• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ثقافة الديمقراطية والحياة البرلمانية .

ثقافة الديمقراطية والحياة البرلمانية

اذا كان الدستور وصياغته يعد علامة بارزه في البناء الديمقراطي للمجتمعات الحديثة ،فان أمرا آخر اشد أهمية هو مدى جدية هذا الدستور ومستويات  تطبيقه على صعيد الواقع ،ومن ثم صيانته والحفاظ عليه من التغيير والتحريف عبر وسائل استبدادية تفرضها مفاهيم السلطة التنفيذية التي يمكنها  التأسيس لأجهزة أمنية او مخابراتية قد تتمرد على السلطات الاخرى ،لذا احتاطت تلك الدول لهذا الامر كثيرا عبر منظومات عديدة منها قضائية واخرى  سياسية تترك للراي العام فيها الحيز الأعظم بما لديه من وعي وثقافة ديمقراطية أتت متوازنة مع تاريخه السياسي وما رافق تطوره من نزاعات  ايديلوجية قد تجعله بمنأى من الخوف على مستقبله .
لكن تجربتنا البكر مع مفاهيم جديدة في الحياة الدستورية ،تضع المواطن وسط دوامة من الخوف الذي يعتصره حتى يجعله في ريبة من صدقية النظام الدستوري ومدى صمود الدستور العراقي الدائم، بسبب ما مرت به من تجارب مع الدساتير السالفة ،وكيف كانت مجرد صفحات مهملة في كتيبات لا يفهم منها الا صلاحيات رئيس الجمهورية التى تمركز وترسخ سلطته الاستبدادية ،وليس لاحد ان يشير من قريب او بعيد حول تطبق ذلك الدستور او الاخذ به حتى لو كان امر حقوقيا لا اثر للسياسة فيه ،من هنا ينبغي على كل عراقي ان يكلف نفسه مهمة البحث عن كل ما يساهم بادامة الدستور وصيانته كونه قد افرغ رغبته بانتخاب الهيئة التي كتبته، وكذلك هو الذي صادق عليه يوم الاستفتاء ،ومن تلك المساهمة ان يضع ثقله الشعبي عبر ممثليه في البرلمان ،فهم لا يعنون شيئا ماداموا بلا تواصل مع قواعدهم ،وان يطور وعيه القانوني بهذا الشأن كونه ليس حكرا على رجال القانون دون سواهم ،وقد يلعب دوره الفعال هذا عبر رصد كل مخالفة صريحة للمبادئ الدستورية الواضحة،ويتوجه بها الى مكاتب مجلس النواب المنتشرة في بغداد والمحافظات ،وان تقوم بدورها بنقل تلك الملاحظات او الشكاوى الى لجان المجلس الدائمة التي تعد ورش عمل فعالة ،واهم ما تختص به هو العمل الرقابي على السلطتين التنفيذية والتشريعية فضلا عن استثمار تلك الملاحظات في تكوين المبادئ التي يمكن ان تكون قواعد لتعديل قانون او تشريع اخر يلبي الحاجة اليه ،فالنائب في البرلمان لا ينتظر وحي يوحى اليه بما يقع خارج قبة البرلمان ما لم يستمع الى شكاوى واراء المواطنين والاتصال المباشر بهم عبر هكذا منافذ قد تكون ميزة اخرى لمجلس النواب العراقي دون سواه حسبما يعترف بذلك الكثير من خبراء البرلمانات في العالم ..


                                                                              المحامي طالب الوحيلي




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=96
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 06 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29