لقد كانت هنالك ساعة فراق فهل يمكن لشيئين أن يشغلا الحيز نفسه في آن واحد . أقول هذا وأنا أفكر بالأموات الذين ضاقوا بالحياة درعا يفسرون دين الرحمة بأحبار الدم . وأنا اقلب صفحات من حياتي وجدت هذه المقولات ( انتخابات , أنفجارات , منطق , تفاهة , اماني وردية , حقائق سوداء , مرادفات أكلت الاخضر واليابس في وطني الذي اصبح مسرح للدمى ) . وعندها وجدت نفسي عابر سبيل انتقل هنا وهناك ووطني تركته خلفي ومشيت في أرض السواد , لأن ميكروبات الواقع تفسد الاشياء فتخليت زمن لم أعشه أنا . (زمن عصر الحواسم , الغائبون الذين يطالبون بأثمان غربتهم , طعم الكرسي الذي يفوق حلاوة الشهد ) . أصبحت عابر سبيل ولا أعرف أين وطني أبحث عنه . فهل هو ذلك الاله المتنامي في حجيراته مازال يرفض الانصات لأولئك الذي أخرجوا دفاتر نضالهم وراحوا يجمعون ويطرحون أرصدة نضالهم المزيف . أم أنا أسكن في وطن أولئك الفارين من الخدمة العسكرية . أم اسكن في عصر تبيض السجون أم في عصر الاغتيالات . حتى وان كنت عابر سبيل لن أهرب من الثقوب التي احدثتها الذكريات .
وأخيرا أصبح مؤكدا لي إن وطني الذي تركته فيه الاحتلال قومية وروح وطنية وروح لا وطنية .