• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : وقائعٌ للحفظِ، وأخرى للإهمالِ .
                          • الكاتب : محمد الهجابي .

وقائعٌ للحفظِ، وأخرى للإهمالِ

 1_ حتى لا أنسى

يجملُ بي أن أتقنَ ترتيلَ مزاميري،
عند متمّ الآذان.
لا محلّ لخطإٍ في التقديرِ.
كلّ نوطةٍ فوق سطرها،
كلّ سطرٍ على المنوال يقع،
من غير إسرافٍ،
وبهدوء جمٍّ،
وبلا إمعانٍ.
2_ حتى أنسى
الأشياءُ التي حصلتِ البارحة، دوّنتُها في مفكّرتي بالتّتابع،
وبقدرٍ من الحذقِ والتفصيل.
تلك الأشياءُ الصغيرة، والكبيرة،
أشيائي التّافهة إلى غاية القرفِ،
الأشياءُ العابرةُ من غير تأشيراتٍ مستحقّةٍ للمرورِ،
وأشياءٌ أخرى حجبتُها بضغطةٍ ماكرةٍ من السبابة اليسرى.
الكلماتُ التي سمعتُها،
دوّنتها؛
الكلماتُ القديمةُ، وتلك التي سمعتُها للتوّ،
الأرقامُ التي مرّت قدام بصري بسرعة مثل سيارة أعدمت الكابحَ؛
أرقامُ  الهاتف والحوانيت وأعياد ميلاد الأصدقاء،
وباقي المناسبات.
أشيائي جميعُها دوّنتها بجدّية،
ثمّ رحتُ أستعرضُها الواحدة تلوَ الأخرى.
أشيائي هذه كلّها محوتُها،
قبل قليلٍ فقط،
بالحرص نفسه،
وبالتّتابع عينه.
3_ حتّى لا أتذكّر 
ضمّنتُ الحقيبةَ قليلاً من حوائجي،
ما أحتاجُه بالضّبط.
وضمّنتُ الجيبَ الصغير للسروال جينز الأزرق ما تقنّيته من أوراق لدى المصرفِ القريب.
ما يفي بالبُلغة تحديداً.
ضبطتُ عقربيْ ساعة المعصم،
ونظرتُ بشزرٍ إلى ديك ساعة الصوان.
لم يحر الديكُ رداً،
لم يلتفت حتّى،
 استمرّ، كعادته، ينقرُ حباتٍ لا تتحرّك.
تحرّكتُ أنا جهة المحطّة البعيدة.
رميتُ القرصَ الأبيضَ إلى فوق.
دار القرصُ حول نفسه دوراتٍ،
ثمّ عاد ليستقرّ فوق الكفّ،
تماماً فوقَها.
كمشتُ القرصَ الأبيضَ في إضمامة الكفِّ،
وحملتُ الحقيبةَ الجلدِ الأسودِ في اتجاه شبّاك الدفع. 
4_ حتّى أتذكّر
ظلّتْ تنظرُ إليّ وهي تمضي في تخالفٍ،
ثلاثةُ أرباع الوجه،
ثمّ دارت على محورها نصفَ دورةٍ،
وسرعان ما دارت بالكامل.
في وقفتها، تثبّتتني إلى حدّ نخاع العظم، بعينين مشفّرتين، وحاجبين رقيقين ومزجّجين.
تثبّتتني طويلاً،
تعيّنتني عميقاً،
حتى شفّ منّي العظمُ عن نخاعه،
ثمّ ولّت ظهرها مبتعدةً.
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=9463
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 09 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29