صفحة الكاتب : نزار حيدر

عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الرَّابِعَةُ (١٠)
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

    إِنَّ طلب السُّلطة والتَّنافس عليها يكونُ أَحياناً ضروريَّا بل واجباً شرعيّاً وأَخلاقيّاً ووطنيّاً! فعندما ينزو على السُّلطة ظالمٌ ينتهكُ الحُرمات والأَعراض ويسحق حقوقَ النّاسِ ويصادر حريَّاتهُم وكرامتهُم بأَعذار شتَّى ويتعمَّد إِذلالهم ويضيِّع خيرات البِلاد وخزينة الدَّولة بالحروبِ العبثيَّة والمُغامرات غَير المحسوبة ويدمِّر ويضيِّع فُرص البِناء والتَّنمية والاستثمار، في هذهِ الحالة يجب أَن يتصدَّى الامام القادر عليها لإزاحةِ السُّلطان الجائِر عن السُّلطة! ليحلَّ محلَّهُ حاكمٌ أَفضل!.
   إِنَّ فلسفةَ النُّظُم الدِّيمقراطيَّة في العالَم تقومُ على أَساس التَّنافس على السُّلطة من أَجْلِ سياساتٍ مُختلفةٍ أَفضل في كلِّ مرحلةٍ من مراحلِ تاريخِ البِلاد! أَمّا في بُلدانِنا، فللأَسف الشَّديد، فبسببِ غَياب الدِّيمقراطيَّة وسيطرة عِصابات فاسدة وفاشلة على السُّلطة ترى شعوبِنا بحاجةٍ دائماً إِلى ثوراتٍ دمويَّةٍ أَو إِنقلاباتٍ عسكريَّةٍ لاسقاطِ الحاكِم الجائر والذي يحلَّ محلَّهُ في أَغلبِ الأَحيانِ إِن لم أَقل في كلِّ حينٍ حاكمٌ ظالمٌ آخر أَتعس مِن الذي قبلهُ!.
   في الْعِراقِ الجديد سعى العراقيُّونَ لبناءِ نِظامٍ ديمقراطيٍّ جديدٍ يقومُ على أَساس حريَّة الاختيار عِبر صُندوق الاقتراع! إِلّا أَنَّ الذي حصلَ هو أَنَّ البديل عن النِّظام الدِّيكتاتوري الشُّمولي الذي سَقَطَ في مزبلةِ التَّاريخ في التَّاسع من نيسان عام ٢٠٠٣ ظلَّ طُوال الفترة الماضِية يُشرعن قوانين الدِّيموقراطيَّة حديثة العهد بمقاساتٍ خاصَّةٍ لا تركب إِلّا على مقاسات العِصابة الحاكِمة! أَلأَمرُ الذي أَفسدَ الطَّبخة!.
   لقد حدَّد الاسلام معاييرَ خاصَّةً للحاكمِ الذي يتولَّى السُّلطة لتحقيقِ العدالةِ الاجتماعيَّةِ، كما في قولِ الله تعالى {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} فالتَّحرُّرُ والتَّحريرُ من كلِّ ما يقوِّض حُريَّة الانسان هو الهدف الاوَّل الَّذي الذي تحقِّقهُ ثورات الأَنبياء! بمعنى آخر، أَنَّ العبوديَّة هي أَوَّل دوافع الثَّورة الرِّساليَّة!.
   ولذلك خاطبَ الحُسينُ السِّبط (ع) القومَ بقولهِ {إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُم دِينٌ وَكُنْتُم لا تَخافُونَ المَعاد فَكُونُوا أَحراراً فِي دُنياكُم} لأَنَّ الحُرَّ يقاومُ العبوديَّة وكلَّ الأَدواتِ التي تنتهي بهِ إِليها! ولذلك قَالَ أَميرُ المؤمنينَ (ع) {أَلاَ حُرٌّ يَدَعُ هذِهِ اللُّمَاظَةَ لاَِهْلِهَا؟ إِنَّهُ لَيْسَ لاَِنْفُسِكُمْ ثَمَنٌ إِلاَّ الْجَنَّةَ، فَلاَ تَبِيعُوهَا إِلاَّ بِهَا}!.  
   أَمَّا أَميرُ المؤمنين (ع) فقد حدَّد المعايير في أَكثر من قولٍ وخُطبةٍ ورسالةٍ كما في قولهِ (ع) {وقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْفُرُوجِ وَالدِّمَاءِ وَالمَغَانِمِ وَالاَحْكَامِ وَإِمَامَةِ الْمُسْلِمِينَ الْبَخِيلُ، فَتَكُونَ فِي أَمْوَالِهِمْ نَهْمَتُهُ، وَلاَ الْجَاهِلُ فَيُضِلَّهُمْ بِجَهْلِهِ، وَلاَ الْجَافِي فَيَقْطَعَهُمْ بِجَفَائِهِ، وَلاَ الجَائِفُ لِلدُّوَلِ فَيَتَّخِذَ قَوْماً دُونَ قَوْم، وَلاَ الْمُرْتَشِي فِي الْحُكْمِ فَيَذْهَبَ بِالْحُقُوقِ وَيَقِفَ بِهَا دُونَ المَقَاطِعِ، وَلاَ الْمَعطِّلُ لِلسُّنَّةِ فَيُهْلِكَ الاُمَّةَ}.
   ما يعني، بعبارةٍ أُخرى، أَنَّ هذه الأَصناف تحديداً من الحُكَّام ينبغي إِزاحتهم عن السُّلطة وإِلّا فانَّهم يجلُبون الدَّمار للمجتمعِ! وهذا ما يحدِّثُنا عنهُ التَّاريخ القريبِ والبعيدِ! فما بالُكَ إِذا اجتمعت كلَّ هذه الصِّفات السيِّئة في شخصِ الحاكمِ وعصابتهِ؟!.
  


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/09/30



كتابة تعليق لموضوع : عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الرَّابِعَةُ (١٠)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net