• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : قــــــلمٌ ومبضع .
                          • الكاتب : محجوبة صغير .

قــــــلمٌ ومبضع

بدأ الاحمرار يزور خدّ نوال بين الفينة والأخرى، ويمنحها وجها أزهراَ غيّر ملا مح  الكآبة إلى أخرى أكثر حياة وتألقا..تزورها العائلة باستمرار دون أن تذكّرها بزوج المستقبل ،وما حلّ به، تاركين ذلك لأوانه؛ أمّا هي فتُسعد برؤيتهم وتطمئنهم على صحتها، شاكرة مجهودات الطبيب "نبيل" هو الآخر لا يُفوّت فرصة الاستمتاع مع أسرتها، مُذكرا إيّاهم أنّه قد اكتشف صديقًا لقلمه.
ينفضُّ كلّ من كان بالحجرة من أفراد أسرتها وممرضين،بعد ارتشافهم القهوة مع رغيف"المسمَن" التقليدي احتفاء بشفاء الكاتبة المتألقة ، تاركين المجال للمبدعين يتبادلان آخر ما جادت به قريحتهما المستيقظة من سبات الكــــبت.
فالرجل الذي ارتاحت له "نوال"طبيب مناوب يحمل في يديه مبضعا وفي الأخرى قلما يُزيح به الضباب عن ذاكرة ممتلئة بالحروف الهجائية،اختارت روحه الامتزاج بروحها حتّى تُشاركها العبء.
أمّا "نوال" فقد انتفضت ذاكرتهاوتمخضت سطورا بنفسجيّة؛كما لو أنّها تعاني فقر كتابة....لابدّ أن تُعوّض ما فاتها،فالحلم قابعٌ أمامها ويترجّاها أن تطرد المارد ،ليحلّ مكانه ملاك الخير..ملاك يسكنها حتّى يُبعث منها إلى النّاس، يُعلّمهم كيف يعيشون ويستثمرون آلامهم أملا وأحزانهم سعادة.
كتابات جعلت ملاك الرحمة ينحني أمامها احتراما،فأمثالها يسكنون الأدمغة ويرتشفون متعة التألق...
ما الذي جعله يتودّدُ إليها ويُصارحها بحاجته لأن يكتب..أعيناها من سكنت قلبه؟ أم قلمها من أزعج مبضعه وآن له أن يختفي لبعض الوقت،حتّى يُطيح بمملكته الحمراء أمام حدائقها الخضراء؟.
حياة بين السماء والأرض ؛تلك من يعيشها هذين الكاتبين فزمهرير البشر العاديين القادم من أفواههم الخالية من لغة الضاد؛تُعكّر صفو أقلامهم المنتصبة كالأعمدة تصنع لهم في بيداء الثلث الخـــالي خيمة من الكلمات السّــــاديّة لهم وحدهم.
يرتحل الفكر الهجين إلى أقصى بقاع الأرض ؛ حيث الماء والهواء وما تواجد من بشرٍ للزيـــنة فقط.
ـ " نوال أوراقك ملكي لا يحقُّ لك أن تأخذيها.."
دكتاتورية حلوة غير التي ألفناها من بعض الزعمـــاء الورقيين، تلك التي طغى وهوى بها "نبيل" على كـــاهل"نــوال" ؛ أمّا هــي فقد ردّت عليه :"لن تكــون ملكك مادام قلبك يسكن مكانها".
إنّها مقايضة من امرأة تحب بمـــكرٍ..
يرفض اللّيل أن يمض دون أن يكون شاهدا على ولادة عسيرة ،لكتاب يُخطُّ بدماء القلوب،ومدوّنة لا يحملها أيُّ قانون سوى قانون المبضع والقلم.
يُطيح ملاك الرحمة بآخر قلعة من قلاع الضياع الذي كان يرقد بين جنبات النّاجية..؛ وداعٌ أرادته دون رجعة لأيّام لم تحياها.
تتحيّنُ الفرصة لاسكاته حتّى تتكلم وترمي عنها شوائب الماضي دون كلل أو ملل.
يُطلُّ الفجر بعد أن استأذن اللّيل الذي لم ينمْ،وقد أرسل نوره الدافئ وكلمات من أقصى نقطة في المدينة، التي بدأت تستيقظ ناصحةً سكــانها أنّ "الصلاة خيرٌ من النّوم".
 
 

كافة التعليقات (عدد : 2)


• (1) - كتب : محجوبة صغير ، في 2011/09/13 .

مرحبا:

شكرا أستاذي شرف لي ان تتذوق ما اكتب.......تحياتي لك وأبقاك الله أبا لنا تذود عنّا بأدبك الراقي
ألف شكر


• (2) - كتب : علي حسين الخباز ، في 2011/09/10 .

الى محجوبة صغير المحترمة القصة في غاية من الروعة ولها دلالات عالية القيمة تقبلي المودة واتلدعاء




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=9160
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 08 / 30
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12