صفحة الكاتب : نزار حيدر

أَلذِّكْرَى [الأَربَعُونَ] لانتِفَاضَةِ [ الأَرْبَعِينَ] [٦]
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   [أَحكام قَراقوش] هل سمعتُم بها؟!.
   هي مضربُ مَثلٍ تجري على مَن يُصدرُ حكمهُ بَيْنَ المتخاصمينَ بطريقةٍ عجيبةٍ وغريبةٍ ومُضحكةٍ حتَّى أَلَّف أَحدهُم كِتاباً بها سمَّاهُ [الفاشوش في أَحكام قراقُوش].
   لقد حكمَ الطَّاغيةُ الذَّليل صدَّام حسين بلاد الرَّافدين [٣٥] عاماً بهذهِ الطَّريقة! ومن أَمثلتِها الصَّارِخة الأَحكام الجائرة التي صدرت بحقِّ المشاركينَ في إِنتفاضةِ صفَر !.
   فقد نقلَ لي الابن البِكر لآية الله الشَّهيد السيِّد محمَّد باقر الحكيم [العلَّامة الحُجَّة السيِّد صادق الحكيم] عن والدهِ الشَّهيد قُصَّة الحُكم بالسِّجن المؤَبَّد الذي صدر بحقِّهِ في المحكمةِ الصُّورِيَّة التي عُقدت في بغداد في [٢٤ شباط ١٩٧٧] يقولُ؛
   لقد نقلَ لي الوالِد (قُدِّس سِرُّه) عن قصَّة مُحاكمتهِ في ذلك اليوم، قولهُ؛ إِنَّهُ كانَ مُعتقلاً، ولم يحضر جلسة المُحاكمة، ولم يعلم بالحُكمِ الذي صدرَ ضِدَّهُ إِلّا وهوَ في طريقهِ إِلى سجن أَبي غْريب، ففي السيَّارة التي أَخذوهُ بها إِلى هناك أَخبروهُ بالحُكمِ ومدَّة السِّجن!.
   صديقٌ صدوقٌ آخرَ كتبَ لي القصَّة التَّالية عن الشَّهيد البلاغي يقولُ فيها؛
   في سردِ هذه الذِّكريات الخالدة عن الانتفاضة وتضحيات المُنتفضين هناك حقيقةٌ مهمَّةٌ لا بد من الإشارةِ إِليها هنا وهي؛ أَنَّ الشَّهيد محمَّد سعيد البلاغي [الذي كان صديقي في الدِّراسة وكنَّا نسكن في محلَّةٍ واحدةٍ] لم يكن هو المطلوبُ الحقيقي للنِّظامِ وأَزلامهِ فلقد تمَّ اقتيادهُ  بالخطأ إِلى السِّجن ومنهُ إِلى ساحةِ الإعدام! أَمَّا المطلوب الحقيقي فكان ابْنُ عمِّهِ الذي يحملُ نفس الاسم الأَول والَّلقب [محمَّد البلاغي] والذي إِختفى عن الأَنظار عندما علِمَ بخبر إِعتقال أَزلام النِّظام الديكتاتوري لابنِ عمِّهِ! ليتركَ العراق فيما بعد إِلى دولةٍ مُجاورةٍ ومنها إِلى إِحدى الدُّوَل الأُوربيَّة ليستقرَّ فيها!.
   بهذهِ الطَّريقة القراقوشيَّة حكمَ الطَّاغيةُ الْعِراقَ!.
   وكلُّنا نتذكَّر مجموعة [الأَربعين] الذين أَعدمهُم الطَّاغية بتُهمةِ التَّلاعب بالعُملةِ الوطنيَّة ليكتشفَ فيما بعدُ خطأ الحُكم! فأَعادَ الطَّاغيةُ لهُم الاعتبارَ فأَطلق عليهِم إِسم [شُهداء الغَضب]!.
   ومن بابِ الشَّيء بالشَّئ يُذكر، تذكَّرتُ الآن قصَّة شقيقي الذي اعتقلهُ أَزلام الطَّاغية [وكان عمرهُ وقتها لم يتجاوز السنِّ القانوني] والذي سردَ لي قصَّتهُ بالقولِ؛
   وقفتُ أَمام القاضي في محكمةٍ صوَريَّةٍ، وبعدَ دقائقَ من النَّظر في ملفِّ قضيَّتي رفعَ راْسهُ وخاطبني بالقول؛ أَنتَ مُطلَقٌ سراحَكَ! فاستبشرتُ خيراً! ولكن في هذهِ الَّلحظة وقعت عينُ القاضي على إِسمكَ المُدوَّن في الملفِّ [نـــــزار حيدر] [وقد كنتُ مطلوباً للطَّاغيةِ بَعْدَ إِصدار ِزبانيتهِ (٣) أَحكام غيابيَّة بالاعدامِ في ثلاث قضايا سياسيَّةٍ] فسأَلني القاضي [يُضيفُ شقيقي الأَصغر]؛ وماذا يَكُونُ منكَ هذا الاسم؟! أَجبتهُ؛ شقيقي! فضربَ القاضي بيدهِ على الطَّاولة وَقَالَ بعصبيَّةٍ واستنكارٍ؛ شقيقُك؟! لقد حكمنا عليكَ بالسِّجن مدة [٧] سنوات بتُهمةِ [التَّستُّر]!. 
   أَمّا في عام [١٩٧٥] عندما اعتقلَ أَزلام النِّظام الديكتاتوري مجموعةً من الشَّباب الرِّسالي في مدينتَي كربلاء المقدَّسة والنَّجف الأَشرف، فقد ذكر لي أَحدهم ممَّن كان نصيبهُ السِّجن المؤَبَّد يقول؛
   في ذلك اليوم أَخرجنا السجَّانونَ إِلى ساحةِ السِّجن وطلبوا منَّا أَن نصطفَّ كطابورٍ طويلٍ! وكانَ عددُنا حوالي [١٠٠] مُعتقل! وأَخبرونا بأَنَّ القاضي سيحضر الآن للنَّظر في قضاياكُم وتبليغكُم الأَحكام التي سيُصدرها بحقِّكم!.
   جاءَ القاضي، ووقفَ أَمامنا، وبرمشةِ عينٍ أَصدرَ أَحكامهُ كالتَّالي وبصوتٍ عالٍ؛
   من أَوَّل واحِد إِلى صاحِب القميص الأَحمر، يُطلَق سراحهُم! ومِن صاحبِ القميص [المُنقََّط] إِلى صاحب بنطلون الجينز يُحكَم عليهِم بالمُؤَبَّد! ومِن صاحب الجاكيت المُخطَّط إِلى أَبو الشَّعر الأَصفر يُحكم عليهِم بالسِّجن [٥] سنوات والباقين سنة واحِدة!.
   أَلم أَقل لكُم [أَحكام قراقوش]؟!.
   ٣١


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/10/31



كتابة تعليق لموضوع : أَلذِّكْرَى [الأَربَعُونَ] لانتِفَاضَةِ [ الأَرْبَعِينَ] [٦]
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net