صفحة الكاتب : عبد الهادي البابي

الأختلال .....قبل الأحتلال !!
عبد الهادي البابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
كثيراً ما نكون ضحية العادات والأساليب القديمة التي لا تحقق لنا الفائدة، ولاتزيدنا إلا بعداً عن الواقع الذي نعيشه ، ونظل نكررها مرات ومرات، نصارع نفس المشكلات، ونقع في نفس الأخطاء، فنحن لا نتعلم من الحياة، ولا نتوقف لنسأل أنفسنا ما يمكن تعلمه من هذا العام  ، حتى لا يكون العام  القادم مجرد تكرار له! يقول العارفون : إن كل فكرة وقبل كل شيء تبدأ في الرأس، وهي مقولة شاملة لا تتعلق بحركة واحدة ، بل تشمل كل حركة أو فعل،  وبحسب تلك الفكرة يكون المنتج النهائي لحركة المفكر فرداً كان أو جماعة أو أمة ..
أن سبب كل هذا الخراب والدمار الذي عم بلادنا هو التسطيح الفكري الذي لازلنا نعيشه دون أن نستطيع تجاوزه والأبتعاد عنه ولو  خطوة واحدة  إلى الأمام .. ،  لقد قلناها من قبل ، ونقولها اليوم ، ونظل نقولها ونرددها:  أن أزمتنا إذن أزمة فكر ، وعلينا أن نعمل على تصحيح الفكر البالي والمفاهيم العتيقة حتى يعتدل العود ويستقيم الظل، ولولا الخلل الحاد الذي يجتاح فكرنا القديم لما كنا نقدم التضحيات تلو التضحيات، ثم نجني ثماراً لا توازي ما نقدمه ولا ما يقاربه، أو حتى يجانسه!!
أليس هذه مفارقة عجيبة ...تستدعي منّا الأنتباه ولو للحظة واحدة ..مجرد لحظة !!
لقد أثبتت التجارب العلمية التي أجريت على بعض الحيوانات ، أن الحيوان لايكرر محاولاته بالوصول إلى طعامه أكثر من ثلاث مرات ، حيث أنه إذا فشل في المرة الثالثة ، فأنه يتوقف عن أتبّاع نفس الأسلوب الفاشل القديم ويلجأ إلى أسلوب جديد آخر ، يختلف عن الأسلوب الأول تماماً !! فهل أعتبرنا من ذلك ؟؟
وياليت القضية قضية يوم أو يومين أو شهر أو شهرين أو عام أو عامين..أنها حقب وأزمان سوداء دارت فيها طواحين الموت بأقصى سرعتها ، وهبت فيها أعاصير البلاء على كل الربوع  حتى تركت العباد بين سجين وصريع ، وبين عليل وجائع ، وبين مشرد ومفقود ، وأما البلاد  فتحولت إلى  مجرد أطلال حزينة ، وخرائب موحشة ، تنعق فيها غربان الموت ، وتعوي في بطحائها ذئاب القتل والتدمير !!
فهل سألنا أنفسنا بصدق ..! لماذا حل بنا ما حل من خراب؟ وأي خراب ؟
أنه خراب  الأفكار المشوشة  ، والمفاهيم البالية التي صنعتها قرون من التدخلات الخارجية المغرضة ، وساهمت فيها الأحتلالات المجرمة المستمرة على بلادنا وشعبنا !!  هل تدرون أيها الأخوة  أنه لم يكن شيء طيلة تلك القرون السوداء  يقوم في وجه زمر الخراب والتدخلات الخارجية ، لأننا لم نكن نمتلك القوة الوطنية التي تؤهلنا للدفاع عن بلادنا ، فكان العراقي الأصيل ينظر بحسرة إلى أرضه وهي تسقط بيد موجات الأحتلال البغيض وهو لايستطيع الدفاع عن أرضه ووطنه ، لأنه لايمتلك  من وسائل الدفاع غير الأ فكار المشوشة ، والمفاهيم الخاطئة التي أبتلي فيها   !!
وهكذا جنينا على أنفسنا بأنفسنا! 
وعندما جاءت الفرصة التاريخية إلينا ....ماذا صنعنا بها ، وكيف تعاملنا معها ؟؟
فعندما تكلمنا في الدين كذبنا ، وعندما تكلمنا في السياسة كذبنا ، وعندما أطلقنا الوعود النارية خلال فترة الأنتخابات كذبنا ، وأشد الناس سذاجة أو كذباً من جعل هذه الحال وليدة الأحتلال فقط ،  بل هي وليدة الأختلال والأحتلال .. وأن الأختلال في الفكر والمفاهيم لهو أخطر من الأحتلال العسكري الذي يزول مهما طال أمده ،  فإذا أراد الطبيب علاج مرض فعليه بتشخيصه التشخيص الصائب، وأن يسمي المرض باسمه مهما كان خطره، لأن علاج الوضع ينطلق من الأعتراف بحقيقة الخلل
أقول: هذا أقل ما نحتاجه،  فكيف ونحن مفرّطون بهذا الأقل؟! ولماذا؟ لأن مفاهيم خربة تسكننا.. لأن مفاهيم خربة نسكنها ونقيم في سجنها!!
ألا ما أكثر المفاهيم الخربة التي تسكن فكرنا، وتسجن كينونتنا!: ألا ما أحوجنا إلى ثورة عارمة شاملة تأتي على تلك المفاهيم البالية والأفكار القديمة المتداعية!ألا ما أحوجنا إلى فأس تهدم جدران هذه السجون الخفية قبل أن نتوجه إلى هدم السجون المرئية، فلولا سجون الأفكار البالية والمفاهيم الخاطئة ،  ما دخلنا يوماً سجون الطغاة والحكام الظلمة ، ولادخلنا بعدهم في سجون الأحتلال الغاصب وأذنابه من العملاء والخونة !! 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الهادي البابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/10/06



كتابة تعليق لموضوع : الأختلال .....قبل الأحتلال !!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net