صفحة الكاتب : صلاح عبد المهدي الحلو

مع السيد كمال الحيدريِّ في وثوبه.
صلاح عبد المهدي الحلو

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

دبَّجتْ يراعة بعضُ الأخوة الأعزاء قبل أيامٍ ,كتاباً في (اقتباسات) السيد كمال الحيدري من كتب العلماء من دون أن يعزوها السيد إلى قائليها,وكان ذلك منه غيرةً على الحق,وإنصافاً للعلم.
ولكن قامت عليه قائمة القوم,فاتهمه بعضُهم بعدم الأمانة,وأغار عليه آخرون في بعض التعليقات ببعض الأمور.
وقال المدافعون:- إن السيد كمال الحيدري,توهم,أو نسي,أو اشتبه - حقيقةً لاأعلم - في موردٍ من الموارد في وضع علامة التنصيص في غير مكانها,وجلَّ من لايسهو,فلا يحتاج هذا الأمر إلى تلك الضجة,ولا هذا الحادث إلى هذا الحديث.
وكان المدافع يقصد أن السيد وضع اشتباهاً علامتي تنصيصٍ في كتابه (التقوى في القران) من نَّصٍ أخذه من تفسير الميزان للعلامة الطباطبائيِّ - قُدِّس سره - في غير موضعهما.
ولكني أجزم بضرسٍ قاطع,أن الأمر مقصودٌ ليوحي الكاتبُ للقاريْ أن ماكتبه من عنده لامن عند غيره,وله أمثالها,واليك نظيره من كتاب غير هذا الكتاب,ولِعالِمٍ غير هذا العالِم.
الإذا أحسنَّا الظنَّ بالسيد كمال الحيدري لدفع الخيانة العلمية عنه,ولدفع تهمة جرِّ قرص العناء العلمي في البحث لناره,فيجب أن نعترف (مكرهين تحت سوق الادلة) بعدم معرفة السيد كمال الحيدري للتوثيق,وعدم فهمه لكيفية قراءة النَّص,وعدم درايته بمكان وضع علامتي التنصيص,ولكن دون إثبات هذا خرطُ القتاد.
هاك هذا المثال مع الصورة,
كتاب (في ظلال العقيدة والأخلاق) طبعة دار فراقد 2007 من ضمن الموسوعة ,قال تحت عنوان (تمهيد:أهمية العنصر الأخلاقي في القران) ص7 وهي أول صفحات البحث ( - قال الواحدي: الفظ ، الغليظ الجانب السيء الخلق، وأصله فظظ ، وأما " الفض " بالضاد فهو تفريق الشيء ، وانفض القوم تفرقوا ، قال تعالى : * ( وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها ) * ( الجمعة : 11 ) ومنه : فضضت الكتاب ، ومنه يقال : لا يفضض الله فاك .
فان قيل : ما الفرق بين الفظ وبين غليظ القلب ؟
قلنا : الفظ الذي يكون سئ الخلق ، وغليظ القلب هو الذي لا يتأثر قلبه عن شيء ، فقد لا يكون الانسان سئ الخلق ولا يؤذي أحدا ولكنه لا يرق لهم ولا يرحمهم ، فظهر الفرق من هذا الوجه).
هنا ملاحظات على هذا الكلام,
الأولى :- ان السيد كمال الحيدريّ بدأ العبارة بقوسين صغيرين لبداية التنصيص, ثم أهمل وضع علامة التنصيص في النهاية,ولم يشر إلى المصدر الذي قال فيه الواحديُّ هذا القول والذي سنبينه لكم فيما بعد,وأوحى للقاريء أنَّه نقل هذا القول عن كتابٍ للواحدي.
الثانية:- هل كان السيد كمال الحيدريُّ أميناً في نقل كلام الواحدي بتمامه؟ أم زاد عليه من كلام الرازي؟ وماذا تعني هذه الزيادة لو وقعت؟ أتراها تعني أحد الأدلَّة على عدم تتبع الحيدري لكلام الواحدي من مصدره الحقيقي؟
الثالثة:- عبارة (فإن قيل مالفرق بين الفظ وبين غليظ القلب) والجواب عنها هل هي للواحدي,أم للسيد كمال الحيدري أم لغيرهما؟
الجواب عن الملاحظة الثانية,إن السيد لم يكن موفقاً - ولن أعبِّر تعبيراً آخر عن الحقيقة - في نقل كلام الفخر الرازي عن الواحدي بتمامه,وهو هذا:- (قال الواحدي رحمه الله: الفظ ، الغليظ الجانب السيء الخلق ، يقال : فظظت تفظ فظاظة فأنت فظ ، وأصله فظظ ، كقوله : حذر من حذرت ، وفرق من فرقت ، الا أن ما كان من المضاعف على هذا الوزن يدغم نحن رجل صب ، وأصله صبب )
إلى هنا انتهى كلام الواحدي كما في كتاب (التفسير الوسيط) للواحدي,ولكن لما اعتمد السيد كمال على طبعة (دار الكتب العلمية) غير المحققة لكتاب (مفاتيح الغيب) للرازي,وهي بسبب الفارزة,لم تميز بين كلام الواحدي الذي ينتهي إلى قوله (وأصله صبب) وبين كلام الرازي الذي يبدأ ب (وأما الفض بالضاد...) هنا سقط الحيدري في امتحان الأمانة العلمية بعد سقوطه في فخ الطبعات الرديئة,وبانت حقيقة إحالته على المصادر,وانه لم يطَّلع عليها.
لاحظ الصورة في اول تعليق, ولوَّنت كلام الواحدي باللون الاصفر والرازي وضعت تحته خطاً باللون الاخضر.
وكان كلام الرازي على نحو الاستدراك على كلام الواحدي,وهو قوله ( وأما " الفض " بالضاد فهو تفريق الشيء ، وانفض القوم تفرقوا ، قال تعالى : * ( وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها ) * ( الجمعة : 11 ) ومنه : فضضت الكتاب ، ومنه يقال : لا يفضض الله فاك .

