صفحة الكاتب : وليد كريم الناصري

رحلة على قارعة الحُسين
وليد كريم الناصري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بان مشيب الليل, ونعقت النوارس على شاطىء الفرات، فتزاحمت التجاعيد حول جفون القدر، وتقاطر القضاء دما، تفيض من حوله شواطىء الدهر،حل الصباح محدودب الظهر, فارع الشمس، يَعبُل بين كتفيه سياط ملؤها الغيض والفيض، تُجلد بها ظهور الأنبياء، فيرسم صورة الإنكسار على وجه الدنيا, يلونها الهوان والعذاب, ويستجمعها شَجوَ نِسوةٍ كانت ترى العز والكبرياء راكع على أبواب بيوتها, فَناءَ ألحمي عنها غائبا, والعِز مُغيبا, والكبرياء صورة يُغيرُ ألوانها هوان الدنيا ودائرة الزمن.

هَوادجٌ مُحَمَلَة, وأباعرَ تَحديَ بإكتإب, ورؤوسٌ فوق الرماحِ مُعلقة, تتطاير عليها شظى نظرات النساء والأطفال, لتلمح الأمل, وتستطعم السكينة وتبرُد حرارة التعب والشَقاء, فتنبحها السياط, بألمٍ أرخى دموعها, وأوجَعَ أطرافها, التي طالما تهربُ تحتها من الزجر والتنكيل, فكأن الدنيا توقفت, والرؤوس قد غضبت, لكن أمر الله حال بينها وبين......!

إسْتَرَقَت الشمس من الجحورِ ظَلامُها, ومن البيوت سُباتهُا, ومن ألناسِ قَلُوبِهم, فتيبست أعوادهم, بين متفرجاً و شامت, وناقم وراحم, فتنبههم صوتاً عظيم, إستذكروا فيه ألحان ألسماء, وترنيمة الوحي, ونُطق ألأنبياء.
صوت إمرَأة وليس كُل ألرجال مثلها, كانت كالنبي بين قومه, أعياه كُفرهم وأصبَرَهُ عليهم أيمانه بما يعتقد, صوت حبيبة "الحسين" بنت الزهراء ( زينب عليها السلام ), كانت عصى موسى التي أفكت سحر يزيد وحزبه, وفجرت بحر الندم دموعا بأعيُن الكوفيين, وقادت معركة التأنيب في معسكر ضمائرهم, فتناثرت جثث الدموع والندم على أرصفة مخاوفهم, فَدَبُرَ الشامتون ونًدِمَ المتفرجون, وبَطُلَ سحر المارقون.
إنقضى ذلك أليوم ألرهيب, وراحت الشمس تختبئ وراء خمارها ألأحمر خجلاً, بعد إن صهرت رؤوس النساء, ويوافيخ الرضع والأطفال, ليخط ألليل لوحة الظلام القاتل, ويعلن عن رحيل ذاك الضجيج المدوي في مسامع النساء والأطفال, فتوطنوا خِراب الكوفة, وأفترشوا الثرى, والعطش والجوع ينهش أجسادهم الصغيرة الرقيقة الجميلة, فيكفنوا أوزار التعب والمشقة, بكفن الرجوع ألى الله والصلاة, ويدفنوها تحت دوي مناجاة السماء.
سكنت أجسادهم, وتعالت همساتهم, وسهرت دموعهم على ساح خدودهم ألحمراء,وَهَوَمَ الأطفال كُلٌ يحتضنُ أخيه, بعد إن أرهقهم الصراخ من ألم السياط, فكانت أوجاعهم تملئ قلوبهم, فسكنوا قليلاً ليدفنوا أوزار السبي تحت أجسادهم, فهموا بنوماَ ماطال إن أيقظتهم سياط الجلادين,لتبدأ ألرحلة من جديد مع صباحاً أخر نحو بيوت الشام.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


وليد كريم الناصري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/10/07



كتابة تعليق لموضوع : رحلة على قارعة الحُسين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net