• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : سلمان وترامب .. من ..؟ ضحك على من ...؟! .
                          • الكاتب : عبد الكاظم حسن الجابري .

سلمان وترامب .. من ..؟ ضحك على من ...؟!

 كَثُر الجدل والكلام والنقد لزيارة "ترامب" الأخيرة للمملكة العربية السعودية، برفقة زوجته وإبنته وزوجها، وبسبب الحفاوة الملفتة للنظر من قبل الجانب السعودي، والتضخيم الإعلامي لذلك، إنجرفت وسائل الإعلام بجميع مفاصلها (المرئية والمسموعة والمقروءة) بالترويج لتلك الزيارة، فأكد المعارضون, والخائفون, والمنتقدون,على حجم الهدايا والأموال، التي تقدم بها الملك "سلمان" لنظيره الأميركي من جهة، وأهتم المؤيدون بنجاح مخرجات الزيارة، وحفاوة وكرم حكومة الواجهة العربية الإسلامية، كما وصفها "ترامب" مؤخراً من جهة أُخرى..!
أخر تصريح تناقلته وسائل الإعلام المنتقدة، تغريدة نُقل إن "ترامب" قال فيها مخاطبا فيها الشعب الاميركي (لقد جلبت لكم الاموال من الشرق الأوسط ..مايعني الوظائف الوظائف الوظائف)..! في الوقت الذي صرحت به السعودية: بأنها كسبت الضوء الأخضر، بأن تكون هي الحليف الأول لأعظم دولة في العالم، والتي من خلاله ستكون هي الراعي والوريث الشرعي دولياً لأميركا، خاصة في حلحلة الأمور المشتعلة والمفتعلة في المنطقة، بما تراه مناسبا وكيف ما تشاء...!
على فرض ما كسب الطرفان، وما إتفقا عليه بين أروقة ودهاليز السياسة وغرف الاجتماعات الخاصة، علينا أن نطرح السؤال التالي :
 "ســـلمان وترامب من..؟ ضحك على من"...؟ حقيقة الأمر وللمتتبع الكريم، بعيداً عن ما قيل وما يقال في الأعلام، أطرح رأيي وأقول: إنه لم يضحك أحدهما على الأخر ..! بل إن الاثنان ضحكا على الجميع..! وحتى على وسائل الإعلام..! بدليل إنه نال كل واحد منهم ما يطمح إليه وكيفما يريد...!
الحروب العالمية أخذت دورها الفعال في حياة البشرية، من خسائر بالأرواح والأجساد والأموال والبنى التحتية، إبتداءً من الحرب العالمية الاولى والثانية، وما حصل في "هوريشيما" وما تبعه من الحرب ضد الإتحاد السوفيتي وتفكيكه، وما نشهده اليوم من بقايا تلك الحروب الطاحنة، ولو رجعنا الى أسباب تلك الحروب، لوجدناها واحدة..! وهي: مصالح حكومات تلك الدول، وما تريد ان تحققه على حساب الدول الأُخرى، اليوم السعودية لم تكلف نفسها لتدخل في حروب ومعارك لكسب مصالحها، بل إكتفت بدعوة رئيس الدولة العظمى، والتكرم عليه ببعض الهدايا والأموال، التي كانت ستدفع اضعافها لو دخلت حربا في نيل ما تريد..!
فضلا عن رفع تهمة الإرهاب عن (إبن تيمية, ومحمد بن عبد الوهاب, وإبن باز, والقرضاوي, والسلفيين)، من قبل مرجعهم الأعلى (ترامب)، وإعطائهم إجازة الفتوى في الأمور السياسية والجهادية حتى بعد مماتهم، بحسب تصريحه ( لقد وجدت في السعودية هي من تمثل الاسلام الحقيقي)...! أصبحت السعودية مجازة عالميا بكل فتوى سياسية تطلقها..! وبذلك كسبت السعودية رهان جميع دول المنطقة، بما في ذلك قطر و تركيا، واللذان يتقاطعان في بعض الأمور الجوهرية والتي في مقدمتها تبني ( حركة الأخوان المسلمين) من قبل قطر، وفتح مكتبها الرئيسي فيها..! والتأييد التركي العلني لتبني تلك الحركة، فضلا عن أحلام "أردوغان" الوردية، بضم السعودية تحت تصرفه..! بفحوى الخلافة الاسلامية التي سيكون هو خليفتها مستقبلاً..!
لم تكن أميركا بالغباء الذي يعطي الضوء الأخضر، بفك الخناق عن السعودية، وبهكذا إفراط ملفت للنظر وبدون ثمن، خاصة بعدما كانت السعودية في يوم من الأيام، محط أنظار ولائمة الدول الكبرى، بأنها بذرة ومنبع الإرهاب الذي يهدد العالم..! والذي لابد أن يمحى برفعها من خارطة الكرة الأرضية، كما أشار "ترامب" بنفسه أبان حملته الإنتخابية، الأمر الذي يستوجب على السعودية وكل دولة مكانها، بأن تتدارك وجودها ضمن دول المنطقة، خاصة بعدما بدأ الأحداث تتشابك وتتصارع في (سوريا, ولبنان, والعراق, واليمن, وإيران، ودول الخليج, ومصر, وتركيا) فكانت تلك الزيارة بمثابة اللوح الذي أُلقي الى السعودية، لتنجوا به من بحر الإتهامات والصراعات الذي تحيطها..... جزء (1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 من بعد تكلمنا به خلال الجزء الاول، بمقالنا تحت عنوان (سلمان وترامب من ضحك على من....؟) وماإنتهى به الحديث بأنهما كسبا مصالحهما وتحقق ما يريدان وكيفما ارادوا، نأتي خلال الجزء الثاني، لنغير وجهة العنوان تحت السؤال الذي يقول:
ترامب وسلمان .. من المستفيد ومن الخاسر..؟
 الأعلام العربي، وخاصة المنتقد للتقارب (السعودي الإميركي)، سقط وللأسف هذه المرة ضحية في فخ دهاء الاعلام "الصهيوسعودي"، إذ بدأ الاعلام الأخير بتبني قضية التركيز على حجم الهدايا والأموال التي أُسرفت على ضيافة "ترامب" لتشغل الرأي العام بذلك، فيكون الرد عليها بفحوى الضيافة والكرم العربي، في حين إنها أسدلت الستار على العديد من الأمور الجوهرية، والتي تهدد آمن المنطقة والعالم، وأبسط ما يقال عن زيارة ترامب للسعودية بأنها جاءت وساطة (إسرائيلية – سعودية) تعنى بنقل بعض الاتفاقات التي تخدم الطرفين..!
