جدلية المنظور والمستور في جماليات عبد الرحمن سالت
د . حازم السعيدي

رمزية عالية ...ضربات فرشاة...موج تائه...لعبة القدر ...كلمة نارية ...افاق متناهية ...حوار متعري ...اطفال ونساء ورجال في تجلي صوري لاكثر من دعابة ووجد وجد توصف اعمال (عبد الرحمن سالت) كأنها سحابات ذكريات وامال طامعين بليل هادىء تتفوه ندية صارخة انا هنا ...في الفنون عادة ما يذهب المتلقي الى ابصار وتبصر ما يريده ولن تخضع منطقة جمالياته او ذائقته لغير التحليق في فضاء مهوساته هو يرسمها يكتبها يحاكيها يزاوجها يجبرها على الحياة  ,  اذ ان فنون وتشكيلات (سالت) توثق سبل الاستمرار على رمال البحر كا قدامه الماشية وانامله الساكبة وان خالطتها سيول وجروف وضفاف طرية فيقرأ اللعب بخامات الاكريلك والطبشور والزيت الا انها ستبقى صريحة في انه ينأى بالاعيب  مخيلاتية الصبيانية التي تصبو مرة الى ظاهرها المعلن واخرى الى باطنها المستتر ,حيث اتسم الفكر لديه بالموضوعية الجمالية وتجريداتها وغالبا ما تطابقت في اشكالها المنفلتة على سطوح تصويره , فهو يتلمس اشراقة ما ويرسم عالمه الرمزي بروحه , وينمط جدلية في الصراع الراحل الى ماضيه ويريد بنا نحن عوالمه النقدية ان نرحل معه نشاطره نقاسمه بيتا من خيوط واهية  نتعقبه كما يقول (هيغل) نتسيده فلسفة لاستطيقيا تأويلية تأملية حبلى بمضامين عاطفية , اشكاله اللونية والخطية منداة بالمتغير اللحظي لن تتوقف لن تتشبث بالبقاء طويلا انها اكثر من وعي وحرية وحيوية اقرب الى نبت الروح فتنمو , هكذا تولد تشكيلاته في سلسلة عقلية تهالكه وتبلور تصوراته لغيره , تتحكم في اليات ديالكتيكه الابداعي من خلال نسقية المتحول وحوارية منظوره , فتصعد بمتلقيه الى المدرك الحسي وتحاكيه بمدرك عقلي , بمعنى ان الوعي عنده لايتجاوزه لكنه يتجاوزنا فتبعث قدراته على الخلق في نسخ لصورة تتحدث بلغة ابستيم كلما امسك بريشته فلا مناص من موضوعاته المنتجة للروح والجمال , رغبة منه في التعبير عن قضايا امته وعصرها فيكشف عن تناقضات البشاعة والرتابة والاخلاق وفق منهج ديالكتيكي .
ولعل الفنون بمجملها تعكس تمظهرات العالم المحيط بالفنان وتجسد ارادته الذاتية وهي بالتالي ردة فعل لمخاضات العقل ومخيالاته  فضلا عن تقويضها لمركز العقل والتأثير عليه من اجل تحقيق غرضه في التجربة الجمالية في الموضوع المستل من زوايا الذاكرة بعد ارشفتها , ويذكر (رينولدز )الباحث في علم الجمال ان مستوى الفنان في صناعته الصورة بعدم الحكم على العمل الصوري الفني من خلال عنصر اوحد , الا ان الموضوع في رأينا لا تحده قيمة معينة بل هو يبقى رفيعا من الوجهة الاخلاقية على الرغم من تفاهته وبالتالي لا يمكن فهم العمل الفني الا من خلال جاذبيته الحسية وارتباطاته التخيلية وبنيانه الشكلي ,عليه ان الاستتيك في مايقدمه (سالت)محاولة التوغل في المجهول الذاكراتي يقدمه لنا ببركانية عالية الحمم ويراد به الوصول الى الحقيقة حقيقته هو لا نحن وبذلك استدعا فينا منهجا للتحليل اعتمد منطق التطبيق والتقسيم العقلي , ومنهج اعتمد لغة آنية استبطنت اشياءها .الا انه اخبرنا بما يريد من وجدانية عاطفية وصلتنا في رسائله المتشابه في العديد من لوحاته وفقا لتسلسل المنظومة الفكرية المعرفية , عليه ان التأملي والخيالي لديه هو نسخ من الواقع السوي شكل صياغة صورية بايولوجية ذهنية ترتقي الى النشاط المفرط في الانتاج المثلي , نخاله احيانا ارتباط  ارثي او سايكولوجي الا انه غير ذلك انه اسلوبية في الجدل المنظور والمستور وكلاهما يوحي بالتعبير عن قادم الذات لا عن سابقها وباعتقادي ان اعماله ترتقي لزمن الانا الجمعي لا الفردي ويتصف بالمثالية التطهيرية .
 

الموضوع السابق رواية من زمن العراق ح ٣٥ رصانة التربية وحفظ المقامات

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat