صفحة الكاتب : عبد الهادي عبدالزهرة أبرش العارضي

الوطن .....في خدمة المسؤول!!
عبد الهادي عبدالزهرة أبرش العارضي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 نسمع يومياً عبر الفضائيات والصحف واللقائات  تلك التصريحات النارية والشعارات الرنانة( التي تفلق الصخر ..وتغرق البحر ) من قبل أكثر المسؤولين وهم يصرحون وبلا خجل (نحن في خدمة العراق وشعب العراق) ولكن الحقيقة التي لاتحتاج إلى دليل او برهان أن العر اق  المنهوب وشعبه المسكين  في خدمة هؤلاء المسؤولين( ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر )ولا يمكن أن نغطي شعاع  الشمس الساطع في السموات بغربال النفاق المتهريء  !!  
 
ففي أول يوم تطأ رجل المسؤول سجادة المنصب ويعتلى على كرسي الوضيفة، تنهال عليه المخصصات والأكراميات والهدايا وقطع الأراضي الراقية ودفاتر الجوازت المتعددة ، ثم يبدأ بأختيار أفخم السيارات الحديثة ،وإستخدام أفخر الأثاث المنزلي ، ومن ثم يطالب بسلفة مستعجلة وعلى الفور لترتيب الأمور وتسديد ديون الحملة الأنتخابية حتى يتفرغ لخدمة العراق العظيم !!
 
نعم أيها الأخوة الكرام ....لقد صار منصب المسؤولية في بلادنا  ، ليس منصباً لخدمة الوطن والمواطن ...بل صار هذا المنصب لنهب الوطن وإستعباد المواطن!! وإلا ّ ماهو التفسير المنطقي لهذا الثراء الفاحش عند المسؤولين منذ سقوط النظام إلى يوم الناس هذا ..!وكيف لنا أن نهتدي إلى حجم هذه الثروات الطائلة التي بات يمتلكها المسؤلون بهذه السرعة الصاروخية العجيبة ؟
 
ولو رجعنا إلى الأيام القليلة التي سبقت تسلم المسؤول للمنصب الذهبي، لوجدنا ثمة رجل لا يمتلك شيئاً ،  وهو منكسر نحيف يرتدي السفاري القديم ، أو القميص البسيط جداً و العنق الخالي من الرباط، واللحية الوقورة التي تنم عن التدين والألتزام،إضافة إلى كل ذلك ، تراه يلتقي بالناس يومياً ويستأنس بآرائهم  وهوكثير النقد للمسؤولين الذين أنغلقوا على شعبهم وتحولوا إلى آلهة تحوم حولها جنود الله ، فلا يصل إليهم أحد إلاّ بشق الأنفس وبذل ماء الوجه، وتراه صاحب حرقة وغصة على الوضع الخدمي المتدهور  !!
 
 ولكنه بمجرد أن يتذوق حلاوة المنصب الجديد ، تبدأ عملية الأنسلاخ العجيب في شخصيته ، إبتدائاً  من لبس القاط اللماعي أّبو (العشرة أوراق دولارية فئة 100دولار )!، و الرباط الحريري  إلى لبس الحذاءالإيطالي (جلد أصلي ) الذي يتعدى سعرة(السبعة أوراق دولارية 700دولار  ) ثم يبدأ بتخفيف اللحية تدريجياً حتى يتخلص منها في آخر المطاف لأن المنصب يحتاج إلى التغيير (وأن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما(بوجوههم )!!
 
وياليت الأمور تنتهي عند هذا الحد من الطغيان وخدمة الذات ، فيتعدى ذلك إلى نفسية المسؤول ،فيرى نفسه( والعياذ بالله ) قد أصبح رقماً مهماً في سماء هذا الوطن وأنه قد صار له شأناً كبيراً وجاهاً عظيماً في المجتمع ، فتنشأ في أعماقه فقاعة الكبرياء وعدم إحترام الناس البسطاء الذين يفدون عليه لقضاء حوائجهم ، فينظر إليهم نظرة الأستخفاف والتعالي، فيفقد كل رغبة في قضاء حوائجهم ، وتمشية أمورهم التي جعلها قدرهم الأسود  بين يديه !!
 
