صفحة الكاتب : السيد محمد حسين العميدي

الحوار المعاصر الدورة الخاصة بالشبهات حول الاجتهاد والتقليد (الحلقة الثامنة)
السيد محمد حسين العميدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

البديل المطروح من قبل المدعي

نتناول في هذه الحلقة البديل الذي يطرحه المدعي عمليا على فرض ترك تقليد الفقهاء، فإن المكلف سيبقى بحاجة الى معرفة الحكم الشرعي، لأنه مستمر في عباداته ومعاملاته مادام مكلفا وعلى قيد الحياة، فكيف يصنع إذا ترك تقليد الفقهاء؟

يقول المدعي أن على المكلف الرجوع الى كتب الحديث والرواية، وأخذ الاحكام منها مباشرة، من دون توسط الفقيه، فهل هذا الخيار عملي ومتاح للجميع؟

مثال:

ذكرنا في حلقة سابقة مثالا وهو أن المكلف قد يشتبه في الصلاة بين الركعة الاولى والثانية، وعلى طريقة المدعي فإن عليه أن يرجع الى كتب الرواية، الى كتاب الكافي مثلا أو التهذيب أو الاستبصار أو غيرهما، وهنا خطوات على المكلف أن يجتازها ليصل الى الحكم الشرعي؟

الخطوة الأولى : بما أن كتاب الكافي الأصلي الذي كتبه الشيخ الكليني اعلى الله مقامه غير متوفر وليس بين يدي المكلف، وإنما الموجود هو نسخة منه مطبوعة من نسخ مخطوطة عن نسخة المؤلف، فيجب على المكلف أولا أن يتأكد من مطابقة النسخة المطبوعة للنسخة أو النسخ المخطوطة المتعددة لكتاب الكافي، ومعالجة المواضع التي يكون فيها تردد أو شك لعدم وضوح الخط أو نقص في صفحات بعض المخطوطات أو تلفها أو غير ذلك من علل ولا شك أن هذه الخطوة تحتاج الى خبرة كبيرة لأنها فن وعلم يتم تدريسه ولا يمكن نيله والتمكن منه الا بتحصيل ودراسية ذلك وكسب المهارة فيه، والمكلف هنا إما ان يعمل على تحصيل ذلك أو الاعتماد على أهل الخبرة في هذا المجال الثقات المأمونين.

الخطوة الثانية : مقابلة النسخ المخطوطة بعضها مع بعض قبل الاخذ منها والطباعة، لأن النسخ الاصلية التي كتبها المؤلف بيده غالبا لم تصل الينا، وإنما الواصل الينا نسخ مخطوطة نسخت عن النسخة الاصلية او نسخت عن نسخة منها، وكتبت في أزمنة مختلفة، وقد حصل بسبب ذلك اختلافات في النقل الخطي بحسب جهد الخطاط والناقل للنسخة في فهم واستيعاب خط النسخة الاصلية، وهنا أيضا يجب على المكلف إما تحصيل المهارة في مقابلة النسخ المخطوطة وهو فن يتم تدريسه وله أصوله وقواعده، أو الاعتماد في هذا على أهل الخبرة في هذا المجال الثقات المأمونين.

الخطوة الثالثة : المقارنة بين الروايات الواردة في نفس الباب والموضوع التي رواها الشيخ الكليني مع ما رواه الشيخ الصدوق في كتابه من لا يحضره الفقه وكتبه الروائية الأخرى كالخصال وثواب الاعمال وغيرها، وبين ما أورده الشيخ الطوسي في كتابيه التهذيب والاستبصار وكتبه الاخرى، وهذا بعد تنقيح النسخ المطبوعة والمخطوطة فيما أورده الشيخ الكليني والشيخ الصدوق والشيخ الطوسي في كتبهم الروائية ، وهنا لابد من معالجة التعارض الذي قد يكون في النقل عن أقوال المعصومين عليهم السلام بين هذه الكتب المختلفة، وأيضا هنا لابد للمكلف أن يحصل المهارة والقدرة الكافية في هذا المجال والذي يعتمد على قواعد وأصول لابد من دراسته وتعلمها، أو الاعتماد في ذلك على أهل الخبرة في هذا المجال الثقات المأمونين.

ملاحظة: لاشك أن كل واحد من المؤلفين للكتب الروائية كالشيخ الكليني والشيخ الصدوق والشيخ الطوسي وغيرهم لم يرو جميع الروايات التي سمعها أو وصلت اليه، وهذا يدل على أنه قام بترجيح ذكر الروايات دون غيرها، وهذا يعني أن كل واحد منهم قد اجتهد في اختياره وترجيحه هذا، وعليه فإننا ابتعادنا عن زمن المعصومين عليهم السلام يجعلنا نعتمد شئنا أم أبينا على لزوم الاجتهاد والتقليد لتحصيل الحكم الشرعي، وهنا لابد أن يكون للمكلف الخبرة الكافية لتشخيص هل أن ترجيح الشيخ الكليني وغيره هل هو تام وله حجة شرعية تبرأ الذمة أمام الله تعالى أم لا، وعلى المكلف أن يستحصل هذه الخبرة والمعرفة من خلال دراسة القواعد الأصولية والرجالية والروائية وغيرها، أو الاعتماد في ذلك على أهل الخبرة في هذا المجال الثقات المأمونين.

وعلى فرض أن المكلف قد ترك تقليد الفقهاء المعاصرين واراد أن يعتمد على الكتب الروائية مباشرة فهو بلا شك وبالضرورة سيكون مقلدا لمؤلفي هذه الكتب شاء أم أبى في اختيارهم لهذه الروايات واهمال غيرها، فهو لن يخرج عن ربقة التقليد مهما فعل.

وللكلام تتمة تأتي في الحلقة القادمة ان شاء الله ..


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


السيد محمد حسين العميدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/10/11



كتابة تعليق لموضوع : الحوار المعاصر الدورة الخاصة بالشبهات حول الاجتهاد والتقليد (الحلقة الثامنة)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net