انطلقت الثورة السورية منذ ستة أشهر مضت وهي تحلم بالحرية من عقود عجاف كالحة جللت حياة هذا الشعب المسكين بالبؤس والشقاء ، فجثمت على صدره وكتمت أنفاسه وسامته العسف والتنكيل في ظل حكم شمولي مستبد ، أصبح الفساد عنوانا له ، وإذلال الانسان واستعباد المواطن منهجا .
صادروا فيه كرامة الانسان وسحقوا إنسانيته ، وغلوه بقيود الرعب والهلع حتى جعلوا من أعلى الكفاءات داخل الوطن ، التي لا تسير في ركبهم ولا تصفق لمهازلهم أو تغطي على عوراتهم أو تسكت عن جرائمهم ، أقزاما وأصفارا بل أعداءا متآمرين ، مصيرهم السجن والزنازين ، ومطاردتهم بعد ذلك بحملات التشويه والتضليل من أجهزة القمع والفساد وأبواقهم التشبيحية في أجهزة الإعلام التضليلية .
حرك هذه الجماهير الشريفة من أبناء الوطن الأباة للخروج في مظاهراتهم ضد النظام مطالبين بالحرية والكرامة والعدالة والإنسانية ، بعد أن حرموا من طعمها وتنسم هوائها سنين بائسة طويلة ، حركهم تلك الشحنات المكتومة والزفرات المكبوتة وأكوام مآسي متؤاكمة من الإحباطات من سنين طويلة بسبب سياسة القهرومسيرة الفساد ، فانطلقوا يعبرون بفرحة غامرة وعزم متين وإرادة فولاذية ماضية لا تلين ، عن حقيقة مشاعرهم ومكنونات نفوسهم المكبوتة ، وأحلامهم الجميلة المصادرة ، وآمالهم العذبة المحاصرة ، وأهدافهم المنشودة المقيدة .
انطلقت شرارة الثورة من درعا في جنوب سورية ، بسبب تلك العبارة التي نقشها طلاب المدارس الصغار من أبناء درعا على الجدران ، بخطوطهم الطفولية المشرشرة ( الشعب يريد إسقاط النظام ) ، التي سمعها هؤلاء الأطفال من هتافات الثورات العربية التي انطلقت في تونس ومصر ، وأصبحت أكثرعبارة ترددها الشعوب الحرة التي ثارت على الاستبداد وتحلم بتنسم عبق الحرية .
ومع ردة الفعل الهمجية المتوحشة من النظام وأجهزة قمعه المتخلفة ، تمثلت ابتداء في اعتقال الأطفال ، وتشويه أجسادهم الغضة البريئة ، ونزع أظافرهم ، ورفض الإفراج عنهم بطريقه عنجهية استفزازية ، وعجرفة منحطة سافلة صدرت من المحافظ ورئيس جهاز الأمن - قريب بشار الأسد – وزبانيتهم .
ومع كل هذا الظلم والجبروت خرج المتظاهرون في درعا وما تلاها بتظاهرتهم المطالبة بالتحرر من هذا الواقع المرير ، يحملون غصن الزيتون ويهتفون للحرية ، يواجهون رصاص أجهزة القمع ومدافعه ودباباته بصدور عارية ، ليس لهم سلاح بعد التوكل على الله سوى نداء الحرية ، وصورة يلتقطونها للتظاهرات لتعبر عن مطالبهم واحتجاجاتهم ، يرسلون بها إلى المحطات الفضائية الحرة ليسمع العالم بثورتهم ويحس بمعاناتهم ، لأنهم في بلد لا يسمح فيه بنقل الحقيقة ، ولا حتى صور صامتة خرساء ، ما لم تبارك بفبركة ومونتاج تقوده أجهزة الإعلام التضليلية ، ويشرف عليه أجهزة النظام القمعية .
أشهر ستة مضت وهم يخوضون حربا شرسة مع نظام فقد أدنى مقومات الانسانية ، ناهيك عن الوطنية أو غيرها ، يقابل هتافهم وشعاراتهم السلمية بالرصاص الحي يستهدف الرؤوس والصدور، وقصف بمدافع ودبابات الجيش العشوائي لمنازل المدنيين الآهلين ، بدلا من تصويبها واستخدامها ضد العدو المحتل الذي اغتصب الأرض وانتهك العرض ، وهو يعيش بأمن وسلام وحسن جوار فوق أرضنا المحتلة .
لقد أمعن هذا النظام الجبان في قمعه ضد مواطنيه الشرفاء العزل ، وأوغل في سفك دمائهم ، وقد تجمد فيه الإحساس ، وتجرد من جميع مقومات الإنسانية ، وإخوة الوطن والتراب .
لقد اهتزت مشاعر الغرباء لتلك الدماء الطاهرة الزكية التي تسفح كل يوم في شتى أنحاء البلاد طولا وعرضا على يد هذا النظام المستبد ، ممثلا بأجهزة قمعه المتوحشة وعصاباته من الشبيحة ، وملحقاتهم من المرتزقة الطائفية المستوردة من الخارج ، وتحرك الناشطون هنا وهناك من الداخل والخارج ، من أبناء الوطن والأشقاء العرب ومنظمات المجتمع المدني المختلفة ومنظمات حقوق الانسان ، ينددون بهذه الجرائم ويطالبون بوقف نزيف الدم المتفجر والاستجابة لمطالب الشعوب البائسة المقهورة المطالبة بالحرية وأخواتها دون أن تتحرك في عروق هذا النظام قطرة دم ، ليكف عن قتل شرفاء وطنه وأحرار بلده بطريقة تنم عن حقد دفين ، ولؤم مشين ، وخسة منحطة لم يفعلها أبناء صهيون مع ثوار فلسطين !