ونحن نسمع يومياً العشرات بل  المئات من المواطنين الذين أغاضهم عدم المبالاة  والأهتمام الذي يعانونه في حضرة المسؤولين ، والترفع الصفيق من  بعض هؤلاءالمسؤولين إتجاه الذين أوصلوهم إلى دفة المناصب والتي ماكانت عندهم إلاّ حلماًكبيراً لا يحلم به (أجداد أجدادهم )،حيث تراهم ( أي المسؤولين )يتهربون  من المواطنين تحت رزمة حقيرة من الأعذار الكاذبة ولأتفه الأسباب ولايقيمون وزناً لمجيء هؤلاءإليهم ،ولا إلى تحقيق بعض الأمنيات التي يحملونها وذلك بقضاء حوائجهم والأهتمام بشؤونهم...!!
 
نعم ...لقد أصبح الوطن بكل ثرواته وأرضه وسماءه وشعبه وحتى كرامته في خدمة المسؤول...وما على المواطن  المتعوب المكدوح  إلاّ أن يتعلم كيف يتزلف ويتقرب وينضح ماء الوجه في حضرة المسؤول حتى يصير بشهادته مواطن صالح يستحق الحياة ..!!
 
وترى السيد المسؤول ما إن يحل فصل الصيف وقبل أن تبدأ حرارة الصيف بالأرتفاع ،  ، يبدأ المسؤول المحترم برحلة إستجمام إلى أكثر من دولة معتدلة الأجواء للتخلص من الحر الشديد الذي تشوي حرارته الوجوه ، ولأن الراتب ثكيل والحمد لله ويساعد على السفر والتجوال ولأن التقاعد مضمون بأسهل صورة ، وبعضهم يعمل له مأمورية خارج العراق [تتضمن زيارة أحدى المؤسسات أو بلديات المدن التي يزورها للأستفادة من خبراتها]  ،  فتكون تكاليف السفرة الميمونة للمسؤول على خزينة الدولة ..
 
 ولاأدري متى شعر السيد المسؤول بالحر وشدته ،هل في سيارته المبردة التي تنقله من مكتبه إلى داره المعمورة بالوطنية والتقوى الزائفة ، أم في داره التي فيها خطوط الكهرباء  من خط الوطني وخط الطواريء المستمر 24 ساعة أم المولدة الخاصة أم المولدة العامة أم ماذا !!!!!
 
فعلينا في هذه الأجواء أن نسقط صيغة هذه الأمتيازات الخيالية الظالمة للمسؤولين ونقول لهم: إن الأمتيازات التي لاتزالون تعملون وتحرقون الأخظرواليابس حتى تبقى لكم،لم تستطع أن تبني لكم بلداً ،ولم تستطع أن تحقق لكم أمناً ،ولن تثبت الأرض تحت أقدامكم ، ولن تستطع ذلك مهماأمتدت الأمتيازات فسوف يأتي وقت تسقط فيه كل هذه الأمتيازات والعلاوات والأكراميات التي لانهاية لها !!
 
وأنا أعلم أن في هذه الصرخة المدوية مايؤلم ويزعج ...وتغص به حلاقيم ..وترعد له أنوف ..وتذهل له مهج ..ولكن حسبي وعذري أن الحقيقة هي مرة ..وأن الحال قد أمسى لاينفع في بيانه وقوله  الترفق والأيماء ..أو الإيغال بحذر وخوف وحياء ، ولابد لعلاجه وإستأصاله من مبضع الحقيقة!! 
 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الهادي عبدالزهرة أبرش العارضي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/10/19



كتابة تعليق لموضوع : الوطن .....في خدمة المسؤول!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net