• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السّنةُ الرَّابِعَة (٢٢) .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السّنةُ الرَّابِعَة (٢٢)

   {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}.
   يقولُ البعض؛ إِذا كان الحاكمُ ظالماً فلماذا لا أَظلِمُ أَنا إِذن؟! ويقولُ آخرون اذا كان المجتمعُ ظالماً فلماذا لا أَظلمُ أَنا الحاكم الذي إِمتلكَ السُّلطة؟! ويقولُ آخرون إِذا كانَ الكلُّ يظلمُ الكلَّ فلماذا لا أَظلمُ أَنا كذلك؟! أَوَلم يقولوا [لَو عمَّت هانت]؟! فهل بقِيَت عليَّ؟! وهل أَنَّ إِقامةَ العدلِ متوقِّفٌ عليَّ؟!.
   أَمَّا أَميرُ المؤمنين (ع) فلم يكُن يفكِّر بهذه الطَّريقة المنحرِفة والمريضة وغير السَّليمة! إِنَّما كانت طريقة تفكيرهِ كالتَّالي؛ 
   لأَنَّهُ لا أَحدَ يعدلُ سواء في السُّلطة أَو في المجتمعِ، لذلك يجب أَن أَعدِل أَنا لأُخفِّف من غلواء الظُّلم ولأَضع الأُمور في نصابِها!.
   وإِلَّا فلو أَنَّ كلَّ واحِدٍ في الدَّولة، حاكماً ومحكوماً، فكَّر بطريقة [وهل بقِيَت عليَّ] لما استقام شيءٌ في المجتمع أَبداً ولخيَّم الظُّلمُ وأَطبقَ بكاهلهِ على أَنفاسِ الجميع!.
   ولذلك فعندما أَرادهُ النَّاسِ للخلافةِ بعد مقتل عُثمان بن عفَّان، صارحهُم بالمستقبلِ الصَّعب والمُعقَّد وما سيفعلهُ إِذا ما تولَّى السُّلطة؟! فلم يشأ أَن يخفي عليهِم شيئاً ليخدعهُم مثلاً حتَّى حين! إِلى أَن تستتبَّ الأُمور لَهُ أَو يبسط نفوذهُ عليهِم بالقوَّة مثلاً أَو بالاكراهِ! أَبداً! فـ {مَا ظَفِرَ مَنْ ظَفِرَ الاِْثْمُ بِهِ، وَالْغَالِبُ بِالشَّرِّ مَغْلُوبٌ} وإِنَّما خاطبهُم بقولهِ؛ {دَعُوني وَالْـتَمِسُوا غَيْرِي; فإِنَّا مُسْتَقْبِلُونَ أَمْراً لَهُ وُجُوهٌ وَأَلْوَانٌ; لاَ تَقُومُ لَهُ الْقُلُوبُ، وَلاَ تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْعُقُولُ، وَإِنَّ الاْفَاقَ قَدْ أَغَامَتْ، وَالْـمَحَجَّةَ قَدْ تَنَكَّرَتْ.
   وَاعْلَمُوا أَنِّي إنْ أَجَبْتُكُمْ رَكِبْتُ بِكُمْ مَا أَعْلَمُ، وَلَمْ أُصْغِ إِلَى قَوْلِ الْقَائِلِ وَعَتْبِ الْعَاتِبِ، وَإِنْ تَرَكْتُمُونِي فَأَنَا كَأَحَدِكُمْ; وَلَعَلِّي أَسْمَعُكُمْ وَأَطْوَعُكُمْ لِمنْ وَلَّيْتُمُوهُ أَمْرَكُمْ، وَأَنَا لَكُمْ وَزِيراً، خَيْرٌ لَكُمْ مِنِّي أَمِيراً!}.
   إِنَّ العدلَ كان بحاجةٍ الى عمليَّةٍ قيصريَّةٍ! يخسر فيها كثيرون مواقعهُم ومناصبهُم وامتيازاتهُم وما جنَوهُ خلال فترة خلافة عُثمان من مالٍ حرامٍ وقِطع أَراضي حرام ونساء حرام ومناصِبَ حرام وكلَّ شيءٍ حرام بسببِ الفساد المالي والاداري الذي ضربَ بأَطنابهِ كلَّ مؤسَّسات الدَّولة، كما هو حالُ الْعِراقِ الجديد منذُ التَّغيير ولحدِّ الآن! فكان يلزمُ أَن يكونَ الامامُ (ع) صارماً وحاسماً في الحَرْبِ على الفسادِ وبِلا هوادةٍ وليسَ كما أَرادَ مِنْهُ البعض، ليِّناً مع الفاسدينَ ومسترسِلاً معَ الفسادِ غاضَّاً للطَّرف عمَّن تولَّى منصباً في الدَّولةِ لم يكن أَهلاً لَهُ وإِنَّما بسبب المحسوبيَّة والعشائريَّة والمُحاصصة الأُسريَّة وغيرَ ذلك!.
   فقال عليه السَّلام؛ {وَاللهِ لَوْ وَجَدْتُهُ قَدْ تُزُوِّجَ بِهِ النِّسَاءُ، وَمُلِكَ بِهِ الاِْمَاءُ، لَرَدَدْتُهُ; فَإِنَّ في العَدْلِ سَعَةً، وَمَنْ ضَاقَ عَلَيْهِ العَدْلُ، فَالجَوْرُ عَلَيْهِ أَضيَقُ!}.
   فعندما يُخيِّمُ الظُّلم في كلِّ مكانٍ لا يمكنُ تطهيرَ البلادِ من شرورهِ إِلَّا بالضَّربِ بيَدٍ من حديدٍ على رؤُوس الظَّالمين والفاسدين والفاشلينَ وهذا ما دعى اليهِ المرجعِ الأَعلى! إِلَّا أَنَّ التَّهاون في تنفيذ الدَّعوة من أَقربِ المدَّعين المقرَّبين اليهِ والمحسوبينَ على الخطِّ المرجعي! زادَ في الظُّلم فانتشر ألْفَسادُ والفشلُ أَكثر فأَكثر!.
   نحنُ بحاجةٍ الى [حشدٍ] من نوعٍ آخر يشنُّ الحَرْبَ بِلا هوادةٍ على الظُّلم الذي يمارسهُ السياسيُّون الفاسدونَ والفاشِلون! بحاجةٍ الى فتوى من نوعِ فتوى الجِهاد الكِفائي ولكن هذه المرَّة تكون جهاداً عينيّاً ليُعلن المواطن، كلُّ مواطنٍ، الجِهاد الأَكبر، جِهاد النَّفس، بعد أَن حقَّق نجاحاً باهراً وإِنجازاً تاريخيّاً عظيماً في الجِهاد الأَصغر، الحَرْبِ على الارهاب!.
   ولتحقيق نَفْسِ الانجاز العظيم الذي تحقَّق في الجِهاد الأَصغر ينبغي أَن يبدأَ كلُّ مواطنٍ من نَفْسهِ وبنفسهِ، أُسرتهِ، المقرَّبين منه! ليكتسحَ الجِهادَ الأَكبر غَول الظُّلم الذي يجتاح البلاد! وهو الخطر الذي لا يقُلُّ تهديدهُ عن الارْهابِ أَبداً! فالإرهابُ ظلمٌ والفسادُ ظلمٌ والفشلُ ظلمٌ! تتعدَّد الأَسماء والنَّتيجةُ واحدةٌ {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}!.  
   ١٦ حزيران ٢٠١٧
                            لِلتّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=96586
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 06 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29