صفحة الكاتب : عباس العزاوي

اين الهمجيّة في مصرع القذافي؟
عباس العزاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

وهكذا تهاوى ديناصور آخر تحت ضربات الاستحقاق المنطقي للانقراض والدورة الطبيعية للحياة بصرف النظر عن اختلاف طريقة واسلوب النهاية, صورة تقطّع نياط قلوب مجرمين وموالين وقومجية فاشلين , عرضتها شاشات العالم في خبر سقوط القذافي الذي حكم ليبيا 42 سنة بقبضة من حديد ونار, وهو مضرج بدمه في حالة رعب وخوف شديدين وهو يردد... خيركم ... خيركم ... شنو فيه ....شنو فيه!!! ان الرجل يتسائل عن سبب هذه الاضطرابات والحشود كأنه كان في غيبوبة  طويلة امتدت لسنوات حكمه التعسفي, ولم يستفق من عالم المارجوانا السلطوي وسحر ماتركه من جنات ونعيم واموال وبنين الا لحضة وقوعه بيد الثوار.
كان لهذا الخبر المثير والهام في الصحف العربية والعالمية الاثر الكبير في تباين الاراء كما هي العادة خصوصاً في الشرق الاوسط , بين مؤيد ورافض لطريقة اسقاطه وتدخل الناتو( دعم خارجي ) بغطاء ودعم جويّ فعّال ساهم بشكل كبير في شل حركة كتائب القذافي ومرتزقته الافارقه التي اوشكت في بداية المعارك على استعادة بنغازي المحررة وسحق الثوار واحراقهم امام العالم,  وبالتالي انحسار هذه القوة التي راهن عليها الرجل في خطاباته وتقهقرها الى اخر ساحات الصراع في مدينة سرت مسقط رأس القذافي , ربما يحاول بعض المهرجين واتباع مدرسة السرك العربي السيئ في اداءه وفعالياته ابعاد فكرة التدخل الخارجي لاغراض معروفة.
اما قضية تصفيته جسدياً وبتلك الطريقة العفوية او المفتعلة حسب بعض المراقبين, فقد اثارت الكثير من اللغط فهناك من وصف القضية بانها مجرد اوامر جاءت من حلف الناتو لبعض رجالاتهم لاسيما والاخبار التي اشيعت عن وجود قوات اجنبية على الارض ـ خبر ضعيف ـ  تساند الثوار وحتى لايكشف الزعيم الليبي الكثير من الاسرارالتي يعرفها حسب زعمهم...مع ان صنوه في القتل والاجرام حضي بمسرح اعلامي كبير وبخدمات نقل مباشر لم يحلم بها  المرحوم مايكل جاكسون في اوج تألقه, ولم يقل طاغية العراق اي شئ له قيمة سوى اكمال لمسلسل خطاباته العنترية الفارغة.... واطلق لها السيف وليشهد لها زحلُ .... ولم ادرك حتى هذه اللحظة ماعلاقة زحل بسيفه " المزنجر ". فهل من مُدرِك!!؟
لكن يبقى وحسب تحليلي الشخصي , ان لسخونة الاجواء القتالية واستمرار فترة انتظار اللحظة الحاسمة التي كان يصبوا اليها  ابناء الشعب الليبي المقهور طوال الاشهر الماضية من القتال الشرس لها الاثر الاكبر في تصفية هذا المعتوه فور القاء القبض عليه  وبهذه الطريقة المخيفة التي رأيناها, لكي يفوتوا على جمعيات حقوق  الانسان (الحيوان) المتربصة بالضحايا دائما التصدي وجمع الاموال من ( الانسانيين حد اللعنة) للدفاع عن هذا الديناصور المنقرض افتراضيّاَ من جهة ويريحون رؤوسهم من جلسات المحاكمة والخطابات والعربدة القذافية من جهة اخرى وربما امكانية خلاصة من الحكم العادل , بسبب حالته الصحية التي بالتاكيد سوف تتدهور فور سقوط نظامة وسقوط صبغه ( شعره) كما حدث مع طارق عزيز وبرزان التكريتي وسعدون شاكر.
