• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : شقشقة عيد هدرت ثم قرت .
                          • الكاتب : بهاء الدين الخاقاني .

شقشقة عيد هدرت ثم قرت

يمضي بنا العيد إلى عوالم نختارها، والواحد منا يحلق في خيالاته المدهشة وأحلامه التي تشكل بديلاً عن واقعه، وما يتمناه لواقعه عبر رؤية شفيفة تضعنا بمواجهة إشكالية اجتماعية وتربوية ودينية على قدر كبير من الأهمية.
هناك من يجد صعوبة في التعلم وهناك من تنعدم عنده عوامل الاتصال لأسباب عدم التمكن والامكان وامكانيات الاستمرارية مع الحياة، وهناك من يفتقد الى محيطه من الأحبة والأهل والأسرة، وهناك من لم يجد من يستطيع أن يتفهم مشكلته من مسؤول ومن عشيرة ومن رجل دين ومن مؤمن ان وجد، وهناك شهيد أو متوفى ولديه أيتام وأرملة.
العيد فريضه الله عزوجل من أجل ان نعيش هذا الواقع كي يكون اليوم سعيدا من بعد ان نعيشه بمعنى نعالجه.
ان تلمس النتائج المخيبة تفقدنا شعور اليوم السعيد، وان عدم التمكن من استدعاء العقل للحكم يفقدنا القدرة على انجاح أفكارنا وأرائنا وكل ما نكتبه لنهضتنا لأننا لا ندرك معنى عيدنا.
ان شعور الغباء والكسل لمن يتصدر الواجهات بأنواع المسميات يفسد علينا كل مثل حسن وحكمة سديدة وبذلك نفقد صفة العيد، وان التهرب يؤكد مرة أخرى، أن العيد وأيّ عيد يأتي ويذهب هو اليوم الذي نرى فيه أطول يوم بائس لسبات الضمير فيه.
ان سخرية مقالات غيرنا بأوضاعنا ومهما تحديناها ومهما ادعينا ضدّها ومن هو ورائها واتهمناها بالعدائية والمؤامؤة، تزيد عزلتنا في أعيادنا مهما قلنا ويقال لأنها تبقى الأصدق وان خبثت وحتى وان كذبت، لأننا نغذي صدقها وخباثتها وخبائثها، لسبب وهو اننا لم نرحم أبنائنا ولا أنفسنا ولم نحقق أعيادنا، وبالتالي ليس يومنا سعيدا.
ألعيد رؤى غير تقليدية للثورة على النفس قبل أن ندعي أن الآخرين ظلمَة، وندعو من ندعو لتطبيق العدالة .
ألعيد العدالة في مواجهتنا قبل مواجهة الأخرين، والعيد تفاعل مع الأخر الى درجة الايثار وما أقله في اعيادنا.
ألعيد أن يقود رجل الدين والمسؤول وشيخ العشيرة و.. و.. و.. نفسه من أجل الآخرين بالحنان والشفافية والكرم والجود، لالتقاط انفعالات المحتاج والمكتفي في ميزان واحد وفي توتر وتحفز لاسعاد كلّ منهم الآخر.
ألعيد هو أن تنفتح فيه الأرواح على مشاهد جميلة للنفوس قبل المناظرعبر تصوير جماليات فطرة الانسانية قبل جمال الطبيعة والأمكنة.
ألعيد مثال الروح عندما تغوص في انسانية تنفتح على بني جنسنا فنكون عالميين بطرح المشكلة بفكرة علاجها، فكم من عيد مقتول بِحَيرة ممزوجة بالجهل وكم من سعادة أغتيلت بدفن الأمل تحت ركام التخلف، فكم من عيد ضاع، ان لم يكن مات رغم مأساة حاقد وارهابي ومتعصب ومتطرف ومصادر رأي الآخرين وظالم ورجل دين فاسد، لتستدر مثل هذه الأيام دموع الحزن بدل دموع الفرح ليتيم أو عائلة سعيدة أو وطن بأكمله يحلم ان يكون كأوطان الآخرين .
ألعيد يأخذنا الى مناطق تحرر الذات كي يكون بحق عيدا، مناطق خصب فيها الحب، فكان يوما من التطهير الروحي لمشاعر ذنب قد ولى في لحظة استغفار، لأنه تجاوز والاستغفار ألفاظا ليكسي عريانا ويكفي أسرة محتاجة ويأمن من جاوره ويعز بلدا يتلاعب بالمال، والحاجة فيه ظاهرة سيدة، فأي عيد هذا .
كان للإمام جعفر الصادق(ع)، تلميذا اسمه علي بن يقطين وكان من  تلامذته العلماء.
  مرة أحب علي بن يقطين أن يذهب إلى الحج وقد علم أن الإمام جعفر الصادق(ع) أستاذه، قد سبقه إلى الحج، فجهز نفسه وحمل معه زاده ومتاعه ودراهمه وتوجه الى مكة، فلما وصل إلى ظاهر بغداد وجد امرأة فقيرة ذات أطفال أيتام، فرق لهم قلبه وأعطاهم كل ما معه ورجع إلى بغداد، ولما انتهى موسم الحج ورجع الناس إلى ديارهم جاء رفاقه من الحجاج يزورونه في داره فتعجب منهم ..
