صفحة الكاتب : عمار جبار الكعبي

المرجعية الدينية والتعايش بين اتباع الأديان المختلفة
عمار جبار الكعبي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 ثانياً : حفظ حرمة الدماء والأعراض والاموال

اتسمت المنظومة الاسلامية في التعايش المجتمعي بالوسطية والاعتدال ، حيث لا افراط ولا تفريط في جميع مناحي الحياة ، فلا يظلم المسلمون الآخرين ، ولا الآخرين يظلمون المسلمين ، عملا بقاعدة لا تظلمون ولا تُظلَمون ، فحرية الاعتقاد مكفولة ما دامت لا تتجاوز على خصوصيات الآخرين ، وتقف عند حدود حريتهم وعند حدود الله ، لتوجد مشتركات أساسية بين المواطنين قائمة على قبول الاخر رغم اختلافه ، لان الاختلاف سنة بشرية ما دامت البشرية تملك عقولاً ، وكما يقول احد الأمثال اليابانية ، اذا كان هنالك شخصان متفقان في كل شيء ، فهذا دليل على ان احدهما ليس لوجوده ضرورة !

شهدت البشرية عصوراً وأزمنة اُستبيحت فيها الدماء ، تحت ذريعة الاختلاف العقائدي ، ليكون سبباً في استباحة دماء واموال المختلفين عن الاغلبية ، لتكون هنالك ردة فعل بشرية بعد سنين طويلة تجاه هذه السلوكيات التي تتسم بالإجرام والسادية ، ولكن البشرية لم تقف عند هذا الحد بل ذهبت الى ابعد من ذلك كثيراً ، لتحمل الدين وزر هذه السلوكيات وتعتبره المحرض الاول على ارتكاب هذه الجريمة ، وتعتمد العلمانية منهجاً للحياة قائم على فصل الدين عن الحياة العامة ، متناسيةً اننا لو حاسبنا الافكار والمعتقدات والمتبنيات بجريرة سوء التطبيق لالغينا جميع الافكار الموجودة على المعمورة ، ولا يجب تحميل الدين الاسلامي جريرة التطبيقات الغير انسانية لبعض الافكار المنحرفة ، التي حدثت في مجتمعات اخرى او حتى حدثت في مجتمعات إسلامية ، لان قبول الاخر المختلف يعتبر من صميم وعمق المنهج الاسلامي ، الذي اثبت في الكثير من المواقف والاحداث صدقية هذا المنهج وعدم اعتباره شعاراً يتبجح به المسلمون !

من يطلع على وصايا المرجعية الدينية العليا ، الخاصة بالمقاتلين وضرورة الالتزام بها ، يستطيع ان يستنتج قدرة هذه المنظومة الفكرية على التعايش مع الآخرين مع اختلافهم ، لانها جسدت اروع تجليات حقوق الانسان رغم اشتداد وطيس المعركة مع داعش ، لتمنع بخطابها اخافة الأطفال او الاعتداء على كبار السن او استغلال النساء ، رغم اختلافهم العقائدي معهم ، ولم تتوقف هذه المنظومة عند هذا الحد ، وانما دفعت معتنقيها للتضحية بدمائهم لحفظ دماء المختلفين عنهم ، فمونتسكيوا وهو قائل المقولة الشهيرة ( قد اختلف معك في الرأي ، ولكني سأدفع حياتي ثمناً للدفاع عن حقك في الدفاع عن رأيك ) لو رآى ما نجسّده على الارض وفق منظومتنا الفكرية ، لوجد اننا وان لم نقل مقولته ، وان اختلفنا في رؤيتنا معه في بعض أجزائها ، الا اننا جسدنا مالم يجسده غيرنا من الحفاظ على باقة الورد العراقية التي يزداد جمالها كلما ازداد تلونها تحت المظلة الاسلامية ، لنحفظ لها خصوصيتها وكرامتها وحقها في التعبير عن اعتقاداتها التي تختلف معنا كثيراً .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عمار جبار الكعبي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/08/14



كتابة تعليق لموضوع : المرجعية الدينية والتعايش بين اتباع الأديان المختلفة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net