اما صوت العقل والحكمة تحت ظلال البنادق وهدير المدافع وازيز الرصاص فلامكان لهما بالتاكيد! . لان خيالنا كمراقبين محايدين او متعاطفين خلف شاشات التلفاز لايتسع لحصرسنين طويلة من الالم والقهر والموت الذي مر بها الشعب الليبي خلال اربعة عقود, لاننا وبصريح العبارة لم نشاهد وحشية القذافي وبطشه , لكننا راينا نهايته الدموية وهي اقل مايمكن ان يناله مثل هذا الهمجيّ المجنون... واهل ليبيا ادرى بجلادها. وانا كعراقي عاش تحت حكم البعث وممارساته البشعة من قطع الالسن ووشم الجباه  واحواض الاسيد والمقابر الجماعية والحروب النيابية  والقتل على الشبهة والنيه ,لااجد اي بربرية او وحشية في نهاية زعيم ليبيا السابق, ولم يكن ليحضى صاحبه المقبور بحفاوة افضل فيما لو كان قد سقط بيد الثوار العراقيين في انتفاضة1991, والفضل لاصاحبه الامريكان في توفير حماية له من بطش اهالي الضحايا وتمتعه بمحاكمة بعد سقوط نظامة 2003  لم يحض بها ايٌّ من معارضيه.
 لكل العرب ان يروا في هذا الرجل ـ القذافي ـ  بطلاً قومياً  كصاحبه كما ورد في تعليقات بعض المهووسين على خبر مصرعه في صفحة قناة الجزيرة او محاولة احد المرتزقة  في الاردن الانتحار حزناً عليه والمطالبة بجثته "المباركة " لتحل بركات هذا الملتحق بقوافل " القديسين " على الاردن وشعبها, اوقدوم ابنت الخيروالدلال  عائشة القذافي الى العاصمة عمان مع مدخراتها واموال الشعب الليبي المسروقة  لاسيما والازمة الاقتصادية التي تمر بها الاردن وربما تأسيس جمعية خيرية مع رفيقتها ابنت المقبور صدام تسمى "جمعية بنات الطغاة الخيرية " لدعم المطبلين والرادحين على انغام الدولار.
للعرب مايتقنون ومايحسنون في تمجيد الطغاة والبكاء عليهم , لكن للعراقيين موالاً اخر لايقل شجناً وألماً عن الاغاني الحزينة للشعب الليبي المظلوم , فلا سبيل للمزايدات الانسانية عليهم , هم عاشوا عذاباتهم لوحدهم فدعوهم يعالجون جراحهم بطرقهم الخاصة.... ثم ان هذه هي قواعد الثورات الشعبية في كل انحاء العالم ...  جنون  واضطراب  وفوضى ... والشعب الليبي ليس استثناءاً , وفي الحب والحرب كل شئ مباح!! وفي الايام القادمة سنشاهد باعيننا ماسوف يكشف لنا الليبيون انفسهم عن مآسي وكوارث مرت بهم ومقابر جماعية والسحل في الشوارع  للمعارضين وقصص ربما ستكون اقرب الى الخيال.
وفي الختام اقول .. الف مبروك للشعب الليبي البطل خلاصه من جلاده  ومبروك لاهالي الضحايا والشهداء الذين سقطوا في طريق التحرير , وتحية لكل الجباه السمر التي حرقتها الشمس دلال الاشهر الماضية وهي تقاتل ضد أعتى طغاة  العرب بعد صدام ومبروك لكل الاحرار في العالم سقوط مستبداً آخرممن استعبدوا شعوبهم ودمروا بلدانهم ونهبوا خيراته.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عباس العزاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/10/22



كتابة تعليق لموضوع : اين الهمجيّة في مصرع القذافي؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 2)


• (1) - كتب : عباس العزاوي ، في 2011/10/23 .

اخي العزيز احمد الموسوي
شكرا لتعليقك ومرورك الكريم , هذه الماركة تحصيل حاصل وليس نتاج اليوم بقراءة بسيطة للتاريخ نجد ملامح هذه الطباع منتشرة فيه , عندما نبنبي الانسان قبل الوطن عندما نحب احدنا الاخر ونحترم الخلاف والاختلاف سنخلص من هذه الماركة ...... مع مودتي وتقديري

• (2) - كتب : احمد الموسوي ، في 2011/10/22 .

القادم هو بشار الأسد بأذن الله لتتنظف المنطقه من كل بعثي قومجي ....الحساب يأتي على حجم القهر والعذاب ولكن يبقى السؤال.... هل سيأتي يوم نتخلص فيه نحن العرب من ماركة سحل الحكام ؟؟؟؟؟
تحياتي





حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net