صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

النقمة والحكمة!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

جائتني مقالة من أحد الأخوة الأكادميين , فبدأت بقراءتها لأنها تتناول مصطلحا أو قضية من ضمن إهتماماتي الفكرية , وتواصلت بالقراءة متأملا ما يتناوله ويناقشه ويستخلصه , ومضيت أقرأ المقالة حتى آخرها , وإذا بها تنتهي بعبارات ذات نقمة ومفردات سلبية جعلتني أتقيأ ما قرأته , وتوقفت متسائلا عن الدافع والسبب الذي جعل كاتبنا الأكاديمي يختم مقالته بما ينسفها ويقبحها ويخرجها من كونها مقالة تبحث في مسألة وتوضحها لكي يتحقق الفهم والوعي السليم!!

إحترت في الجواب!!

قبل أعوام كنت في جلسة ثقافية مع عدد من الأكادميين , ودارت أحاديث وطرحت مواضيع , وكان القاسم المشترك فيها , أن في كل واحد تتوطن دملة وقد تفجرت وإنطلقت أقياحها , وبمداد الدمامل تُطرح الآراء وتُكتب وتُعرض على الناس!!

فالنمطية السائدة في الكتابة أنها تفضيضات دمّلية , وتحاملات عدوانية , تسعى لإدامة الشرور وتغذيتها بما يؤججها ويُلهبها لتحرق الأخضر واليابس.

وفي واقع ما يُنشر ويُكتب في الصحف والمواقع وغيرها من وسائل التفاعل والتواصل والإعلام , أن معظمه يُبدي معدنه النقموي من العنوان أو العبارة الأولى , ولهذا فأن المنشور ما هو إلا غثيث ومشين ويعزز التفاعلات السلبية , ويساهم في تدمير البلاد والعباد , ويخلو من مفردات الرحمة والألفة والأخوة الوطنية والإنسانية , وإنما يبرر العدوانية بأسمى الكلمات وأطيبها , فيختلط كل شيئ للوصول إلى لا شيئ , لأن الموجودات تأكل بعضها وتنتهي إلى حالة التصفير والإختزال والإنخذال والإذلال المرير.

فلماذا يتسيد نهج النقمة ويغيب منهج الرحمة في ما تخطه الأقلام؟!

لماذا يتم تسخير طاقات العقول والمعارف لتبرير النقمة وتحقيق مشاريع الإنتقام؟

يبدو أن هذا السلوك معضلة جيل بأكمله , وبسببه يتحقق في الواقع المعاش ما يتطابق معه , وهذا الجيل المتحامل المتدمّل , سيتسبب بتداعيات خطيرة ستمتد لأجيال متعاقبة , لأنه إمتلك قدرات تحقيق ما فيه من الهيجان الإنفعالي والعدوانية الشرسة , وتمكن من وضع الآليات المشينة لتنفيذها , حتى تحولت الحياة إلى مأساة كبرى وجحيم أليم , تتخرب به البلاد وتُسبى العباد , وناعور النقمة يدور وأقياح الدمامل تسيل , وتتحول إلى مداد يُكتب به قرار المصير.

وعليه فأن المجتمع لن يتعافى ما دامت العقول مريضة والنفوس عليلة والعاهات مستطيرة , ولن يعود المجتمع إلى طبعه الوطني الإنساني القيمي إلا بقدوم جيل جديد مُطهر من العاهات , ومنزه من الآفات التدميرية التي تسخّر الجميل لصناعة القبيح والخير للقيام بمشاريع الشرور الحمقاء.

وحبذا لو أن هذا الجيل المتحامل يستطيع الجلوس مع نفسه ووعي دمامله التي تَندُس في أعماقه , فتدفعه إلى التصريح بما لا ينفع الناس , ويعزز السلوك الخبيث , ويتناسى بأن الكلمة الطيبة صدقة , وأن الكلمة مسؤولية , وما تخطه الأقلام من أخطر الآثام عندما يُكتب بأقياح النفوس المعتقة في قوارير السوء والبغضاء والإنتقام السعير!!

فاتقوا الله فيما تكتبون أيها الناقمون!!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/08/14



كتابة تعليق لموضوع : النقمة والحكمة!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net