صفحة الكاتب : مركز المستقبل للدراسات والبحوث

التغيرات الهيكلية في النظام الدولي وموازين القوى
مركز المستقبل للدراسات والبحوث

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

د. جاسم يونس الحريري

لا يوجد تمييز واضح بين مصطلح المنظومة أو المنتظم أو النسق system وبين مصطلح النظام order في أدب العلاقات الدولية في الوطن العربي، إذ استخدم معظم الأساتذة العرب مصطلح system للتعبير عن مفهوم النظام order مما أدى إلى حضور بعض اللبس في فهم معنى هذين المصطلحين.

وقد طرحت العديد من التعريفات لتحديد مفهوم النظام الدولي، وتنوعت هذه التعريفات تبعا لإختلاف آراء ووجهات نظر واضعي هذه التعريفات ومن بينهم ستانلي هوفمان، وإذ نظر إلى النظام الدولي على أنه عبارة عن نمط للعلاقات بين الوحدات الأساسية الدولية، ويتحدد هذا النمط بطريقة بنيان، أو هيكل العالم فقد تطرأ تغيرات على النظام مردها التطور التكنولوجي، أو التغير في الأهداف السياسية الرئيسة لوحدات النظام أو نتيجة لتغير في شكل الصراع بين مختلف الوحدات المشكلة للنظام.

وبشكل عام يعرف النظام system بأنه عبارة عن كيان عام تتداخل عناصره ومكوناته على نحو يجعله يتفاعل ويتبلور في النهاية بصورة أو بأخرى، وعرفه موريس أيست بأنه نمط من التفاعلات والعلاقات بين الفواعل السياسية ذات الطبيعة الأرضية (الدول) التي توجد في وقت محدد.

أما كينيث بولندنغ فعرفه بأنه مجموعة من الوحدات السلوكية المتفاعلة التي تسمى أمما، أو دولا والتي يضاف اليها أحيانا بعض المنظمات فوق القومية كالأمم المتحدة، ويمكن أن توصف كل وحدة من هذه الوحدات السلوكية بأنها مجموعة من المتغيرات التي تفترض وجود علاقات متينة فيما بينها.

ومما تقدم يمكن القول أن النظام الدولي هو محصلة التفاعلات (التعاونية منها والصراعية) القائمة بين الوحدات السياسية التي يتكون منها النظام سواء أكانت هذه الوحدات (الدول) أو غير الدول كالمنظمات الإقليمية والعالمية الحكومية وغير الحكومية.

مميزات النظام الدولي الجديد

1- الإنتقال نهائيا من نظام القطبية الثنائية إلى نظام القطبية الأحادية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية.

2- إنتقال الصراع العالمي بعد إنهيار التوازن الدولي من صراع سياسي، وعسكري إلى صراع إقتصادي ومن صراع بين الشرق والغرب إلى صراع بين الشمال الغني والجنوب الفقير.

3- موافقة معظم الأنظمة الغربية التي تتشدق بالحرية، والديمقراطية على تخويل الولايات المتحدة متى شاءت وكيفما شاءت بإستخدام القوة العسكرية ضد كل دولة في العالم الثالث تنشد الحرية أو تنادي بحق تقرير المصير أو تسعى لإمتلاك القدرات الذاتية التي تسمح لها بالتغلب على عوامل التخلف.

4- إستعداد العالم الغربي ومعه بعض الدول التي تلتقي مصالحها مع مصالح الولايات المتحدة لمساعدة واشنطن بشتى أنواع المساعدات في عملياتها العسكرية التي استهدفت دولا ذات سيادة وشعوبا أبرياء.

5- إستخدام الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية لتحقيق مصالحها، وتهميش الشرعية الدولية.

6- الإنحياز الكامل (لإسرائيل) وسياستها العدوانية تجاه الشعب الفلسطيني بوجه خاص والحقوق العربية بوجه عام.

7- الإنسحاب من إتفاقية كيتو المتعلقة بالإحتباس الحراري Global Warrrning المعنية بمكافحة الأخطار التي تهدد المناخ والبيئة العالميين.

8- التحكم بقرارات الأمم المتحدة والتحرر من التزامات بعض المعاهدات والإتفاقيات الدولية ولا سيما تلك المتعلقة بحقوق أسرى الحرب وحصانتهم.

التغيرات الدولية وأثرها في النظام الإقليمي العربي

1- استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية بعد إحتلال العراق عام 2003 أن تظهر أنها الضامن الرئيس لأمن النفط، وكذلك لأمن دول المنطقة والممسك بميزان الشمال في نظام النفط العالمي.

2- أصبحت الولايات المتحدة الطرف الوحيد والقادر على فرض تسوية الصراع العربي –الإسرائيلي.

3- أصبح النظام الإقليمي العربي أكثر تجاوبا وأكثر انكشافا فضلا عن أنه يعيش بعد إنتهاء التنافس الجيو –ستراتيجي تصاعدا في التنافس الجيو إقتصادي.

4- هناك مشكلات داخلية في إطار النظام الإقليمي العربي ساعدت على التجاوب مع المتغيرات الدولية منها المشكلة الديمغرافية الضاغطة على مجمل الدول العربية إذ تصل نسبة الزيادة إلى 3% تقريبا فضلا عن الإختناقات الإقتصادية العربية لأسباب بنوية زادتها تعقيدا بعض الأحداث وتداعياتها، مثل إحتلال العراق أو عملية التوحد الأوروبية، فضلا عن حوافز الإصلاح الهيكلي القائم على إقتصاد السوق والتخصص يسهم أساسا في تنشيط هذا الإتجاه، فضلا عن فشل الاشتراكيات العربية إلى جانب الضغوط والحوافز الفعالة التي تمارسها أجهزة المساعدات الإقتصادية وهذا ما يؤثر ويثير من حدة التوتر الإجتماعي والسياسي مما يجعل الدولة تتخلى عن الكثير من وظائفها ذات الأهداف الوقائية والتوازنية في المجتمع.

5- تطور المسار الديمقراطي فيما يتعلق بالحرية السياسية التي تبقى مقيدة بغياب مبدأ تداول السلطة ومن مظاهر هذا التطور السماح بإنتقاد الحكومة عبر الصحف أو القنوات الفضائية وتغيرها وليس الحكم، فالسائد هو ضعف مؤسسات المجتمع المدني وغيابها الكلي في بعض الحالات فضلا عن أزمة الصدقية عند الكثير من القوى السياسية التي تحمل شعارات الديمقراطية نظرا لارتباطها أو ممارستها السياسية السابقة عند وجودها في السلطة وكذلك الإرتباط والخوف من القوى المغيرة البديلة وإحداث تراجع في المكاسب الديمقراطية.

6- مخاطر التفتيت التي حدثت في بعض الدول العربية مرورا بفلسطين ودعم المحتل الغاصب الصهيوني، والتقسيم العرقي والطائفي في العراق بعد الإحتلال الأميركي عام 2003، وتفتيت أرض الصومال، ورفع شعار الإنفصال في جنوب السودان وإحياء دولة العفار التي تقع عبر جيبوتي وأثيوبيا والصومال والفتنة بين سورية ولبنان وفرض الحصار على بعض الدول العربية مثل قطر بعد إندلاع الأزمة القطرية - الخليجية في حزيران/ يونيو2017.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مركز المستقبل للدراسات والبحوث
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/09/18



كتابة تعليق لموضوع : التغيرات الهيكلية في النظام الدولي وموازين القوى
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net