إن كان في بعض رجالات هذا النظام بقية باقية من رجولة ، أو قليلا من وطنية أو مسحة خفيفة من إنسانية ، لأقدم على وقف مسيرة القتل ونهج القمع ، وحقن دماء شعبه وأبناء وطنه ، بتنازله وتخليه عن هذه الحكومة لمجلس إنقاذ وطني بطريقة سلمية تقود الوطن إلى بر الأمان عبر دولة مدنية ديمقراطية شعارها العدل والحرية .
إلا أن الواقع على الأرض يثبت عكس ذلك ، فقد آلى هذا النظام الدكتاتوري المستبد على تدمير البلاد وتخريب العباد ، وإبادة جميع الشرفاء والأحرار وأنصارهم في سبيل بقائه متسنما على ذلك ( الخازوق ) ، ليبقى متسلطا على رقاب البشر في وطنه يعاملهم كالعبيد في مزرعته ، التي ورثها بدون كد عن أبيه المستبد الأكبر .
لقد تمرد هذا النظام على جميع النداءات والصرخات والنصائح التي وجهت له من داخل الوطن أو من خارجيه ، من ناشطين وسياسيين ومفكرين وأحزاب وتيارات وجماعات ومنظمات ومؤسسات ودول وأحلاف وامبراطوريات وقارات .... فضرب بكل ذلك عرض الحائط ، وركب رأسه يقامر بمصيره ومستقبله ومستقبل وطنه ، معولا على الحل الأمني ، مدعوما من عصابات إجرامية وميليشيات إرهابية وتحوت منحطة من سفلة البشر جمعها من مجرمي السجون وأرباب السوابق ...
لقد طرد هذا النظام المحطات الإعلامية وأغلق مكاتبها ، واعتقل الصحفيين الأحرار، ومنع منظمات حقوق الانسان والصليب الاحمر من التحقيق ودخول سورية ، ورفض المبادرة العربية ... والنداءات العالمية ، وشعبه الأعزل داخل سورية يستغيث من بطشه وعسفه وإجرامه .
لقد قتل الأطفال واستهدف العجائز من النساء ، واغتصب الحرائر ونزع الحناجر واقتلع الأظافر، وقنص الأحرار وقصف البيوت ودك المدن والقري بنيران مدافعه ، ونهب المحلات وأحرق البيوت والمحاصيل وقتل الماشية والسوائم العجماء ، ولم تسلم من إجرام عصاباته حتى الحمير لينتقم منها ويصب عليها جام حقده وإجرامه ، وقصف المآدن ودنس المساجد ومنع الصلاة فيها واعتدى على العلماء المخلصين بداخلها ، ومزق بداخلها المصاحف وكتب شبيحته على جدرانها عبارات الطائفية والكفر ... وقدسه أزلامه من عبيد الشبيحة وألهوه ... وركعوا له من دون الله وسجدوا لصوره القبيحة ، وقام شبيحته وعناصر القمعية بإجبار الشباب الحر المؤمن الطاهر على السجود لصور صنمهم المعتوه ، ولم يرتو بعد من دماء الأحرار بل إن سعاره وإيغاله في دماء أحرار الوطن وشرفائه يزداد يوما بعد يوم ، واعتبر كل من لا يقف معه عدوا مرصودا مهدور الدم .
والسؤال الملحّ : إلى متى سيبقى هذا الأسد المتوحش يفترس شعبه ، يوغل في القتل ويلغ في دماء أبنائه من الشرفاء والأحرار وقد سالت أنهارا ؟
إلى متى ستيقى أحهزة القمع الأسدية ألة قتل وسفك غاشمة ضد أبناء الشعب المطالبين بحريتهم والإنفكاك من أغلال الذل والعبودبة ؟
إلى متى سيبقى الجيش السوري ( حماة الديار ) عدوا لهذا الشعوب يصوبون إلى صدوره فوهات بنادقهم ونيران رشاشاتهم وقذائف مدافعهم ودباباتهم بدلا من العدو المحتل ، بدلا من أن ينحازوا إلى هذا الشعب ضد قاتليه من طغمة الدكتاتورية والاستبداد ؟
إلى متى سيبقى المجتمع الدولي يتفرج على جرائم هذا النظام القمعي ومذابحه الفظيعة تحت نظر وسمع العالم ؟
ألم يأن الأوان لوقف نزيف الدم ووقف مسلسلات القمع وإنهاء القتل والاعتقال والإذلال والتنكيل اليومي ؟
كم حجم الدماء التي رصد لها هذا النظام المجرم من أبناء شعبه ؟ أم أنه فوّض أجهزته القمعية بصك مفتوح ليس له سقف ، ولو أفنى جميع الشرفاء والأحرار من خيرة أبناء الوطن وشبابه .
هل ينتظر الجيش السوري والأشقاء العرب ممثلة بالجامعىة العربية ، والعالم المتمدن ومنظمات حقوق الانسان هذا النظام السفيه المجرم حتي يقضي على جميع أبناء شعبه ؟
ألم يأن الأوان للحجر عليه ، ولجم آله قمعه ، لإجباره على التوقف عن قتل المدنيين والنساء والأطفال والشيوخ والعجائز .
متى سيستجيب الجيش الوطني ! والمجتمع العربي أو الدولي لحماية المدنيين وحقن دمائهم في سورية من هذا النظام المتمرد وعصابات المجرمين القتلة ؟ ! .
12/ 9/ 2011 |