صفحة الكاتب : د . عبد الخالق حسين

لعبة إستخباراتية أجنبية لضرب الوحدة الوطنية
د . عبد الخالق حسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

نعم، هناك مخططات ومحاولات متواصلة أجنبية قذرة تحاك ضد العراق، ولكن يجب أن نعرف أنه لن يتمكن الأجانب من تنفيذ مؤامراتهم هذه إلا بالاعتماد على العراقيين أنفسهم. فما أن تحقق القوات المسلحة الباسلة بمختلف فصائلها، انتصاراً على الإرهاب الداعشي المتوحش، حتى وتخرج علينا جماعة بلعبة جديدة وباسم المقدسات الدينية والمذهبية لشق الصف الوطني وإرباك الحكومة.

 

تمر هذه الأيام ذكرى عاشوراء نسبة إلى اليوم العاشر من محرم الحرام،  حيث يستذكر فيها المسلمون الشيعة في العالم واقعة الطف التي حصلت فيها مأساة الإمام الحسين وأهل بيته قبل أكثر من 14 قرناً. وهي درس تاريخي بليغ في البطولة، والتضحية بالنفس من قبل أهل الحق في مواجهة وتحدي أهل الباطل. لم يستشهد الإمام الحسين وأصحابه الميامين من أجل توظيف مأساتهم لطقوس مقززة مثل التطبير، وضرب الصدور، وجلد الظهور بالسلاسل، والزحف على البطون، بل لمواجهة الظلم وتحقيق العدالة الاجتماعية. فالمفروض توظيف هذه المناسبة لتثقيف الجماهير بملحمة الحسين الشهيد، والأسباب التي استشهد هو وصحبه الأبطال من أجلها، و تثوير الجماهير ضد الظلم والباطل، ورفع وعيهم، وتقوية اللحمة الوطنية، واحترام أتباع الأديان الأخرى، واحترام الإنسان كقيمة مطلقة، عملاً بقول الإمام علي ابن أبي طالب في خطابه لمالك ابن الأشتر: "إن الناس صنفان: إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق"، المقولة المأثورة التي قال عنها الأمين العام السابق للأمم المتحدة، السيد كوفي عنان: "يجب أن تعلَّق على كلّ المنظمات، و أن تنشدها البشرية)، و اقترح أن تكون هناك مداولة قانونية حول كتاب الإمام علي إلى مالك الأشتر.

 

ولكن الذي يحصل الآن في العراق، وباسم الحسين ابن علي ابن أبي طالب، هو العكس تماماً، إذ يحاول البعض وباسم الحسين وشيعته، المتاجرة بمأساته، بإثارة النعرات الطائفية لضرب الوحدة الوطنية. فقد جاء في الأنباء أن "مصادر المرصد الآشوري لحقوق الإنسان، علمت بانتشار رايات طائفية على أسطح الأديرة والكنائس في مدينة الموصل المحررة من تنظيم داعش... فقد شوهد ارتفاع راية (يا حسين) على سطح دير مار كوركيس التاريخي، والذي يبعد 9 كم شمال مركز مدينة الموصل، والتابع للكنيسة الكلدانية الكاثوليكية، والذي كان قد قام في وقت سابق عناصر تنظيم داعش الإرهابي بتفجير أجزاء منه ملحقين أضراراً كبيرة فيه والمقبرة المجاورة له".(1)

 

ونحن أيضاً نعتبره عملاً استفزازياً مدبراً من قبل أعداء العراق المندسين، يستغلون المناسبات الدينية لتحقيق مآربهم الشريرة. فهل هناك قلة أماكن في العراق لرفع مثل هذه الرايات الحسينية؟ ولماذا الأديرة المسيحية بالذات؟ هل لأن الأخوة المسحيين ناس مسالمين، ليعتبرونهم أضعف حلقة في الشعب، فيسهل على المتصيدين بالماء العكر استهدافهم، واستفزازهم ليعطوا صورة مشوهة عن عراق ما بعد صدام؟

لقد عاش المسيحيون وغيرهم من أتباع الديانات الأخرى في العراق في عهد حكم الإمام علي بأمان وسلام ، ولم يتعرض لهم، أو يضايقهم في ديانتهم وطقوسهم ودور عباداتهم ، فلماذا الآن ونحن في القرن الحادي والعشرين، لا شغل لنا سوى استفزاز من يختلف عنا في الدين والمذهب؟

لقد اتهم البعض مرتزقة إسرائيل والسعودية وراء هذا العمل، وأني لا استبعد التهمة، لأن هاتين الدولتين هما المستفيدتان منه.

 

وقبل هذه الحادثة قرأنا في وسائل الإعلام تقريراً آخر بعنوان: (إفتتاح مدرسة "الامام الخميني" في برطلة/محافظة نينوى) جاء فيه: (شهدت ناحية برطلة بمحافظة نينوى، إفتتاح مدرسة "الامام الخميني  الابتدائية في الناحية من قبل منظمة الخلاني الايرانية، و بإشراف مباشر من القنصل الايراني. وأضاف المراسل، أن هناك مدرسة أخرى قيد التنفيذ في برطلة ايضا.)(2)

 

والسؤال هنا: لماذا في الموصل حيث أغلبية السكان من أهل السنة حيث مازالوا يعانون من جرائم داعش، أليس هذا لأجل إثارة الفتن الطائفية؟

لذلك نرى من واجب السلطة والقوات الأمنية أن تمنع مثل هذه الأعمال الاستفزازية، لأن الغاية منها شق الصف الوطني، وتمزيق الشعب بإثارة النعرات الطائفية في الوقت الذي نحن بأمس الحاجة إلى الوحدة الوطنية، لمواجهة الإرهاب والفساد. وعلى وزارة الخارجية العراقية مطالبة الحكومة الإيرانية، إذا كانوا فعلاً  حريصين على وحدة العراق وسلامته، أن يحترموا حساسية الشعب العراقي، المتعدد الأعراق والأديان والمذاهب، بأن يوقفوا أي عمل من شأنه إثارة الفتن الطائفية، مثل نشر صور الرموز الدينية الإيرانية، وبناء مدارس بأسماء هذه الرموز في العراق... وإلا فهي تفتح أبواب الجحيم على نفسها وعلى العراق من قبل أعداء العراق وما أكثرهم.

 

حقاً ما قاله أبو العلاء المعري قبل ألف عام:

إن الشرائع ألقت بيننا إحنا      وعلمتنا أفانين العداواتِ

 

abdulkhaliq.hussein@btinternet.com 

http://www.abdulkhaliqhussein.nl/

ـــــــــــــــــــــــــ

روابط ذات صلة

1- مرصد آشوري يدين رفع راية حسينية فوق أحد أديرة الموصل ويعده "استفزازاً"

http://www.sahafahn.net/show1573880.html

 

2- إفتتاح مدرسة "الامام الخميني" في برطلة/محافظة نينوى

http://www.alkawthartv.com/news/93602


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . عبد الخالق حسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/10/03



كتابة تعليق لموضوع : لعبة إستخباراتية أجنبية لضرب الوحدة الوطنية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net