• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : صلح الإمام الحسن قرار استراتيجي... .
                          • الكاتب : جمال العسكري .

صلح الإمام الحسن قرار استراتيجي...

الخيارات والبدائل في ظل الظروف الحرجة لابد أن تكون حاضرة عند القائد أو عند رأس الهرم القيادي في الكتيبة الوحدة سواءا كانت مدنية أو عسكرية، والقرارات الاستراتجية في الحروب، تتمثل في قدرة القائد العالية في اسشراف النتائج قبل وقوعها، وتشخيص الأهداف تشخيصا دقيقا،وفرز الأدوات المتاحة،لبيان قدرتها على تحقيق الغايات المرجوة من بدء القتال أو العزوف عنه لمصالح قد لا يدركها الجميع.
الامام الحسن عليه السلام كان قائدا من الطراز الأول، قادرا على تشخيص المصالح تشخيصا دقيقا مع الحفاظ على اولوية الدين وحضوره في مفاصل تلك المصالح المبتغاة،فضلا عن كون الإمام الحسن عليه السلام إماما معصوماً مختارا من قبل الله على لسان نبيه، فلايمكن أن يرقى إليه الشك ابدا.
الصلح الذي وقعه لم يكن وليدا لظروف طببعية وبيئة تمتلك عناصر القوة التي تجلب النصر،بل أن العكس هو الصحيح،حيث أن جيش الإمام الحسن عليه السلام كان محبطا ويعاني من عدم الاستقرار، بسبب كثرة الحروب التي خاضها مع الإمام علي عليه السلام،الجمل، صفين، النهروان،وكلها كانت حروب دامية حصدت الكثير من الأرواح والتغرب عن الأهل والديار، فضلا عن حادثة التحكيم الأخيرة التي زعزعت وبشكل كبير العامل النفسي لدى أهل الكوفة.
الكوفة لم تكن نسيجا واحدا،كله مواليا لأهل البيت عليهم السلام، إنما كانت موزعة بين الأمويين والزبيرين والخوارج والعلويين فضلا عن المنافقين واليهود الذين يتربصون الدوائر في الاسلام. وعلى هذا فأن الجبهة الداخلية للامام عليه السلام لم تكن جبهة محكمة،بل كانت جبهة مهلهلة، يدب فيها الضعف من كل جوانبها، فضلا عن خيانة زعامات القبائل التي باعت دينها لمعاوية بالدينار والدرهم،وخيانة أقرب واقوى قيادات الجيش بن عم الامام عبيدالله بن العباس.
فكان الإمام عليه السلام بين خيارين، الخيار الأول أن يدخل بحرب خاسرة، تستباح فيها الكوفة وتقضي على الإمام واهل بيته، وهذا الخيار كان مطلب الموالين للإمام عليه السلام بسب تحمسهم العاطفي الشديد ورغبتهم في تسنم الامام دفة القيادةومطلب الخوارج الذين كان هدفهم القضاء على الجبهتين معا الخيار الآخر هو أن يقبل عليه السلام الصلح مع سقف عالي للمطالب ،وبهذا الخيار يستطيع أن يجنب شيعة أهل البيت حربا لاتبقي ولاتذر،ومن المؤكد سيذهب ضحيتها الإمام الحسن والحسين. واهل البيت عليهم السلام، وهذا الخيار الثاني سيعرض الإمام الى حملة تشويه وتسقيط من قبل مناوئيه.
  هذان الخياران بالنسبة للامام عليه السلام أحلاهما مر، لكنه كان ينظر إلى الصلح كبديل استراتيجي يستطيع من خلاله تفويت الفرصة عل الطرف الآخر كي لايمعن في القتل والفساد والافساد والقضاء على الإسلام والعودة إلى منظومة الفكر السفيانية التي لم تؤمن بأن الإسلام دينا الهيا،لذلك وعلى الرغم من اتصاف الموقف بالحساسية المفرطة وأنعكاسته السلبية على شخصه عليه السلام، الاانه قرر أن يتخذ الخيار الثاني، خيار الصلح، وأن كان في القرار فسحة للمتصيدين النيل منه عليه السلام، الا انه جعل مصلحة الاسلام في المقام الأول.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=96203
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 06 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20