"ترامب"؛ ومن خلال ما قام به من زيارة للسعودية وتل أبيب، مثل نقطة بين رقمين، فالمصالح التي تحاول أن تحققها إسرائيل في المنطقة تحتاج الى حليف مثل السعودية، في وقت إن السعودية لم يؤهلها وجودها بعد للإعتراف بأسرائيل دولة للتعاون معها علناً، فجاء ترامب النقطة التي تقرأ الرقمين، في الوقت الذي إنشغل به الاعلام بالحديث،عن حجم الهدايا والأموال التي منحت لــ" ترامب" وعن الحجاب الذي توشحاه زوجة وبنت ترامب أمام خادم بيت المقدس، وخلعته أمام خادم الكعبة، نجد إنه أبعد الكثير مما حصل خلال الزيارة والتي سنورد منها الأهم :-
1- الإتفاق على تحجيم الدور الإيراني في المنطقة، بإعتباره يهدد الوجود الأميركي والسعودي والإسرائيلي، من خلال الضغط الأميركي على روسيا من جهة، أو إعطاء أكبر فسحة للسعودية، في تحريك أجندتها لغرض ضرب الأمن في الاماكن الإيرانية والتي يقطنها السنة، ولقد نجح أحد التكفيرين بقتل إثنان من شرطة الأمن في إيران..! بعد تصريح ولي العهد السعودي، بأنه سينقل الحرب الى الأراضي الإيرانية، لو إقتضت الضرورة لذلك..!
2- إدراج بعض فصائل المقاومة في المنطقة، والتي تمثل سياسة وقوة تتعارض مع الوجود السعودي والإسرائيلي، ضمن قائمة تقدم الى مجلس الامن عن طريق "ترامب" لغرض درجها ضمن لائحة الميليشيات وتجريمها، بما في ذلك حزب الله اللبناني، وحركة الاخوان المسلمين، والحشد الشعبي العراقي، والحوثيين، والفصائل التي تقاتل مع الجيش السوري.
3- إسدال الستار على الجرائم التي إرتكبتها السعودية في اليمن، والتي إستخدمت بها مؤخرا مواد حارقة محرمة دوليا ضد الشعب اليمني الأعزل....!
44- إعطاء الصلاحيات الكاملة للسعودية، بأن تتصرف بما تراه مناسبا في بعض الامور التي تخص المنطقة، بما في ذلك تدخلها بالشأن اليمني والسوري والعراقي..!
من ما بعد ما تقدم نستطيع أن نقول بأن "ترامب" كان وسيطاً فعالاً وطرفا رئيسيا بنفس الوقت..! ضمن بسط نفوذه المتصارع مع روسيا في المنطقة من جهة، وإنه صدر السلاح الاميركي الى السعودية بثمنيين، الاول سعر تلك الزيارة، وثانيها ما تحقق من مكاسب سياسية تخدم وجود اميركا هناك، وأما السعودية فأنها بأموالها كسبت القوة التي يبحث عنها الجميع، بالتحالف مع اميركا العظمى من جهة، و تحقيق مأربها بعدم قيام حكم شيعي بالمنطقة، وكبح الوجود الايراني، وتذليل وجود النفوذ القطري التركي، الذي يهددها من جهة أخرى.
نهاية المطاف حول مخرجات ومعطيات هذه الزيارة، نقول: قطر؛ هي الدولة الوحيدة التي أدركت حجم ما يحصل من خلال تلك الزيارة، الأمر الذي اخرج أميرها، بصفة المتوجس الخائف المتخبط ببعض التصاريح، والتي نفاها مؤخرا بإدعاء الحكومة القطرية بقرصنة حساباتها على مواقعها الرسمية ..!
إيران؛ التزمت جانب الصمت حيال ذلك بإعتبار نفسها القوة التي لا يهددها الوجود السعودي، سوريا؛ لها شأنا يغنيها عن التصريح، تركيا؛ التزمت جانب الصمت ايضا تخوفا من فقدان توزان علاقتها مع أميركا وإسرائيل ودول المنطقة، العراق لم يكن له تصريح بالمستوى، كون السعودية لها تدخل سافر بالأمن العراقي، من خلال تبني "داعش" وليس على العراق إلا الحفاظ على وجوده ضمن أطر سياسة المنطقة، خصوصا وإن داعش تلفظ انفاسها الاخيرة فيه وإنه يتهيأ لدخول صفحة ما بعد داعش.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=95002
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 05 / 30
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28