• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : فّكر جلجامش بإسعاد شعبه قبل نفسه .
                          • الكاتب : عامر ناجي حسين .

فّكر جلجامش بإسعاد شعبه قبل نفسه

جلجامش بطل ملحمة عرفت باسمه (ملحمة جلجامش) هو خامس ملك من ملوك سلالة مدينة الوركاء الأولى (2800 – 2400 ق.م ) التي آثارها اليوم ظاهرةً في مدينة السماوة جنوب العراق دام حكمه 126 عاماً كما ورد في إثبات الملوك السومريين وعاش في العصر المسمى عصر فجر السلالات , عُرِف عن هذا الملك بطشه وتنكيله بشعبه مما دفع هذا شعبه بالدعاء عليه عند الآلهة لتسلط عليه من يقدر على صرعه فكان ان استجابت الآلهة فأرسلت انكيدو الشخصية الأسطورية خارقة القوى وبعد جولات مصارعة بينهما يتبين تكافؤ كل منهما في القوة مع ميل بسيط لقدرة جلجامش فيرتبط به بصداقة قوية انتهت هذه الصداقة بموت انكيدو نتيجة مرضه فيجن جنون جلجامش من هذا الأمر بعد ان شاهد بأم عين ان الموت لا يفرق بين قوي شجاع وضعيف جبان فيبدأ رحلة البحث عن الخلود الذي هو مطمح سعادة كل انسان فكان ان التقى ببطل الطوفان البابلي المسمى "اوتونبشتم" وهذا الاخير كان قد انقذ البشرية من الهلاك اثناء وقوع الطوفان العظيم بصنعه لسفينة اركب فيها شتى انواع المخلوقات إلى جانب الإنسان من حيوان ونبات وقد تحدث جلجامش اليه :
(ماذا عساي يا اوتونبشتم أن افعل وإلى أين أوجه وجهي؟
وها ان المثكل قد تمكن من لبي وجوارحي
أجل ! في مضجعي يقيم الموت
وحيثما أضع قدمي يربض الموت).
وعند مغادرة جلجامش لصديقه اوتونبشتم وحزنه لعدم حصوله على سر الخلود خاطبت زوجة اوتونبشتم زوجها بأن يرشد جلجامش إلى نبات الخلود الذي يوجد في مياه البحار والذي يجعل الإنسان العجوز يعود إلى شبابه وطبعاً على هذا ا لحال يصبح البشر مخلدين لا يموتون فسُرّ جلجامش لقول اوتونبشتم الذي استجاب لطلب زوجته بدعوته له قائلاً :
(سأفتح لك يا جلجامش سراً خفياً
أجل ! سأكشف لك عن سر من اسرار الآلهة
يوجد نبات مثل الشوك ينبت في المياه
وشوكه يخز يديك كما يفعل الورد 
فإذا ما حصلت يداك على هذا النبات وجدت الحياة الجديدة).
وقد امر اوتونبشتم قائد سفينته المدعو اورشنابي الذي تكفل بإيصال جلجامش إلى مدينته أن يدله على مكان العشب وبالفعل تمكن جلجامش بعد ان غاص في البحر ان يحصل على هذا العشب وقد اتخذ قراراً بأن يشرك ابناء مدينته في تناول هذا العشب وان يقوم بزراعته في مدينته فيعود جميع ابنائها شباباً اقوياء فتعم السعادة فيهم , وقد فسرَ البعض ان جلجامش لم يأكل العشب لأنه لم يكن كبيراً في السن لان هذا العشب مرخص اكله لكبار السن فقط وهو تفسير غير منطقي حسبما ارى وسواء ان جلجامش لم يأكله لأنه ليس بكبير السن ام لأنه فضلَّ ان يأكل شعبه قبله فهذا امر رائع من قبله إذ انه لو كان انانياً لما فكر ان يعطي شعبه هذا النبات ويرجع كبار السن فيه شباب إلى ان يكبر هو فيأكله وهو من تحمل صعوبات جمة لغرض الحصول عليه :
(لاحملنه معي إلى اوروك المحصنة
واشرك معي الناس ليأكلوا منه
وأنا سآكله في آخر ايامي حتى يعود شبابي)
عموماً لم يتحقق لجلجامش حلمه إذ قامت الافعى بأكل عشبة البحر التي حملها جلجامش معه اثناء انشغاله بالاغتسال في بئر ماء وحزن لذلك :
(فشمت الحية نَفَسَ النبات
فتسللت واختطفت النبات
ثم نزعت عنها جلدها
وعند ذاك جلس جلجامش وأخذ يبكي
حتى جرت دموعه على وجنتيه)
ومن هذا نرى عظيم تفاني هذا القائد من اجل اسعاد شعبه قبل ان يسعد نفسه هو وتحوله من حالة إلى اخرى فبينما كان قاسياً غليظاً في تعامله معهم تحول إلى ودود يحبهم ويسعى إلى اسعادهم بمنع الموت عنهم.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=96463
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 06 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19