• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أَدَوَاتُ الدَّوْلَة المَدَنِيَّة! [٥] .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

أَدَوَاتُ الدَّوْلَة المَدَنِيَّة! [٥]

   [تكافُؤ الفُرَص] هو أَحدُ أَهمِّ مبادئ وقيَم ومقاييس الدَّولة المدنيَّة وأَدواتها، فكلُّ مواطنٍ يمكنهُ أَن يُحقِّق أَهدافهُ وأَمانيه بلا عراقيل أَو تمييز ومن أَيِّ نوعٍ كان!.
   فمبدأ تكافُؤ الفُرَص يعتمد على إِجتهاد المواطن ورصيدهُ الشَّخصي من العلم والمعرفة والذكاء والفِطنة والقدرات العقليَّة وغير ذلك من المقوِّمات التي تؤهِّلهُ لاقتناص الفُرص المُتاحة أَمامهُ.
   ولعلَّ في قصَّة نبيَّ الله يُوسُف (ع) تجربة راقية بهذا الصَّدد، فعلى الرَّغمِ من أَنَّهُ يختلف عن بقيَّة رعايا ملك دولة مِصْر في كلِّ شيء! دينهُ وحالتهُ الاجتماعيَّة والقانونيَّة إِلّا أَنَّهُ إِستطاعَ أَن يتبوَّء الموقع الأَعلى في أَهمِّ وزارة في الدَّولة أَلا وهي وزارة الماليَّة [خزانة الدَّولة].
   يقولُ تعالى في محكم كتابهِ الكريم {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ* قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ* وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}.
   وبشأن قولهِ تعالى {فَلَمَّا كَلَّمَهُ} يعبِّر عنهُ أَميرُ المؤمنين (ع) في عهدهِ الى مالك الأَشتر لمَّا ولَّاهُ مِصر {ثُمَّ انْظُرْ فِي أُمُورِ عُمَّالِكَ، فَاسْتَعْمِلْهُمُ اخْتِبَاراً [أَي وَلِّهم الأَعمال بالامتحان، وهو المُرادف لمعنى قولهِ عزَّ وجلَّ {فَلَمَّا كَلَّمَهُ}]، وَلاَ تُوَلِّهِمْ مُحَابَاةً [أَي إِختصاصاً وميلاً منكَ لمعاونتهِم] وأَثَرَةً [أي: إِستبداداً بلا مشورة]، فَإِنَّهُمَا جِمَاعٌ مِنْ شُعَبِ الْجَوْرِ وَالْخِيَانَةِ [أَي: يجمعان فروعَ الجَور والخيانة]}.         
   إِذن في الدَّولة المدنيَّة لا يحتكر الزَّعيم الفُرص لنفسهِ ولأُسرتهِ وأَولادهِ وبناتهِ ويمنعها عن الآخرين! فانَّ إِحتكارها ظلمٌ وخيانةٌ! ظلمٌ لأَنَّهُ منعَها عمَّن يستحقَّها من المواطنين ولكنَّهُ لا تربطهُ به صلة قُربى! فتلك هي مشكلتهُ الوحيدة! والذَّنبُ ليس ذنبهُ! وخيانةٌ لأَنَّ إِحتكار المسؤول للفُرص ضدَّ القانون الذي أَقسمَ أَن يعمل على حمايتهِ عندما تبوَّأَ موقع المسؤوليَّة! فضلاً عن أَنَّهُ بذلك يخون البلد بحرمانهِ من طاقاتٍ خلَّاقةٍ أَقدر على خدمتهِ.
   وإِنَّ مبدأ تكافُؤ الفُرص يتجلَّى في التَّنافس الحرِّ الحقيقي بعيداً عن الغُـش والتَّلاعب ولذلك قَالَ تعالى {وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} فاذا تلاعبت الدَّولة بمبدأ التَّنافس بالحِيَل والضِّحك على الذُّقون وغير ذلك، ضاعت الفُرص على المواطن ليحتكرها المسؤول!. 
   فاذا أَردت أَن تعرف ما إِذا كُنتَ تعيشُ في دولةٍ مدنيَّةٍ أَم لا حاول أَن ترتقي وترتقي وترتقي! فاذا شعرتَ أَنَّ هناك قِوى خفيَّة وعلنيَّة، لا فرق، تسعى لعرقلةِ رُقيِّك بسببِ جنسِك أَو لونك أَو إِثنيَّتك أَو دينِك أَو مذهبِك أَو خلفيَّتك الثقافيَّة أَو بسبب تقليدك المرجعي أَو لأَيِّ سببٍ كان فتأَكَّد بأَنَّك لستَ في دولةٍ مدنيَّةٍ!.
   *يتبع
   ٢ نيسان ٢٠١٧
                       لِلتّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=91584
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 04 / 04
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19