• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الإمام علي عليه السلام هارون هذه الأمة .
                          • الكاتب : عبد الكاظم حسن الجابري .

الإمام علي عليه السلام هارون هذه الأمة

الكتابة عن علي عليه السلام تحتاج إلى ملكات مختلفة, وقدرة حقيقية على فهم هذا الرجل العملاق, فعلي عليه السلام ليس من نمط الرجال العاديين, الذين يمكن أن نفيهم حقهم ببضعة سطور.
لقد كان علي عليه السلام أمة لوحده, كجده إبراهيم عليه السلام, وهو سلام الله عليه منبع الفضائل والكمالات, فهو الفقير القانع, والمؤمن العابد, والعالم العامل, والورع الزاهد, والحاكم العادل, والقائد الفاهم, والحر الأبي.
إن وصفت عليا عليه السلام كالبحر في سعة فضائله فأعتقد إني ظلمته بهذا الوصف, فهو أوسع وأعمق من أن تحده نعوت البشر العاديين مثلي.
ما أريد أن أتناوله في حروفي هو جانب صغير من الجوانب التي مثلها علي عليه السلام في حياته, فهذا الإمام الرباني, المنصب بوحي السماء, وخليفة رسول الله صلى الله عليه وآله بالنص, والذي أضاعته الأمة, وهذا هو جوهر موضوعي, فالأمة التي تضيع كفاءتها المخلصين, وقادتها الورعين, سيكون مصيرها الذل والهوان.
لقد أضاع القوم عليا, وعدلوا به غيره, وخسروا الرفعة والسمو بذلك, وانحدرت الائمة الاسلامية متسافلة شيئا فشيئا, فصارت الأموال دولة بين الأغنياء, وأصبح عباد الله الصادقين مرمى لسهام الظالمين من الحاكمين باسم الدين, وتلاقف الخلاقة الطلقاء والمنحرفين ومن لا حريجة له في الدين.
لقد اشبهت محنة مولانا أمير المؤمنين محن الأنبياء, حين كذبهم قومهم, واختاروا ساداتهم وكبرائهم, وأشبهت محنة علي عليه السلام محنة هارون عليه السلام, حينما استخلفه النبي موسى عليه السلام على قومه عند ذهابه لميقات ربه, لكن هؤلاء القوم أضاعوا هارون عليه السلام, والذي كان يمثل طريق الحق والعدل, واتبعوا السامري الذي استغفلهم وأغواهم, فصنع لهم عجلا جسدا له خوار, فأثابهم الله بذلك هما وغما, وضربت عليهم الذلة والمسكنة, وهذا ما نص عليه الإمام علي الهادي عليه السلام في زيارة الغدير "ثُمَّ مِحْنَتُكَ يَوْمَ صِفّينَ وَقَدْ رُفِعَتِ الْمَصاحِفُ حيلَةً وَمَكْراً، فَاَعْرَضَ الشَّكُّ، وَعُزِفَ الْحَقُّ وَاتُّبِعَ الظَّنُّ، اَشْبَهَتْ مِحْنَةَ هارُونَ اِذْ اَمَّرَهُ موُسى عَلى قَوْمِهِ فَتَفَرَّقُوا عَنْهُ وَهارُونُ يُنادى بِهِمْ وَيَقوُلُ: (يا قَوْمِ اِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَاِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعوُني وَاَطيعُوا اَمْري قالوُا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفينَ حَتّى يَرْجِعَ اِلَيْنا موُسى)، وَكَذلِكَ اَنْتَ لَمّا رُفِعَتِ الْمَصاحِفُ قُلْتَ يا قَوْمِ اِنَّما فُتِنْتُمْ بِها وَخُدِعْتُمْ، فَعَصَوْكَ وَخالَفُوا عَلَيْكَ، وَاسْتَدْعَوْا نَصْبَ الْحَكَمَيْنِ، فأَبَيْتَ عَلَيْهِمْ، وَتَبَرَّأْتَ اِلَى اللهِ مِنْ فِعْلِهِمْ، وَفَوَّضْتَهُ اِلَيْهِم فَلَمّا اَسْفَرَ الْحَقُّ وَسَفِهَ الْمُنْكَرُ، وَاعْتَرَفُوا بِالزَّلَلِ وَالْجَوْرِ عَنِ الْقَصْدِ اخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِهِ، وَاَلْزَمُوكَ عَلى سَفَه التَّحْكيمَ الَّذي اَبَيْتَهُ وَاَحَبُّوهُ وَحَظَرْتَهُ، وَاَباُحُوا ذَنْبَهُمُ الَّذي اقْتَرَفُوهُ وَاَنْتَ عَلى نَهْجِ بَصيرَة وَهُدى، وَهُمْ عَلى سُنَنِ ضَلالَة وَعَمىً، فَما زالُوا عَلَى الِّنْفاقِ مُصِرّينَ، وَفِي الْغَيِّ مُتَرَدِّدينَ حَتىّ اَذاقَهُمُ اللهُ وَبالَ اَمْرِهِمْ، فَأَماتَ بِسَيْفِكَ مَنْ عانَدَكَ، فَشَقِيَ وَهَوى وَاَحْيا بِحُجَّتِكَ مَنْ سَعَدَ فَهُدِيَ" يا علي وفي ذكرى استشهاد ماذا اقول واي وصف او مدح وقد مدحك الله لذلك اقول كمال قال امامنا الهادي عليه السلام " صَلَواتُ اللهِ عَلَيْكَ غادِيَةً وَرائِحَةً وَعاكِفَةً وَذاهِبَةً، فَما يُحيطُ الْمادِحُ وَصْفَكَ، وَلا يُحْبِطُ الطّاعِنُ فَضْلَكَ، اَنْتَ اَحْسَنُ الْخَلْقِ عِبادَةً، وَاَخْلَصُهُمْ زَهادَةً، وَاَذَّبُهُمْ عَنِ الدّينِ، اَقَمْتَ حُدُودَ اللهِ بِجُهْدِكَ، وَفَلَلْتَ عَساكِرَ الْمارِقينَ بِسَيْفِكَ، تُخْمِدُ لَهَبَ الْحُرُوبِ بِبَنانِكَ، وَتَهْتِكُ سُتُورَ الشُّبَهِ بِبَيانِكَ، وَتَكْشِفُ لَبْسَ الْباطِلِ عَنْ صَريحِ الْحَقِّ، لا تَأخُذُكَ فِي اللهِ لَوْمَةُ لائِم وَفي مَدْحِ اللهِ تَعالى لَكَ غِنىً عَنْ مَدْحِ الْمادِحينَ وَتَقْريظِ  الْواصِفينَ، قالَ اللهُ تَعالى: (مِنَ الْمُؤْمِنينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلوُا تَبْديلاً".




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=96495
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 06 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28