ومع التنزَّل عن ذلك كلِّه,كان حق العبارة أن تكون هكذا مثلاً (قال الواحدي - كما نقل عنه الفخر الرازي في تفسيره :- (الفظ ، الغليظ الجانب السيء الخلق .............. ، ثم يكتب في هامش الصفحة (يُنظر ,ويذكر المصدر)
وكلمة (يُنظر) أكاديمياً تعني أنه قد تصرَّف في العبارة,أو نقلها بالمعنى - كما ذكرها الدكتور علي جواد الطاهر في كتابه وأظن اسمه (مناهج البحث الأدبي).
وهنا نلاحظ ان السيد كمال ورَّط نفسه من أجل خمس كلمات,وهي (الفظ ، الغليظ الجانب السيء الخلق)
جواب الملاحظة الثالثة:- إن الكلام الثاني المنقول على نحو دفع الإشكال ليس من كلام الواحدي,بل هو من كلام الفخر الرازي أيضاً في تفسيره (مفاتيح الغيب),وهذا يؤكد لنا قضية خطيرة,وهي
إما أن يكون السيد كمال الحيدري نقل الكلام برمَّته من كتابٍ آخر,ليس (مفاتيح الغيب),وذلك (الآخر) (سرق) العبارة من قبل,وعلى قاعدة جماهير التيارات الإسلامية المغلوبة في العراق حين تشمت بسياسيِّ سرق أتباعُه ملاينه (وطفر) إلى لبنان(مالُ الحرام للحرام),جاء صاحبنا فسطا على العبارة الحرام,ولايدري موردها ومصدرها,ووثب بها على صفحات كتابه.
أو أنَّه اطَّلع على المصدر - وهذا مُستبعد؛لأنَّه مصيبة - ولكنَّه لم يفرق بين كلام الواحدي وكلام الفخر.
أو أن البحث كتبه أحدُ طَلَبتِهِ,تنفيذاً لطِلْبَتِه,مقابل مبلغٍ من المال,وهو أقرب الطرق إلى التأليف,وكلُّها تؤدِّي إلى روما الشهرة والذيوع.
إلى هنا انتهى الأمر,ولكن ممَّا زاد الطين بلَّة,أن السيد الحيدري جاء عقيب هذا الكلام الأخير,الذي هو كلُّه من تفسير مفاتيح الغيب للفخر الرازيّ,بكلامٍ آخر مباشرةً,ووضعه بين قوسي التنصيص على أنَّه للفخر,
ويبقى السؤال المهم:-
لماذا وضعت علامتي التنصيص هنا,دون وضعها هناك؟ وكان حق وضعها هناك أن يكون من قول الرازي (قال الواحدي) في الصفحة 7 السطر 10,ولماذا وُضِعَت في الصفحة 9سطر 7 عند قوله (أن المقصود من البعثة.....)؟
ثم انه نقل كلاماً عن الزمخشري في كشَّافه,أشار إليه الفخر الرازي في المسألة الثانية ج9ص53,وأوحى السيد كمال للقاريء أنَّه أطَّلع عليه بدليل أنه ذكر الجزء والصفحة من كتاب الكشاف في هامش ص9,
ولكن....وآآآهٍ من لكن,
أيُّ طبعة,الناشر؟ المكان؟
لم يذكر شيئاً من ذلك كما ذكرها في إرجاعه الى مفاتيح الغيب في هامش ص8,مما يدلُّ دلالةً قاطعةً على عدم الأطّلاع على تلك الآية من هذا الكتاب.
قلتُ في نفسي لأرجع إلى ثبت المصادر في نهاية الكتاب,فلم أجد له عيناً ولا من أثر.
وبذا نخلص إلى حقيقةٍ مهمة,وهي أنَّ برنامجه (مطارحاتٌ في العقيدة) لم يكن من إعداده,بل كان يعدُّه له غيرُه وهو عليه (تقديم) هذا الإعداد.
وان كتبه وبحوثه,ليست وليدة قراءاته,بل هي وليدة قراءاتِ آخرين سطا عليها,ونسبها لنفسه زوراً وبهتانا,بدليل سقوط بحوثه في امتحان التوثيق,والشاهد أن باحثاً واحداً فتش في كتابين له,نقَّر بطون سطورهما,وفلَّى نواصيَّ صفحاتهما,ووجد فيها مئة سرقة,كشف عن نصفٍ وأعرض عن نصف,وماخفي كان أعظم لو فرَّغ بعضهم نفسه لباقي التوثيقات في باقي الكتب.
فياسيد كمال الحيدري,أتقتبسُ الكلام ولاتدري لمن؟ وتنسبه لغيره ولاتدري كيف؟
هبك أسأت الاقتباس,فلم أسأت إرجاع الكلام إلى قائله؟
أتُراه صحَّ فيك قولُ القائلُ أخشفاً وسوءُ كيلٍ ياأيُّها المطَّفف؟


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صلاح عبد المهدي الحلو
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/08/01



كتابة تعليق لموضوع : مع السيد كمال الحيدريِّ في وثوبه.
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net