وقال لهم .. : لكني لم أذهب إلى الحج ..
قالوا .. : كيف تقول هذا يا ابن يقطين وقد رأيناك في الحج تطوف حول الكعبة وتسعى بين الصفا والمروة .. أنسيت حين أقمنا في جبل عرفات ..
فتركوه وهم مندهشين من نكرانه، واستمر هو بدهشته من قولهم لأنه لم يذهب إلى الحج، ولما ذهب الناس إلى دار الإمام جعفر الصادق(ع)، يهنئونه بعودته من الحج
ازدادت دهشتهم عندما سألوه عن الحجاج وكثرتهم في ذلك العام ..
 فقال عليه السلام : ما اكثر الضجيج وأقل الحجيج ما حججت إلا أنا وناقتي وعلي بن يقطين..
نعم ما أكثر الأدعاء وأقل الأعمال عيدا وزيارة وحجا وصياما وصلاة وعبادة وصدقا وحبا واخلاصا و .. و..، انها ضجة في أي مكان وزمان ومناسبة ليس فيها عبرة الا الرياء، لأنه ما زال هناك محتاج ومظلوم، ما زال هناك جائع وعطشان وعريان، وما زال هناك الأكثر ممن لم يستجب لتوجه نبي ولا امام ولا حتى مرجع وفتواه تصرخ ان من المحرم ان يحج الانسان مرتين ما دام هناك من لم يحج ولو لمرة واحدة وهناك محتاج وعريان وجوعان وعطشان و.. و .. و .. بحاجة لهذا المال، وان الفلس الذي يحتاجه المنزل يحرم على المسجد، فكيف بغير المسجد مكانا وفعاليات وهناك محتاج، اي ما دام هناك يتيم ومحتاج فأن الفلس يحرم على .. وعلى .. وعلى .. حتى يكتفي الناس، وانني بهذا القول لا أستثني أحدا، وعندما يأتي يوم لا ارى فيه محتاجا ولا عريانا، أقول أن الرياء اقترب من العدم.
قد أشبع الكلام نصوصا وروايات وكتب سماوية وملأت الكتب اليه استدلالا من العباقرة والمفكرين والمنظرين والمدارس، فلا داعي ان أورد نصا أو حديثا أو قصة أو مقولة لأن ذلك يعتبر كمن ينقل التمر الى هجر ..
لان الكل في هذا الزمن عالم وعارف، ونكون كمن فسر الماء بعد الجهد بالمائي ..
لأن الحجج قد القيت وما هو الا عناد المعاندين ويوم الحساب الدنيوي عسير قبل عذاب الآخرة الأبدي.
فكم من مصلي ليس له من صلاته سوى الكذب على الدين، وكم من صائم ليس له من صيامه سوى الجوع والعطش، وكم من حاج ليس له من حجه سوى التباهي، وكم من مزكي ومخمس ومتصدق ليس له منها سوى تزيين محافل واتخام شبعانيين، وكم من خطيب ومنشد وقارىْ ليس له من أداءه  سوى أطراب الحضور ..
وكم من .. وكم من .. ليس له من ذلك سوى .. وسوى .. وهلم جرى نعوذ بالله .
انا لله وانا اليه راجعون، برغم ذلك كل عام وانتم بخير وما هذه الكلمات سوى انها دعاء، أمل باستجابته ليعمّ الخير وتكون كلّ الأيام عيدا سعيدا والانسان فيه محمودا سماء وارضا، وانما ما ورد شقشة عيد هدرت ثم قرت .
 


كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : مهند البراك ، في 2011/09/10 .

ان سخرية مقالات غيرنا بأوضاعنا ومهما تحديناها ومهما ادعينا ضدّها ومن هو ورائها واتهمناها بالعدائية والمؤامؤة، تزيد عزلتنا في أعيادنا مهما قلنا ويقال لأنها تبقى الأصدق وان خبثت وحتى وان كذبت، لأننا نغذي صدقها وخباثتها وخبائثها، لسبب وهو اننا لم نرحم أبنائنا ولا أنفسنا ولم نحقق أعيادنا، وبالتالي ليس يومنا سعيدا.

رائع ماكتبت فعلا تبقى اعيادا محبوسة داخل النفوس ، قد تجد ابتسامة عابرة من شخص لكنها فقط تظهر مابين ذلك الوجه المحترق من اشعة شمس اب الذي تعود عليها

شكرا مرة اخرى للكاتب
وكل عام وانتم بخير
كل عام والعراق بخير



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=9424
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 09 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29