• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : أدب الفتوى .
                    • الموضوع : القمر الزاهر .
                          • الكاتب : سارة محمد علي ... مركز الحوراء زينب عليها السلام .

القمر الزاهر

سارة محمد علي ... مركز الحوراء زينب عليها السلام
نتيه في عرصات الجهاد والشجاعة، ننظر الى صور الأبطال فنشوق لمعرفتهم عن كثب، وعندما نستمع الى بطولاتهم وتضحياتهم نفهم مدى ارتباطهم بالعالم الملكوتي ومدى حبهم للشهادة، انهم فخرنا... رجالنا...
رجالٌ اشربوا في قلوبهم حب الحسين عليه السلام فغدوا كليوث العرين لا تهاب الموت، يحبون الشهادة حباً جماً، ويتوقونها شوقاً، وينتظرون لتحقيقها أن يأمرهم مرجعهم الاعلى بالجهاد...
ومن هنا... بدأت الاسطورة الجهادية الخالدة...
فمن الصحن الحسيني الشريف جاء النداء ... أن هلموا للجهاد...
فإنه (( من يضحي منكم في سبيل الدفاع عن بلده وأهله وأعراضهم...فإنه يكون شهيـــداً).
ومن خدام الحسين عليه السلام ومحبيه جاءت التلبية وهم يرددون هيهات منا الذلة ويرفرفون براية (يا لثارات الحسين).
وماذا بعد !!
احمرت السماء واسود الفضاء ومن تلك البقعة المباركة التي احتضنت جسد ريحانة الرسول (ص) بزغ نورٌ وسط الظلام ليـُطمئِن المظلومين والمنكوبين ومن تركوا ديارهم مهاجرين بأن... أبشروا...فإن النصر لقريــب.
لم يكن ذلك النداء الجهادي مألوفاً عند العراقيين منذ عقود من الزمن، ولكننه أجج في نفوس الأبطال غيرة الدفاع عن أرضهم ومقدساتهم، فأكتضت مراكز التطوع بالمجاهدين، ومن بين هؤلاء تلألأ قمراً زاهراً خادماً مجاهداً، إنه الشهيد البطل     (سجاد أحمد) ذا الثلاثون والنيف، أمضى عشراً منها وهو يعمل خادماً لزائري الامام الحسين عليه السلام في حرمه المطهر، فنبت لحمه من عرق جبينه وهو يعمل في جنة الله على أرضه، وفي كل يوم يذهب فيه الى عمله كان يقف امام قبر الحسين عليه السلام بخشوع ويكلمهُ بحسرة قائلا ( يا ليتنا كنا معكم ياسيدي).
وما ان سمع نداء الجهاد حتى سارع بالالتحاق بمعسكرات التدريب، لم يأبه الى ترك زوجته وبناته الثلاث بلا معين، وكأنه في قرارة نفسه يقول من كان مع بنات الرسول (ص) يوم الطف... سيكون مع بناتي في أيام جهادي. !!.
 
والدة الشهيد البطل (سجاد) تروي لنا عن حياة فلذة كبدها وهي مطأطئة رأسها خجلاً من سيدتها ام البنين عليها السلام التي ضحت بالأربعة... أما هي فلم تقدم سوى شهيداً واحداً، لذا حثت ولدها الأكبر على الالتحاق بذلك اللواء البطولي (لواء علي الأكبر) ليحل محل أخاه البطل الشهيد... تصف لنا ولدها وهي تحتضن بناته قائلة ( سجاد... أمتاز بحبه لأهل البيت عليهم السلام منذ صغره فكان يتحين الفرص لزيارة مراقدهم الشريفة، عمل خادماً في العتبة الحسينية منذ عام (2005)، تزوج بعد ذلك ورُزق بـ (نرجس) في عام (2009م) ومن بعدها رُزق بأبنتين كان لهن أباً رحوماً عطوفاً فأزداد تعلقهن به.
كان يحلم بالشهادة وان يحشر مع معشوقه الحسين عليه السلام، فألتحق بعد صدور فتوى الجهاد في شعبان بصفوف لواء علي الاكبر وشارك في إمداد المرابطين في سامراء بالأرزاق والمعونات حتى تم تحريرها.
انتقل بعد ذلك مع رفاقه الأبطال الى جرف الصخر لتحريرها من دنس الإرهاب الجبان وحماية مدخل مدينة كربلاء من الوصول اليه، فخاضوا معاركهم الطاحنة هناك ولم تثبطهم حرارة الجو الصحراوي اللاهب في شهر (آب) عن المرابطة حتى احراز النصر وسحق الأعداء.
كان ولدي يعود في إجازته الدورية لعائلته مصاباً بأمراض جلدية سببها حرارة الجو، إلا ان ذلك كان يزيد من إصراره وعزيمته في تحرير أرضه فعاد مرة اخرى الى جرف الصخر وهناك استمرت المعارك لدحر الارهاب والتي لابد ان تسقط فيها دماء تخلد تلك البطولات، وقبل حلول شهر محرم الحرام لعام (1436هـ) قدمت ولدي فداءاً للحسين عليه السلام وكأن خالقه جل وعلا اختار له هذا الوقت قبل حلول شهر الأحزان المحمدية ليحقق حلمه عندما كان يناجي إمامه بحسرة (يا ليتنا كنا معكم) وبعدها بأيام قلائل أُعلن تحرير (جرف الصخر) ونصبت المواكب الحسينية هناك لتعود راية الحسين عليه السلام خفاقة كما عهدناها...وبعد استشهاده، التحق ولدي الثاني بمعسكرات التدريب ليأخذ بثأر أخيه ويحل محله في جبهات القتال).
هذه هي الام العراقية تقدم اولادها واحداً تلو الآخر دفاعاً عن الوطن والمقدسات، فهنيئاً لكِ يا (ام سجاد) قدمتِ ولدك شهيدا والآخر مازال مقاتلاً وهنيئاً لولدك المقدام الذي اختار حياته الأبدية في جنات الخلود بعد ان رسم طريقاً مغايراً لباقي الآباء في تربية أطفالهم، اختار ان يروي طفولتهم بدماءه حتى يشبوا أبطالاً كأبيهم حتى وان كان أطفاله من البنات فهن بالتأكيد سينجبن فحولاً يدافعون عن أرضهم ووطنهم كما فعل جدهم الشهيد البطل ( سجاد أحمد).



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=91881
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 04 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16