يعتقد الكثير وهو من المفاهيم الخاطئة أن لفظتي الفحشاء تعني (الزنى ) والمنكر تعني (شرب الخمر )

وأن المسلم إن لم يرتكب هاتين الموبقتين فقد عصمته صلاته عنهما وأما باقي الأمور فبسيطة لا تستحق ، من هذا التفسير للمعنى القاصر لهاتين المفردتين القرءانيتين وقعنا في معظم المحذورات ألتي نرتكبها بشكل لحظي لأننا ضيعنا المقصد فضاعت أخلاقنا معها .

فهل فعلا نحن بحاجة للمرجع أو المفتي أو من هم متحدثون بأسمائهم أن يفتون لنا ان فتح الصنبور وتركه أثناء الوضوء حرام لأن فيه هدر للثروة العظيمة وهي الماء والهدر من الفحشاء والمنكر لأنه عبث وإسراف في حقوق الناس جميعا فما تهدره قد يحتاجه غيرك غير قادر على الحصول عليه وحريتك تنتهي حيث الاعتداء على حقوق الآخرين ولو لم تكن حقوقا للغير فهو إسراف لا يحبه الله؟

هل نحتاج للفتيا في وجوب وضع كيس للمخلفات في السيارة وألا نرتكب الفحشاء والمنكر في فتح نافذة ورمي القاذورات منها أمام الناس وفِي حقوقهم المشتركة معك  فما كان ملكك يأمرك الباري أن تحافظ عليه وترعاه فما بالك بحقوق الغير فهذه الشوارع والسكك والطرقات ملك الناس جميعا وأنت برميك فيها تؤذيهم؟ 

هل نحتاج للفتيا لكي لا نترك تلك الصورة البشعة من المخلفات في المتنزهات أو الشواطيء وأن هذا من الغحشاء والمنكر وهل نحتاج إلى وجوب الأمر بالمعروف فيهب بَعضُنَا لتنظيف ما تركناه هناك وتهيئة المكان للزائرين فضلا عن قراباتنا وأهلنا ؟

هل نحتاج للفتيا لكي لا نتخطى الطوابير في المرور والا نتجاوز بشكل مخالف لأنه فحشاء والا نسرع فوق المسموح أو نقف حاجزين موقفين أو أكثر أو مكان (ذوي الهمم العالية) أو مخالفة الأنظمة لأنها منكر ؟ 

هل نحتاج لفتيا لنعرف أن ترك الطعام زائدا عن الحاجة في مناسباتنا فحشاء ومنكر وأن تعليب الزائد منه  وتوزيعه على محتاجيه من المعروف ؟

هل نحتاج للفتيا لكي نعرف أن ما نفعله بالنعم في دعواتنا حرام وأنه فحشاء ومنكر لكي نتوقف عن كل تلك الصور البشعة في ترك النعم للحاويات ؟ 

هل نحتاج للفتيا بتحريم إخراج النفايات من المنزل في غير الأوقات المحددة من البلدية كي لا نؤذي المارة والمنظر العام للبلد ؟ 

هل نحتاج للفتيا لكي نراعي العمال والمقيمين ونعاملهم بالحسنى وليس بالفحشاء والمنكر والبغي ؟ 

كل تلك اخلاقيات سلوكية انسانية يحضنا عليها ديننا الذي اقتصرناه على المسجد والحسينية في تأدية العبادات الطقوسية بعيدا عن التعامل مع الكون واحترامه .