العنصر الجمالي في الاداء الشعري يحتاج لوجود خرق لغوي، يمتلك مقومات التأثير الأسلوبي، ويكمن هذا الخروج في صياغة الابنية الشعرية والأسلوب الابداعي، لتمثيل المرسل (الشاعر) أمام عملية التلقي.

 والشاعر قاسم الشمري بحث في مجموعته الشعرية (أخطاء ليست متاحة لمن يشاء) عن معطى اسلوبي يسهم في تطوير الدلالة، يضمن الافصاح المضمر، وتنظيم التأويل ضمانا لتوصيل فني، يتجاوز الاستعمال الروتيني، فاستثمر حراك العدول عبارة عن انماط تركيبية، وتصوير مجازي، وتشبيه، واستعارة، وكناية وغيرها من اساليب الخرق الاسلوبي: 

(غارق كاليتيم في عمق دمعة * ترشف الليل جرعة اثر جرعة 

قلبك الطفل مريم دون جذع * أو بجذع إن هزّ ينزف لوعة) ص15

والعدول سمة اسلوبية، تعمل على صنع التأثير، وهو المظهر الاساس في البناء الأسلوبي، ويشكل التركيب الجملي دلالات فرادة تجربة، تقفز على النمطية مثل: (عزم شمعة، غصن جريح، اخلع الدرب، طعم الليل في شفة السماء) وهذه الاشتغالات مقتضيات اجرائية، تستخدم لانتاج خطاب استثنائي، سياقات التعديل تضيف لفضاءات التلقي متعة القراءة، عبر تعابير مجازية، وازاحات اسلوبية على مستوى التركيب مثل: (الصمت يمشي واثق الخطوات - سجائري معجونة بالتيه - اجابة حبلى بألف علامة استفهام - يا طعم خذلان المناديل البريئة للدموع).

ويشكل العدول اضافة نوعية لها فرادتها عند كل شاعر، وهي قادرة على التعبير عن الحالات الوجدانية بسمو العدول الانزياحية، والتي هي قرينة استعارية:

(من ذا يلقن منجلي وجع الحصاد؟

الآن تنكرني السنابل !!

بعدما علمت افئدة السنابل 

كيف تنبض بالحياة) ص20

والعدول يجعل اللغة اكثر طواعية، تستند على متصورات تمثل بنية استقرار الدلالي، وتستجيب لحالة المبدع الشعورية، وتعتبر محفزا معنويا يمتلك مساحة واسعة من حرية الحركة، ويلعب دورا مميزا في ابراز الابداع التركيبي الذي يعد من اهم مميزاته الجمالية: 

(فارحم طفلا شكك أن هذا الليل شيخ من يقين) 

نشهد انها مجموعة شعرية ضاجة بالابداع...