• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : بعد زيارة العبادي.. هل انتهى وقت الحصار، وجاء وقت الحصاد؟ .
                          • الكاتب : د . عادل عبد المهدي .

بعد زيارة العبادي.. هل انتهى وقت الحصار، وجاء وقت الحصاد؟

انتهت الزيارة السريعة في الوقت، والتي قد تصبح عميقة في المداليل، لو تمت رعايتها.. فالزيارة للسعودية وايران ثم للكويت، تكشف عن مصادر القوة التي يمتلكها العراق، التي لو احسن استثمارها لشكلت رأسمالاً سياسياً واقتصادياً وامنياً وحضارياً، ولوفرت احد عوامل التهدئة والتطور للعراق والمنطقة. ولعل العراق بتطوراته الراهنة يتفرد بامكانية قيامه بمثل هذه الزيارات بين متضادات لاعتبارات عديدة يجب ادراكها وتفعيلها.. فبعد التصريحات التحريضية للسفير السعودي ثامر السبهان والتي اثارت ردود فعل غاضبة في العراق، يتم تجاوز ذلك كله، ويصدر بيان ختامي مع السعودية يتكلم عن "تأسيس مجلس تنسيقي بينهما للارتقاء بالعلاقات الى المستوى الاستراتيجي المأمول، وفتح آفاق جديدة من التعاون في مختلف المجالات، بما في ذلك السياسية والامنية والاقتصادية والتنموية والتجارية والاستثمارية والسياحية والثقافية، وتنشيط الشراكة بين القطاع الخاص في البلدين.. وعلى مواصلة جهودهما الناجحة لمحاربة التنظيمات الارهابية، خصوصاً تنظيم داعش الارهابي.. وضرورة نبذ روح الكراهية والعنف والتمييز الطائفي والتأجيج المذهبي.. وأهمية تعزيز السلم والأمن في المنطقة". لينتقل الوفد بعد ذلك الى ايران، ويستقبل من المرشد الاعلى للثورة الاسلامية السيد الخامنئي ولتجري لقاءات مع الرئيس روحاني رئيس الجمهورية والسيد لاريجاني رئيس مجلس الشورى، وبقية القيادات الايرانية التي اكدت بدورها على دور العراق وعلى العلاقات الوثيقة التي تربط البلدين ايضاً.
زيارة تنتظر المتابعة لتؤتي اوكلها. ورغم ان الوفد هو وفد رسمي يجب ان تذوب فيه انتماءات اعضاءه، لكن لهذه الانتماءات خلفيات وقراءات. ففيه اعضاء بارزون من "التحالف الوطني" بمكوناته، ومنها "بدر".. وفيه من "اتحاد القوى" ومنهم منتمون او قريبون من "الاخوان المسلمون"، الخ.. ولهذا كله دلالات قد تكون اكبر من الكلمات والحوارات والاتفاقات سواء في السعودية او ايران او الكويت. زيارة تكشف ان العراق يستطيع لعب ادوار لا يستطيع كثيرون لعبها. فعنده قد تلتقي المصالح والامتدادات.. وعنده قد تلتقي المتضادات والمختلفات. هكذا كان دوره التاريخي، وهكذا يجب ان يكون. وسنرى، ان تبنينا جميعاً هذا الفهم، كيف ستدفع الرياح الطيبة والمناسبة ليس المنطقة فقط الى الامام، بل العراق في مجالات التسوية بين مكوناته الداخلية، واستثمار مصادر قوته وطاقاته البشرية والطبيعية ومحيطه الاقليمي والدولي. خلاف منهج اخر يرى العراق مسرح الصراعات الاقليمية والدولية.. ليشهد الدمار الذي شهده طوال العقود الماضية سواء قبل تغيير 2003 او بعده، بما يفكك نسيجه ويعطل علاقاته الطبيعية بجواره ومحيطه، ويضعفه ويجعله عرضة لشتى السلوكيات الداخلية او التدخلات الاجنبية التي ستغذي دوامة الازمات والاختناقات والادانات من داخله لخارجه، ومن خارجه لداخله.
فالجوار كله -وبدون استثناء- بحاجة للعراق، والعراق بحاجة لكل الجوار، بدون استثناء. ذلك إن استطاع موضعة حراكه ونفسه في المكان والزمان الصحيحين. فالعراق هو صمام الامان شرط ان يكتشف ابناؤه ذاتهم، وهو قطب ومركز حركة اقليمية وعالمية وحضارية، كما تشهد له "سومر" و"بابل" و"اشور" و"اربيلو" و"المدائن" و"الكوفة" و"بغداد" و"سامراء". فالعراق يحمل من مصادر القوة الحضارية والسماوية، ليلعب دور المرجل الذي تنصهر فيه الاقوام والهجرات والتيارات، ولتستقر في واديه خيراً ووحدة وانطلاقاً وانفتاحاً واعتدالاً اكثر مما نتصور، شريطة اكتشافها وتفعيلها في عقلنا وسلوكنا ومطامحنا ومشاريعنا. فان بقي جاهلاً حقيقته فسيمزق بيده لحمته وسداه، ويفقد مصادر قوته. لهذا يجب وعي حالات من شأنها تغيير كامل الثقافة السائدة المملوءة عداءاً وانكفائية وغلواً واستهلاكاً للذات، ومنها: 1- لا يمثل الانفتاح الطبيعي على الاقليم، وحضور الاقليم الطبيعي في البلاد تدخلاً واعتداءاً، بل ضرورة وحاجة، بغض النظر عن اختلاف الانظمة والعقائد والثقافات.. 2- لا تجدي سياسات الغرور والتدخل هنا وهناك، وسترتد على الجميع مفاهيم الاخ الكبير والصغير، والنعرات التي تختزل من الذرائع او من التاريخ ما يعبىء للمغامرات والحروب، كما حصل في الحرب مع ايران واجتياح الكويت وقصف السعودية.. 3- لا لمفاهيم الحرب بالنيابة او ارض صراع للاخرين، فاما ان يعيش الكل بسلام، واما تعم الفوضى والعنف الجميع ايضاً، كما تشهد كل الوقائع في منطقتنا وفي غيرها.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=97211
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 06 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18