأنه من الأفضل للجميع إعادة العلاقة الودية بين البلدين، فتم الترويج أن الوزير السعودي مرسل من قبل الرئيس الأمريكي ترامب لابتزاز العراق، وأنه قدم قائمة من الشروط المجحفة، والمذلة لحكومة العبادي مقابل الدعم لدحر الإرهاب وإعادة إعمار المناطق التي تعرضت للدمار، وهذه القائمة تضم ((ثلاثة عشر "شرطاً" بينها: حلّ الحشد الشعبي، وإيقاف المدّ السياسي الإيراني في العراق، وانشاء 7 قواعد عسكرية أميركية، والموافقة على برنامج النفط مقابل البناء! .. وبخلاف ذلك ستكون لدى إدارة ترمب "الخطة B "، وهي ترتيب "انقلاب عسكري" بقيادة شخصية عسكرية مقبولة في الشارع العراقي!.. وأرفقت الحملة بحملة أخرى تدعو العبادي لوقف "التحالف" مع الولايات المتحدة وعقد حلف جديد عراقي – إيراني – روسي – سوري!))(1)
وأخيراُ، ورغم كل هذا التشويش والضجيج الإعلامي المخرب، قام الدكتور العبادي بالزيارة، وحسب ما عرضه الإعلام العالمي المحايد، فقد حققت الزيارة نجاحاً باهراً، وكان اللقاء بين رئيسي ووفدي البلدين في غاية الود والاحترام والنجاح(2 و3). وكما جاء في البيان المشترك فإن "الولايات المتحدة تلتزم مع العراق اليوم بشراكة شاملة تقوم على الاحترام المتبادل في ضوء اتفاقية الإطار الاستراتيجي العراقية-الاميركية التي تحدد أطر التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية”. وأضاف أن ” ترامب حرص على استضافة رئيس الوزراء العبادي في البيت الابيض ضمن اوائل رؤساء العالم تثميناً لدور العراق ودعماً للعلاقة الوثيقة التي تربط بين الشعبين الاميركي والعراقي وأهمية العلاقة بين الحكومتين. (4). و عاد رئيس الوزراء بباقة من الاستحقاقات والانجازات وعلى رأسها مواصلة الدعم الأمريكي في دحر الإرهاب الداعشي، وإعادة اعمار المناطق التي تعرّضت للدمار بسبب الإرهاب، والعمل على إعادة سكانها النازحين إليها. 
فما حققه العبادي من إنجازات يعتبر كارثة لأعداء النجاح، لذلك راحوا ينبشون في كتب التاريخ للعثور على تعبير يساعدهم في التضليل و إظهار النجاح بالفشل الذريع، والخاتمة القاتلة للعبادي!!. إذ كتب أحدهم مقالاً عن الزيارة بعنوان (العشاء الأخير للعبادي في واشنطن)، ولا يخفى على القارئ اللبيب أن العنوان مأخوذ من لوحة (العشاء الاخير) للفنان ليوناردو دافنشي عن السيد المسيح الذي تم صلبه بعد ذلك العشاء، وهو تشبيه غير موفق، وذو غايات لئيمة. 
 
وكل هذا الضجيج يجري لتقرير وضع المنطقة ما بعد داعش، إذ باتت هزيمة هذه العصابات الإرهابية حتمية. والجدير بالذكر أن قادة السنة هم الذين جلبوا الدواعش إلى مناطقهم للتخلص من المالكي، برفع اسطوانة العزل والإقصاء والتهميش. وبالتالي انقلب السحر على الساحر كما هو معروف في هذه الحالات عندما يعتمد السياسيون على الإرهاب لنيل مكاسب سياسية. وفي هذا الخصوص قال الصديق والكاتب الإعلامي السيد علاء الخطيب في مقال له: (هناك مقولة يرددها اهالي المناطق التي سيطر عليها داعش وهي: أن الأمريكان تبنوا الكورد، وإيران تبنت الشيعة، والسنة بقوا مشردين. هذا احساس منتشر في الشارع السني.)(4)
 
في الحقيقة أن مشكلة السنة لم تأتِ من عدم وجود من يتبناهم، بل بسبب كثرة وسوء نوايا من تبناهم، وهم السعودية وقطر ودولة الإمارات وتركيا. فهذه الحكومات هي التي أغرت قادة السنة السياسيين واشترتهم بالسحت الحرام، وبفضلهم جلبوا لهم الدواعش، وسموّهم في أول الأمر بالثوار المحررين لمناطقهم من حكومة بغداد التي يهيمن عليها الشيعة الصفوية الموالية لإيران الفارسية المجوسية، كما يزعمون. وقادتهم مازالوا يواصلون عقد مؤتمراتهم التخريبية في جنيف وتركيا لتمزيق العراق إلى كيانات هزيلة يسهل ابتلاعها من قبل الحكومات التي تبنتهم. وهؤلاء هم الذين يحاربون أي نجاح تحققه الحكومة العراقية.
 
خلاصة القول: ليس من مصلحة العراق معاداة أية دولة في العالم، بما فيها إيران والسعودية. وكما أكد رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي، أن العراق لا يريد أن يكون طرفاً في الصراعات الإقليمية. فالعراق بأمس الحاجة إلى كسب أمريكا وإيران والسعودية وغيرها إلى جانبه. ويبدو أن العبادي قد حقق الكثير من النجاحات في هذا المجال، وخاصة في زيارته لواشطن. وموتوا بغيضكم يا أعداء العراق، 
إذ لا يصح إلا الصحيح.
abdulkhaliq.hussein@btinternet.com  
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/
ــــــــــــــــــــــــــــ
روابط ذات صلة
1- عدنان حسين: سرّ الشوشرة على زيارة العبادي لواشنطن!
http://www.almadapaper.net/ar/news/527089/سر-الشوشرة-على--زيارة-العبادي-لواشنطن
 
2- كلمة العبادي بالعربية خلال لقائه ترامب (فيديو)
http://www.akhbaar.org/home/2017/3/225873.html
 
3- بيان مشترك: العراق وأمريكا يؤكدان على الالتزام بشراكة شاملة للسنوات المقبلة
http://www.akhbaar.org/home/2017/3/225867.html
 
4- العراق يحصل على دعم أميركي كبير لمواجهة “داعش” والأزمة الاقتصادية
لقاء العبادي وترامب تمخضت عنه نتائج مميزة
http://www.akhbaar.org/home/2017/3/225905.html
 
5- علاء الخطيب: رؤية... ما بعد داعش
http://www.akhbaar.org/home/2017/3/225333.html



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=91206
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 03 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29